كاظم خليل في غاليري رفيا: يستطيع الفنان أن يحوِّل المادة الخام إلى كائن حي

09 شباط 2010

اُفتتح في غاليري رفيا للفنون التشكيلية معرض للفنان السوري كاظم خليل، وذلك مساء يوم الجمعة 6 شباط 2010، ويستمر حتى 4 آذار. قدَّم خليل في معرضه حوالي 24 عملاً مشغولاً من مادة القهوة كخامة رئيسية، حيث نستشعر في هذه الأعمال الفنية بالقيمة اللونية للقهوة بتدرجاتها المرتبطة بالحالة النفسية مع فكرة العمل ككل، فتتجانس أعماله بطريقة عفوية ما بين التدرجات اللونية لمادة القهوة وبين الأفكار التي يتطرق لها، كاشفاً لنا عن عوالم إنسانية مضطربة تجسد حالة من القلق والضياع. ففي هذه الأعمال لا نشتم رائحة الهدوء النسبي الذي نشعر به عند ارتشافنا لرشفة من قهوة، بل نقف عند حقيقة ما يحيط بنا من خوف وعزلة لا متناهية، جراء واقع مرير يزاد بؤساً فيما يتسع ظلام حالك مترامي الأطراف.

«اكتشف سورية» حاور الفنان كاظم خليل، وسألناه عن قدرة الفن التشكيلي في استيعاب خامات جديدة يمكن أن تخدم فكرة الفنان، فقال:
لا أكتفي بتقديم عملٍ فني فقط، ولكن مهمتي أيضاً أن أبحث عن خامة تخدم ما أصبو إليه. فأنا هنا أستخدم مادة القهوة (أو تفل القهوة) مع إضافة مواد لاصقة وطبيعية لتثبيت هذا العمل. عموماً مادة القهوة ليست بمادة كلاسيكية في العمل التشكيلي، ورغم ذلك فأنا أعمل عليها منذ عشر سنوات، ولكن سبق لي أن استخدمت الحناء والخيش والتراب في أعمال سابقة، وهي محاولة لتحرير المادة من قيمتها الاستهلاكية أو النفعية، ومحاولة اكتشاف حقيقة القيم البصرية والجمالية الموجودة في هذه الخامات.


الفنان التشكيلي السوري كاظم خليل

إن استخدامك لمادة القهوة يفتح الباب أمام خامات جديدة في العمل التشكيلي. هل نستطيع أن نقول أن لكل خامة عوالمها التشكيلية؟ خاصة بما تملكه من إحساس لوني خاص بها؟
نعم، لكل مادة خواصها الفيزيائية والكيمائية، وعلى الفنان أو الباحث -وحتى الطفل الذي يلعب بها- اكتشافها وإعادة ترتيبها أو إعادة خلق مفردات عناصر هذه المادة من برودة وحرارة وصلابة أو هشاشة. وفي المحصلة، نحن نستطيع أن نعطي قيمنا ومفاهيمنا للمادة الخام لتتحول من مجرد مادة إلى كائن حي. أما بالنسبة لمادة القهوة في العمل التشكيلي، فهي مادة غنية من الناحية اللونية والبصرية، وبرأيي لقد سبقَتنا أمهاتنا في اكتشاف خصائص هذه المادة من خلال قراءة الفنجان. لذا أنا أعتبر أن السيدات اللواتي يقرأن الفنجان بأنهن قارئات لعمل تجريدي بحت، وهن قادرات على اشتراح رموز تشكيلية معقدة، وبغض النظر عن قناعتي بمبدأ التبصير، فإنه بحد ذاته عمل فني خلاق.

العمل الفني انعكاس حقيقي لحالة الفنان النفسية. ما وجه التشابه بينك وبين هذه الأعمال؟
هنالك تشابه كبير، فأنا وبشكل شخصي قلق جداً وخائف، أعيش في زمن صعب وخاصة بما تشهده هذه البقعة من العالم من اضطرابات وحروب. إنني خائف بوجود هذا الكم الكبير من القنابل الكيماوية والنووية والعنقودية والفسفورية .. إلخ. إن هذه الأعمال صرخة احتجاج في وجه كل هذه الحروب والتهديدات التي تحيط بنا، وقد انطلقتُ من باريس حيث قامت وزيرة البيئة الفرنسية بافتتاح معرضي هناك.

النحات أكثم سلوم

من جانبه يقول النحات أكثم سلوم عن المعرض: «يستطيع الفنان توظيف وتطويع أي مادة في عمله الفني إن كانت بالرسم أو النحت، وهنا تكمن مهارة الفنان كاظم خليل في توظيف القهوة في عمله الفني بطريقة تخدم تفكيره وإحساسه الداخلي. بالعموم أنا لستُ ضد توظيف هذه الخامة في العمل الفني فلدي تجربة في خامة "النسكافيه" التي وظفتُها في عملي الفني، فلكل خامة حساسيتها الخاصة. أما بالنسبة لعمل الفنان كاظم خليل في هذا المعرض، فإنني أرى تكوينات متقنة تنم عن نحات ومصوِّر في الوقت نفسه».

والتقينا الفنان العراقي تحسين الزيدي الذي يقول: «ما يميز هذه الأعمال هي العفوية التي أراها من خلال هذه التكوينات، وخاصة بوجود مادة محايدة ومريحة للعين. ورغم بساطة الخطوط أرى قوة في التعبير، إضافة للون الأبيض الذي اتسم بحيادية مطلقة وملائمة مع اللون الأساسي للوحة وهو لون مستمد من مادة القهوة، والتي استطاع الفنان أن يشكل منها تدرجات لونية أغنت العمل الفني».

النحات السوري ماهر علاء الدين

من جانبه يضيف النحات السوري ماهر علاء الدين: «معرفتي بالفنان كاظم خليل تعود لـ25 عاماً، حيث عملنا في مرسم واحد في مدينة اللاذقية، وعشنا من خلاله تجربة الفن منذ ذلك الوقت. ففي بداياته، اشتغل على البورتريه، وأذكر أنه رسمني في أكثر من مئة لوحة إلى أن هاجر إلى فرنسا، لتبدأ مراسلاتنا عن طريق الإيميل، والآن أشاهد هذه الأعمال التي تعامل من خلالها مع مادة القهوة وهي أعمال تتسم بالقوة والعفوية وخاصة أنه يعمل على الجسد بكل أبعاده الحسية الداخلية. كاظم يعيش حياة الفنان الحقيقية، وهذه الشخصية تنتج الفن بشكل مبهر، وهذا ما نشاهده في هذه الأعمال التي تعكس حالة القلق وعدم الاستقرار التي يعيشها نتيجة اغترابه عن بلده وأهله وأصدقائه».

وفي النهاية، التقينا الفنان النحات حسن حلبي الذي قال: «يعمل الفنان كاظم خليل على الإيقاعات الداخلية بجمالية اللون الواحد، وهو من الفنانين القلائل الذين يعملون على أحادية اللون. إضِف إلى ذلك أن كاظم بدأ كنحات مميز وهو يُكمل طريقه الفني عن طريق التصوير، وهذه الأعمال هي انعكاس حقيقي لما يعيشه هذا الفنان من فرح وحزن نتيجة عوامل مختلفة تؤثر على طريقة تعاطيه مع اللون والورق الذي يصنعه بنفسه. ما يميز هذه الأعمال هو التقنية التي يعمل بها، وهذا النتاج الفني هو نتيجة خبرة وبحث طويل في هذه المجال».


مازن عباس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمال الفنان كاظم خليل

من أعمال الفنان كاظم خليل

من أعمال الفنان كاظم خليل

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق