ملتقى دمشق الدولي للنحت يختتم نشاطاته

21 12

لا يمكن القول أن ملتقى دمشق الدولي للنحت قد اختتم أعماله فقط، لأن هذه الأعمال التي خرجت إلى النور من رحم الحجر التدمري ستبدأ من اليوم بتنفس ومعانقة هواء دمشق، وستكون محطات للعيون الباحثة عن الجميل والخاص، 21 عملاً من الحجوم الكبيرة والتي تتراوح المضامين فيها ما بين الإنساني والفكري والفلسفي والحياتي والتحدي والحوار والمشاركة والتعبيرات الخاصة والذاتية، لكن الأعمال جميعها تعبر عن سوية راقية من الحرفية والفنية على صعيدي التشكيل والأفكار، ما سيسمح لهذه الأعمال أن تعيش معنا بما تحمله من حوار وشغف وما نحمله من رغبة وامتنان.

«اكتشف سورية» واكب اختتام أعمال الملتقى قبلاً، وستكون هذه الوقفة للتعرف أكثر على خصوصيات الأعمال المهداة إلى سورية.


منحوتة الفنان بطرس الرمحين

بطرس الرمحين - نحات من سورية: ربما لو استطاع بطرس أن يمسك بهاتين الإصبعين الحجريتين الماء أو الهواء لما توقف بدلاً من الإمساك بهذا الزجاج الشفاف ليرفعه في الهواء عالياً، إنها الغبطة والفرح العارم بحيث إن ما أراد رفعه في الهواء لنا هو هذه الشفافية والحب التي يمتلكها قلبه لدمشق في أول ملتقى يشارك به فعلياً في سورية. تحد على مستوى النحت والتشكيل والتآليف للخروج من السياقات التقليدية إلى هذا الجديد هنا، وهو المزج ما بين الزجاج الطبيعي والحجر بتلوناته الخشنة والنافرة والناعمة والملساء في ذات الوقت، إصبعان ترفعان هذا الذي سيعكس الشمس في أعيننا كل يوم كشغف أسكنه صوتاً ليردده بعد ذلك الحجر، عملٌ يقترب في النهاية من نافذة دمشقية مفتوحة على كل هذا الجميل.


منحوتة الفنان لطفي الرمحين

لطفي الرمحين - نحات من سورية: عمل يحمل أكثر من بعد أكان لجهة الإنسان أم لجهة الأرض والمكان، أو يمكن الجمع ما بين الإنسان وهذا المكان في امرأة تتكامل مع الأرض وهذا الحجر الذي يرمز إلى الرجل أو التاريخ، وأكثر ما يؤكد عليه الرمحين في منحوتته التي يترك هامشاً كبيراً من داخلها للهواء، هو المرأة التي يبرز ثديها وجدائل شعرها التي يمكن أن تكون موجاً أو طيوراً وسلاماً، عمل لا يتوقف عن الحديث إذا أطلنا الإصغاء أمامه.


منحوتة الفنان مصطفى علي

مصطفى علي - نحات سوري: بوابة أو نافذة عالية تخرج من الحجر، لتترك الهواء يعبر منها بعد أن كان يعبر من حولها، بوابة عالية بحيث تتخللها غيمة، تلتف وشاحاً من مطر على خصر أعمدتها التي تميس لسخاء الحب الذي يولده احتكاك المطر بالحجر، تلك الأنوثة المخصبة بكل العطاء والحياة، وذاك الحجر المُخبئ لكل التاريخ و البطولات، والصامد أمام الريح، ثنائي من الكثافة واللطافة، من النعومة والخشونة، من الشكل المهندس والشكل الحر، من الثبات والحركة، من الأفق وقمة الجبل الذي ينتصب فوق النافذة أو على البوابة لا فرق، فالفكرة أننا أمام نافذة أو بوابة سورية يدخل منها الغيم لأنها كانت وتكون فوق، وإلا كيف لبعل والغيم أن يتّحدا موسيقى وخصوبات في قلب الصخر.


منحوتة الفنان أكثم عبد الحميد

أكثم عبد الحميد - نحات سوري: عمل موضوعه الكتاب، ومضمونه الدعوة إلى القراءة، ولكن القراءة تكون باتجاهات عديدة، أكثم يدعونا إلى قراءة الكتاب الأهم وهو تاريخنا، ومعرفة أن هذا الصخر التدمري يحتوي في دواخله أوراقاً تقول من نحن، التاريخ ليس الماضي وحسب بل هذا الامتداد والجذوة التي نحملها فينا، فالدعوة إذاً ليست إلى القراءة فقط، بل وإلى أن نكون هذا الامتداد العريق لتلك والحضارة وذاك التاريخ. العمل يأتي بإيقاع نحتي يعتمد الوحدات الزخرفية على غلاف الكتاب المتراوحة ما بين النافر والغائر والناعم والخشن، كما يترك نافذة مربعة ليمكن للعين من أن تتعرف على المحتوى البصري لهذا الكتاب من خلال المكان الذي سيوضع فيه، لا يحجب أجزاء من الفراغ الهوائي لهذه النافذة إلا حراك بعض الموج الذي يرمز إلى بحر سورية والفينيق.


منحوتة الفنانة سونغل تلك

سونغل تلك - نحاتة من تركيا: يقوم النحت عند سونغل على العمارة الهندسية الحرة للشكل، لكنه وإن بدا نحتاً مجرداً إلا أن العمل يقوم على التصوير التجريدي والاختزال والتحوير للشكل الإنساني الذي غدا قطعاً مبعثرة ومتراكمة فوق بعضها وغير متواصل مع الحياة، وإن كانت الرغبة في العمل والتحفز تقدمان الإرادة والاستعداد والتماسك اللازم لإقامة هذا الحوار مع الآخر، وربما الكيف هو السؤال المطروح علينا جميعا هنا.


منحوتة الفنانة آيلا توران

آيلا توران - نحاتة من تركيا: جديلتا شعر لطفلة صغيرة لا زالت تلعب على أراجيح الحديقة، اختزال تصويري ذاتي وحميمي لما بقي في الذاكرة، لعب وفرح هي الذكريات الباقية من أيام الطفولة، وهكذا الرأس الفرح المعلق فوق الجدائل، وكأنه ينتمي إلى الفرح السابق، والألعاب أكثر ما ينتمي إلى هذا الجسد الطفولي أو الكبير. عمل يحمل دعوة خالصة إلى اللعب وعدم الخروج من نقاء الطفولة.


منحوتة الفنان كريستوف تراوب

كريستوف تراوب - نحات من ألمانيا: ما يقدمه هو جزء من عضلتي حصانين، وكقطعتين من بازل يلتحمان في بعضهما ليشكلا نواة لسلسلة من طاقة وقوة، لكن ما يخلص إليه العمل كفكرة هو أن القوة لا تكون إلا بالاتحاد والانسجام لبلوغ الحضور.


منحوتة الفنان كامن تانف

كامن تانف - نحات من بلغاريا: العمل متروك على الكثير من احتمالات التأويل، فالأطفال شاهدوا فيه قلباً يضخ الدم إلى الحجر، بينما هو حول نقل صورة لبقايا شجرة يابسة كان قد شاهدها في تدمر، وقد أراد وحسب أن يقول أن هذه الشجرة لن تندثر بكل ما تعنيه! لكن الأمر يختلف قليلاً لو أخذنا ما أراده الفنان وشاهده الأطفال، وأضفنا أن هذه الشجرة التدمرية بما تعنيه لا زالت تضخ هذه الحياة في هذا الحجر الذي أصبح الآن مثل شجرة وقلب وحياة.


منحوتة الفنان ميليتون ريفيرا

ميليتون ريفيرا - نحات من البيرو: من الأعمال التي ستظل تطلق الحوار والجدل كثيراً في المستقبل لما تحمله وتمثله إنسانياً وفكرياً ورمزياً. فالعمل يقوم أساساً على الثنائيات العامودية والأفقية، المذكر والمؤنث، الأشكال الأسطوانية والأشكال اللينة التي تشبه قطرات الماء والأثداء، وفي أعلى هذا الشكل الخشن الملمس ثمة قمرٌ يحتضن وأشكال هندسية كرموز وإشارات تأخذ العمل في اتجاه الطاقة الأسطورية للرمز والحياة، والتي يكون قوامها هذا الثنائي، لكن الجميل والغريب في العمل هو أن يترك أخدوداً طولانياً في هذا الحجر كما يفعل جامعو الصمغ من الأشجار في البيرو، بحيث يتركون ما يشبه الجرن لكي تتجمع فيه قطرات الماء أو الصمغ، وهو ما فعله تماماً ميليتون إذ ترك ثقباً تخرج منه قطرات الماء هذه، والتي ربما تكون استعارة لإكسير الحياة الذي يأتي كخلاصة لهذا الاتحاد بين هذين السرين، في البعد الروحي والفلسفي، أو خلاصة لهذا الاتحاد ما بين المذكر والمؤنث، إنها الفلسفة التي تنحاز كلياً للحياة كخصوبة قوامها المؤنث والأم.


منحوتة الفنان جورجيو بالوكي

جورجيو بالوكي - نحات من إيطاليا: الوردة الدمشقية هي فكرة العمل ولكن بتحوير يأخذ الوردة باتجاه أن تكون شجرة باسقة وصلبة.


منحوتة الفنانة دومينيكا غريسغربر

دومينيكا غريسغربر - نحاتة من بولندا: تقدم عملاً نحتياً من ثلاثة أجزاء كبيرة، وتعمل دومينيكا على سطحي العمل من الداخل والخارج وتتوزع الفكرة على السطحين لكي تصبح مقروءة، فالفكرة في العمل تقوم على البعد التاريخي والحضاري لسورية، فهي تقدم خلفية العمل بأعمدة مائلة وقناطر لترمز إلى هذا التاريخ وتضيف حرف الدال ليكون الإشارة الهامة لعنوان هذا التاريخ الذي هو بمثابة الدائرة التي يمكنها أن تدخل في الفراغ المخصص لها في القطعة الأخرى من الحجر لتكمل جزء المشهد، والذي يؤكد في النهاية على عظمة هذا التاريخ وتلك الحضارة، عمل يقول أن الشموس الكثيرة التي أشرقت من هنا قدمت الكثير لكل العالم.



منحوتة الفنان يوشين أوغاتا

يوشين أوغاتا - نحات من اليابان: تقوم فلسفة يوشين النحتية على ما تتركه قطرة الماء من أثر ودوائر فوق سطح الماء، وهو يفعل هذا الشيء هنا على عمله النحتي المكون من قطعتين، حيث تبقى قطرة الماء على الحجر أسفل العمل.



منحوتة الفنان بول بيكهوج

بول بيكهوج - نحات من الدانمارك: يقدم بول عمله بحرفية تصويرية نحتية بالغة الدقة، فهو يقدم برغياً وعزقة من الحجم الكبير جداً، ورغم أن العمل يبدو صناعياً إلا أن هذا المفهوم يأخذ رمزيته من المكان وثقافة البلد، وهو يحتمل الكثير من المعاني، والأمر متروك للمتلقي السوري بكل الأحوال.




منحوتة الفنان أنطونيس ميرودياس

أنطونيس ميرودياس - نحات من اليونان: يقدم عمله المؤلف من قطعتين متقابلتين بطرح هندسي تجريدي، وتنزع الفكرة فيه إلى التكامل.




منحوتة الفنان توماس لارا

توماس لارا - نحات من فرنسا: آلة صناعية يدوية تقيس سماكات الأشياء بدقة، ذلك ما حوله توماس إلى شكل حجري كبير، آلة تحتوي بين مقبضيها هذه الألواح من الحجر، لكنه الحجر الذي يحتوي الصفحات المشرقات من التاريخ والحضارة السورية التي يعرفها لارا، وتبدو الآلة وهي تقيس بأقصى قدرتها هذه الصحائف الحجرية! وهو ما ينبئ أن ثمة الكثير من هذه الصحائف لم يتم قياسها بعد!



منحوتة الفنان فرانشيسكو كريون

فرانشيسكو كريون - نحات من إيطاليا: عمودان من الحجر التدمري ينتصبان، فقد حولهما كريون إلى ما يمكن أن يتركه الهواء على قطعتي قماش من أثر، كريون نقل هذا الانطباع إلى هذا الحجر.



منحوتة الفنان جورج روميو

جورج روميو - نحات من الأرجنتين: زوجان من الأشكال البشرية ينتميان بمقاربة ما إلى رموز حضارات أمريكا الجنوبية، وهذه الأشكال البشرية تتراص فوق بعضها البعض بغنائية نحتية تعبر عن حرفية وتناغم عاليين، ليكون بمقدور هذه الجماعة البشرية الرمزية وبهذا التعاضد والمشاركة والتعاون أن تحمل البحر، بكل ما يحمله البحر من سفن، عمل يصور ويطرح فكرة التعاون والاتحاد الذي عبره يمكن القيام بالمستحيل.



منحوتة الفنان بيتر بيتروف

بيتر بيتروف - نحات من بلغاريا: شكل تجريدي، يرصد التناغم والحوار ما بين الأشكال الهندسية المكعبة المستطيلة والأسطوانية الملتفة، تأكيد على أن هذا الحجر يمتلك هذه الليونة، وكل هذه الإمكانيات.



منحوتة الفنان أولريش مولر

أولريش مولر - نحات من ألمانيا: الكف هو هذا المنغرس في الأرض وفي داخله نافذة لجرة من الماء، عمل مختزل تشريحياً ومكثف تعبيرياً، فمن قال أن اليد المنغرسة في الأرض ليس فيها الكثير من الجرار.





منحوتة الفنانة فيرينا مايرتاش

فيرينا مايرتاش - نحاتة من ألمانيا: نافذة كدائرة، مشبكة بالقصب الحجري، هي ما استوحته فيرنيا من نوافذ دمشق، ما يقال عنه هنا مشربية.




منحوتة الفنان نيكولا فلايسيغ

نيكولا فلايسيغ - نحات من فرنسا: عمل مركب تشكيلياً، ومركب من حيث الفكرة، وهو العمل الوحيد الذي يدخل فيه اللون، فالعمل تجريدي في المضمون أي من داخل سطوح العمل وتصويري مقارب من جهة سطوح الأشكال من الخارج، فمن الخارج يمكن أن نشاهد بمقاربة ما بيضة على حافة سطح حجري كبير ينتهي بنتوء حجري مكعب ويشبه التقطيعات الشطرنجية، وهذه التقطيعات موجودة أيضاً في داخل الشكل البيضوي وهي شيفرة ما انفعالية لغوية أو رقمية أو شكلية وحساب لتوازن الفكرة والتشكيل من الداخل والخارج، وتقوم الفكرة على ضرورة امتلاك المعرفة لما في داخل هذا الشكل البيضوي لأن أثره يمتد إلى الخارج، إلى تفاصيل الحياة اليومية، فإذا كان الشكل البيضوي رحماً أو أرضاً فهذا الرحم يعطي شيفرتة وذاكرته إلى الإنسان، على المسطح الأفقي من الحجر، وإذا كان تاريخاً أو حضارة فإن في داخل هذه الأرض شيفرة هذه الحضارة، كأن نيكولا يلمح إلى هذه الأرض التي تحتوي الكثير من الشيفرات! عمل يمكن أن يُسقط عليه الكثير من الأفكار والفلسفات، لكن أقربها إلى هذا الحجر التدمري هو هذه الأرض، فمن قال أن الحجر لا يمتلك روحاً وقد تأسرك!



.


عمار حسن
تصوير: عبد الله رضا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

كلمة الفنان مصطفى علي في ختام ملتقى دمشق الدولي للنحت

الفنان مصطفى علي والفنان لطفي الرمحين والفنان معن حريول وأمامهم نسخ من أحد أعمال الفنان مصطفى علي كرمز تقدير للفنانين المشاركين

جانب من الحضور في اختتام ملتقى دمشق الدولي للنحت

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

الطاهر جميعي:

تحياتي وتهانئي لكل المشاركين

المغرب

المغرب

عامر:

ملتقى رائع وجميل

سوريا