عمر إبراهيم في غاليري ألفا بالسويداء: نظن أننا نرسم. بالحقيقة العمل يرسمنا

بازلت ومعادن وخردوات، يعبِّر بالنحت في مكان، وبلوحاته في مكان آخر. ربما تكون هذه أبرز تفاصيل معرض الفنان التشكيلي عمر عزات إبراهيم المقام في «غاليري ألفا» للفنون التشكيلية في السويداء، وهو الأول بعد صبر وانتظار وعمل طويل.

«اكتشف سورية» زار المعرض والتقى الفنان عمر إبراهيم الذي تحدث عن فترة التحضير الطويلة نسبياً للمعرض قائلاً: «التحضير بدأ منذ انتهائي من المرحلة الدراسية، أي بعد تخرجي من كلية الفنون الجميلة في دمشق في 2002 إلى الآن، وهذا هو معرضي الأول. وفي هذه الفترة الزمنية لم أكن أستعجل عرض وتقديم هذه التجارب على شكل معرض بقدر ما كنت أهتم بتحقيق إمكانيات فنية أريد امتلاكها وأسعى إلى تطويرها والرفع من مستواها الفني، لأكون راضياً عن نفسي أولاً، ومن ثم يكون المعرض الأول، وهنا أقدم تجربتي التي تتعاطى مع أكثر من اختصاص أو حقل في الفن التشكيلي وأكثر من مادة».

أحرف ووجوه وتجسيد للطبيعة، مواضيع تناثرت بأساليب مختلفة في لوحات إبراهيم على حسبما يراها في رؤية حديثة للفن من حيث التشكيل وكيفية التعامل معها، بالألوان التي اختارها متناقضة في بعض الأحيان ومنسجمة بلطف في بعضها الآخر، هذا لتكون أقرب إلى ما أراد في تجسيد وتشكيل الوجود بشكل عام. وفي هذا يقول إبراهيم: «العمل هو النافذة التي نطل على الدنيا من خلاله لنقول ما لدينا. فأنا أعمل من خلال الموضوع والعناصر والأسلوب لخلق حوار مع الآخر، وبالتالي الموضوع عندي هو "علاّقة"، أي حامل لنص بصري أريد إيصاله إلى الناس، ويمكن قراءة ملامح متعددة فيه إن كان في الوجوه أو الطبيعة أو حتى من خلال الأعمال النحتية. وفي النهاية نحن نعتقد أننا نحدد الموضوع واللون ونحدد ملامح العمل الذي نرسمه، ولكن في الحقيقة العمل هو الذي يرسمنا ويحدد ملامحنا».


من معرض الفنان عمر إبراهيم

التعبيرية التجريدية ملامح مدرسةٍ ظهرت في بعض أعمال هذا المعرض، ولكن هناك نظرة خاصة وتعامل مميز مع التكوينات التي تظهر في اللوحات، التي أراد بها إبراهيم الابتعاد عن الموروث من المدارس المعروفة في الفن التشكيلي. وهنا يتابع: «لا أعمل ضمن مدرسة معينة، ومدرستي هي التجربة التي أنتمي إليها، وهي مساحة واسعة آخذ فيها ملامح ما أريد تشكيله. وهناك وجود لبعض الملامح التعبيرية التجريدية الألمانية في قسم من الأعمال، أما فيما يخص العناصر التي أشكل بها اللوحة فأنا لا أعمل على عنصر معين في لوحتي ليكون واسطة اتصال مباشرة مع المتلقي، بل أعمل بشكل عفوي في تجربتي وفي ثقافتي البصرية، وإن كان هناك بعض العناصر التي تظهر بقوة في أكثر الأعمال مثل عنصر الخط العربي. لقد تعاملت مع الخط كقيمة فنية محفزة للخيال من جهة، ومن جهة أخرى في نظري هناك بعض المقولات التي تلامسنا وتؤثر بنا وفي نفس الوقت يصعب علينا أن نعبر عنها بالألوان، لذلك تكون الكتابة. أنا لم أتعامل مع الحرف كرسم محدود متفق عليه بين جميع الثقافات».

الحجارة البازلتية، الطين، المعدن، والبولستر، كلها مواد استخدمت في الأعمال النحتية. والطابع المميز لهذه الأعمال هو دخول اللون إلى المنحوتات، في حين تقول بعض النظريات الكلاسيكية أن النحت لا يلوَّن. في هذا يقول إبراهيم: «النحت لا يلوَّن، هذا ما قالته القواعد الكلاسيكية، ولكن باعتقادي وبرؤيتي للفن يمكن أن يضاف للعمل النحتي بعض الألوان لإضفاء حركة جديدة، وبالتالي يمكن أن نتوصل إلى عمل فني يحمل ثقافة بصرية معينة ومحددة القصد. والخامات المستخدمة في النحت هي الحجارة، الطين، البولستر، والمعدن، وهو عبارة عن قطع من المعدن أو الخردة الموجودين بشكل عشوائي عند الحداد، ولكن يمكن تشكيلها على هيئة معينة مما أختاره، بعد إضافة بعض الإجراءات عليها وإضافة أي لون لإضفاء حركة جديدة. وبالنهاية يمكن أيضاً أن نتوصل إلى عمل فني، يحمل ثقافة بصرية جديدة للمتلقي».


الفنان عمر إبراهيم أمام إحدى لوحاته

تتنوع تقنيات عمل إبراهيم وأساليبه في التعاطي مع العمل الفني، وهنا يوضح: «هناك ضمن تجربتي أعمالُ الغرافيك، التي لم أقتصر على الاستخدامات الكلاسيكية فيها بقدر ما كان هناك حس غرافيكي باللوحة، وأيضاً أعمال الأبيض والأسود، والتي هي في نظري اختزال للتجربة واختزال للألوان كاملة في لوني الأبيض والأسود، فنلاحظ أن الألوان الأخرى دخلت بخجل على هذه النوع من اللوحات. أما بالنسبة إلى تجربة الرقيمات فهي نفسها فكرة الرقيم القديمة التي نقلت لنا التاريخ، ولكنها الآن في هذا المعرض نص بصري احتوى على الكتابة واللون وتقنيات من هذا العصر، فأنا لا أستطيع أن أتناول الرقيم بمادته أو بأسلوبه التاريخي لأننا نعيش في 2010. أما من جهة التجريديات، فاللون والخط وحتى النقطة لها حساسية معينة، فعندما تنزل على الصفحة تكون بحد ذاتها رسماً ولها إيقاع على اللوحة كما هو اللون والخط لإثارة المشاهد وجعله شريكاً إبداعياً في اللوحة».

وبالنسبة للتصوير الزيتي، هناك طرح يعتمد على استخدام المساحة بشكل موفق واستخدام الخط. هذا رأي بعض زوار المعرض، في حين كان الرأي الآخر للبعض أن هناك تناقضاً لونياً يظهر في بعض الأعمال، والغالب أنه مدروس ويشكل خلفية للموضوع المختار. وعن هذا يقول إبراهيم: «كان هناك تدخل بالمائي من حيث اللون، ولكنه تدخل مدروس يخدم الفكرة التي أعمل عليها. ولكن الفكرة الأساسية في أعمال التصوير هي أن تصنع من شيء بسيط -كقلم الفلوماستر- وجوداً كاملاً من خلال الرموز والعناصر وهيئة البشر، وكل هذه معطيات جديدة بالرغم من كل ما تحمله من اختلاف. إذاً هناك حالة تقديم جديدة أحاول أن أبتعد فيها عن الكاميرا الجامدة أو الثابتة. وفي النهاية، فإن أي مادة في الطبيعة هي وجود محدود يمكن للعقل أن يستخدم إمكانياته ليجعل هذا الوجود أوسع أفقا وأكثر تناولاً من الفن».

الفنان عمر عزات إبراهيم في سطور:
من مواليد السويداء، 1978.
خريج كلية الفنون الجميلة، قسم النحت، 2002.
مشارك في العديد من المهرجانات.
مهرجان الشباب.
مهرجان المزرعة (2002)، حائز على الجائزة الثانية.
مهرجان المزرعة (2009)، حائز على الجائزة الثانية.
عدة جوائز في طوكيو (2006).

أكثم الحسين - السويداء

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من معرض الفنان عمر إبراهيم

من أعمال الفنان عمر إبراهيم

من أعمال الفنان عمر إبراهيم

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

سلمان ابراهيم :

الف مبروك الى الفنان عمر انشاء الله المعرض الثاني في الجولان مجدل شمس

بيت العم سلمان ابراهيم
مجدل شمس الجولان

مجدل شمس الجولان