النحات علاء الدين.. تجربة تتماوج بين الكلاسيكية والتعبيرية التجريدية

26 تموز 2014

.

لدى النحات ماهر علاء الدين تجربة فنية خاصة استقاها من المراحل التي مر بها والتي صقلت موهبته وساعدته على تكوين شخصية متميزة هي خليط من الأصالة والتعلم.

وحول بواكيره الإبداعية أوضح علاء الدين في حديث لمراسلنا أن والده كان يملك ورشة نجارة عربية كرست نقطة انطلاق لتجربته الفنية حيث اعتاد العبث بأدواته الخشبية والمعدنية وهو ما جعله يكتشف ملامح هذا العالم المتخيل بما فيه من أشكال إبداعية متنوعة الأمر الذي دفعه إلى التسجيل في مركز الفنون التشكيلية عام 1976 حيث درس النحت بالتوازي مع العمل على صقل تجربته الفنية عبر الاشتغال بالصلصال ولاسيما أن خاله كان نحاتا فطريا بالخشب استفاد من تجربته و جلساته الحوارية معه.

وأشار إلى أن مركز الفنون التشيكلية أضاف له الكثير حيث تعرف عبر الدراسة الأكاديمية على التقنيات المستخدمة في النحت سواء بالصلصال أو الجص فكان نوعا من التدريب واكتساب المهارات للتعامل مع المادة الخام والتواصل مع تجارب الفنانين المخضرمين في هذا المجال.

وقال: «بعدها وضحت التجربة وتحديدا في العام 1988 عندما أقمت أول معرض فردي لي في جامعة تشرين وكان يضم تقريبا 100 عمل خشبي بحجوم مختلفة ومواضيع إنسانية متنوعة وهي تجارب بسيطة وعفوية إذ لم تكن تجربتي قد صقلت تماما كما لم تكن رؤيتي الإبداعية قد اكتملت إلا أني استطعت من خلال هذا المعرض جمع أفكار وآراء كثيرة ساعدتني على تصحيح الأخطاء من خلال النقد الفني البناء لأعمالي النحتية».

وأشار إلى أنه بدأ العمل أولا في إطار من الكلاسيكية قبل أن ينتقل إلى أسلوب التعبيرية التجريدية الذي يعمل عليه حتى الآن بنفس الأسلوب مع اختلاف التقنيات حيث انتقل إلى مرحلة تقنية جديدة بدأ فيها بمزج الحديد والحجر مع الخشب كما اشتغل على مجموعة من أعمال الحديد المستقلة تماما بحجوم مختلفة وشكلت هذه الأعمال نقلة نوعية في اشتغاله الفني حيث يعرض أحد هذه المجسمات النحتية اليوم وعلى نحو دائم في مدينة المعارض الجديدة بدمشق وهو بارتفاع ستة أمتار ونصف المتر ويجسد عدة وجوه فوق بعضها البعض تنظر في جميع الاتجاهات.

وقال: «تأثرت بالفنان السوري سعيد مخلوف وهو شيخ النحاتين السوريين قبل أن أخط لنفسي نهجا خاصا وأسلوبا متفردا يسم أعمالي عن سواها في الوسط الفني حيث أسعى في كل مرحلة إلى ما يشبه عملية خلق جديدة أقوم عبرها باضافة عنصر مغاير وروحية خاصة تميز المرحلة الفنية التي وصلت اليها فالنحت هو عملية خلق وإبداع متجددة».

أما المدة الزمنية التي يستغرقها لإنجاز العمل النحتي فهي حسب قوله تختلف وفقا لنوعية العمل و حجمه حيث يبدأ كل شيء بفكرة متخيلة تنتقل لدى اكتمالها إلى حيز التنفيذ من خلال الاشتغال على الكتلة الأساسية للعمل بواسطة اليدين والأزميل والمطرقة وربما يستغرق هذا العمل أو ذاك ثلاثة أيام أو أسبوعا أو شهرا فعلى سبيل المثال يعمل علاء الدين على مجسم لديه منذ عشر سنوات دون أن ينتهي منه حتى الآن.

و قال مشروعي الحالي هو إعطاء دروس للأطفال بدءا من الصفر فالنحت هو نوع من تفريغ الطاقات للصغار الذين أسعى لتدريبهم على كيفية التعامل مع الكتلة والفراغ والإحساس بالحجوم الطبيعية للاشكال وخاصة أن النحت يتعامل مع الأبعاد المختلفة للجسم المشتغل عليه والتي تتطلب ملامستها جميعا والشعور والإحساس بها.

وذكر أن هذا المشروع يطور الاطفال شيئا فشيئا كل حسب عمره فبعد التعامل مع الأبعاد يصار إلى صب العمل وقولبته وهو فعل يهواه الطفل عموما كما أن هذا المشروع يساعد على تنمية ذائقة بصرية تجاه الأعمال النحتية الموجودة في الشوارع والمتاحف وبالتالي إدراكها وفهمها عبر شرح مجموعة من المبادئ و الأسس الأولية.

وأضاف استعمل لون الخشب الأساسي في أعمالي وأضيف أحيانا بعض التعتيق بما يخدم الفكرة و يزيد من جماليات العمل النحتي ولو أن النحت بالحجر أسهل من النحت بالخشب لأننا نستخدم في الأول أدوات كهربائية للقص والحفر أما النحت الخشبي فيستدعي استعمال الأزميل والمطرقة فقط لكن الخشب رغم صعوبة العمل عليه يولد شيئا من الدفء والحميمية أما الحجر فهو بارد تماما.

ولفت علاء الدين إلى أنه اشتغل مؤخرا على عملين فنيين من وحي الأزمة أحدهما بعنوان «طائر الحرية العفن» وهو عبارة عن طائر يشبه الطيور الجارحة صنعه بطريقة خاصة حيث أدخل عليه بعض ألوان العفونة للتأكيد على الأفكار العفنة للعصابات الإرهابية والتي تنادي بها طوال الوقت إضافة غلى عمل آخر بعنوان «داعش مرت من هنا» وهو عبارة عن رأس إنسان عمد إلى إحراقه لدرجة التفحم بعد الانتهاء منه ليعرضه أخيرا بهذا الشكل في دليل على همجية هذا التنظيم الإرهابي.

وحول المشهد الثقافي قال هناك حضور فني تشكيلي واسع في المحافظة وهناك نشاط للمقاهي الثقافية التي ساعدت في تنشيط الحركة الفنية إلا أن المحافظة تفتقر لصالات العرض ولمرتاديها على حد سواء الأمر الذي يتطلب عملا جادا ودؤوبا لتغيير هذا الواقع.

يذكر أن الفنان علاء الدين من مواليد عام 1961 له أكثر من عشرين ألف عمل موزعة في كل من دمشق وحلب والمانيا واليابان واليونان وقبرص والجزائر وتونس ولبنان ومصر والبحرين ودبي والكويت وسواها إضافة إلى عشرة أعمال تقتنيها وزارة الثقافة في دمشق وعملين في المتحف الفني الحديث في اللاذقية كما شارك مؤخرا في ملتقى نحتي في ألمانيا بالتعاون مع الفنانة هيام سليمان.


رنا رفعت

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق