طريق الحرير يمر في حلب بمؤتمر صحفي وحفلات راقصة وموسيقية

19 10

حلب تستقبل اختتام مهرجان «طريق الحرير» في ربوعها

كان لمدينة حلب نصيبها المميز من فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان «طريق الحرير» والتي جرت هذا العام خلال الفترة بين 9 - 14 تشرين الأول 2009. فبعد الافتتاح الرسمي الذي جرى في قلعة دمشق مساء يوم الجمعة 9 تشرين الأول 2009، والجولات التي تلت ذلك في أغلب المناطق الأثرية والسياحية والحضارية المميزة التي تشتهر بها سورية، جاءت حلب لتحتضن عدة أنشطة وفعاليات إضافة إلى حفل الاختتام الذي جرى أمام قلعتها الشامخة.

بداية الأنشطة كانت مع الحفلة التي استضافتها مديرية الثقافة للفرقة الفنية الكازاخستانية مساء يوم الثلاثاء 13 تشرين الأول 2009 والتي تضمنت عروضاً غنائية وراقصة من منطقة آسيا الوسطى وكانت تعبيراً جميلاً عن الفن الذي يميز تلك البلاد، من كازاخستان وتركمانستان، وصولاً إلى قرغيزستان وطاجيكستان، حيث كان العرض الفني الذي قدمته الفرقة الكازاخستانية في مدينة حلب هو الثالث لها في سورية بعد كل من دمشق وحماة.

أما يوم الأربعاء 14 تشرين الأول 2009، فقد كان يوماً استثنائياً حيث شهد في الجزء الأول منه مؤتمراً صحفياً للسيد وزير السياحة الدكتور سعد الله آغا القلعة مع الصحفيين والإعلاميين المشاركين في تغطية المهرجان، حيث اختار لهذا الهدف التواجد في واحد من أهم الأماكن الأثرية والتراثية الموجودة في مدينة حلب، وتحديداً داخل قلعتها الكبيرة وفي قاعة العرش.

وعن ذلك قال الدكتور آغا القلعة: «بالنسبة لمكان المؤتمر الصحفي، فقد اخترت أن يكون في قاعة العرش التي تعود للفترة الأيوبية داخل قلعة حلب، في محاولة للإشارة إلى المقومات الحضارية والتراثية التي تملكها مدينة حلب بشكل عام. أتمنى أن يكون هذا المهرجان قد وفّر لكم الفرصة للإطلاع على كافة المقومات السياحية والحضارية التي تملكها سورية».


الدكتور سعد الله آغا القلعة وزير السياحة يتحدث في المؤتمر الصحفي

وتركز المؤتمر الصحفي على عرض السيد الوزير لمقومات السياحة في سورية، والتي قال عنها أنها تشكل دعامة للاقتصاد الوطني من جهة، ومن جهة أخرى فهي أداة للتنمية المستدامة في البلاد، إضافة إلى أنها تشكل جسراً للحوار ما بين سورية والدول الأخرى. كما تضمن المؤتمر الصحفي عرضاً بالأرقام لكافة الإنجازات التي حققتها السياحة السورية خلال الفترة الماضية والتطور الشديد الذي شهدته سورية في السنوات الأخيرة.

الأرقام تتحدث:
وبلغة الأرقام تحدث السيد الوزير قائلاً: «وصل عدد السياح العام الماضي إلى 4.5 مليون سائح، مع توقعات بأن يصل العدد هذا العام إلى 6 ملايين سائح بمعدل زيادة وسطية تقارب 15%، ويعتبر هذا المعدل معدلاً جيداً في ظل الأزمة العالمية التي ألقت بظلالها على العديد من الدول. كما بلغت الإيرادات القادمة مع قدوم هؤلاء السياح 4.5 مليار دولار شكلت 11.3% من الناتج الوطني الإجمالي، و23% من وارد القطع الأجنبي إلى سورية».

وتابع السيد الوزير كلامه بأن النشاط السياحي حالياً متركز ضمن مناطق محددة في سورية مثل دمشق، حلب، وتدمر، إضافة إلى الشريط الساحلي وبعض المناطق الجبلية. مشيراً إلى أن الوزارة تقوم حالياً بمحاولة تنشيط أنماط أخرى من السياحة مثل السياحة الطبيعية والعلاجية والبيئية والرياضية في باقي المناطق السورية لتنويع المنتج السياحي السوري.

وقال السيد الوزير: «بالأرقام: كانت نسبة السياح الذي وفدوا إلى سورية موزعة على ثلاث شرائح هي: السياح العرب 61%، السياح الغربيون 22%، والمغتربون 17%. وقد كانت نسبة التزايد في معدل السياح الغربيين القادمين من أوروبا هي 22% سنوياً فيما معدل الزيادة العام كان 15% كما ذكرنا في البداية».

وعزا السيد الوزير الزيادة في عدد السياح الأوروبيون إلى الجهود المكثفة التي بذلتها الوزارة بدءاً من العام 2007 للترويج لسورية في عدد من المدن الأوروبية الكبرى، والتي أدت إلى نتائج متميزة بحيث وصل عدد السياح الأوروبيين خلال العام 2008 إلى 400 ألف سائح مع تضاعف هذا العدد كل ثلاث سنوات.

وتابع السيد الوزير حديثه قائلاً بأنه وفقا لتقرير لمنتدى دافوس (المنتدى الاقتصادي العالمي) فإن سورية احتلت المرتبة الأولى في محدودية الكلفة الناتجة عن الجريمة على الاستثمارات العام الماضي، والمرتبة 23 من ناحية الاستقرار، وكان السبب في هذه المرتبة وقوع سورية في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، وليس لنقص عوامل الأمان فيها. كما حلت سورية في المرتبة 29 من ناحية الحفاوة واستقبال الضيف لدى الشعب السوري، والمرتبة 5 من حيث تنافسية الأسعار للجولات السياحية، والمرتبة 17 في تنافسية الأسعار بالنسبة للفنادق.

وختم بالقول بأن الوزارة بصدد إطلاق «المشروع الوطني للجودة السياحية» لكي تكون الخدمة السياحية محققة للمعايير الدولية. بعد ذلك، تلقى السيد الوزير عدداً من أسئلة الصحفيين فيما يتعلق بموضوع مهرجان «طريق الحرير» والمناخ الاستثماري السياحي في سورية والتي أجاب عليها جميعاً.

حفل اختتام فعاليات مهرجان طريق الحرير:
وحال انتهاء المؤتمر الصحفي، انتقل الجمع إلى مدخل قلعة حلب ليشهد الجميع حفل اختتام فعاليات مهرجان طريق الحرير والذي تضمن في البداية تكريماً للفعاليات السياحية السورية صاحبة المراتب الأعلى في الجذب السياحي والخدمات السياحية المقدمة ، بعد ذلك جرى تكريم الصحفيين العرب والأجانب أصحاب المقالات والبرامج المتميزة، والتي تتحدث عن سورية ومقوماتها السياحية والحضارية ضمن الوسائط الإعلامية التي يعملون بها.

من جمهور حفل الختام

بعد ذلك جرى تقديم لوحة فنية راقصة تمثل استقبال مدينة حلب لوفد القوافل التجارية القادمة عبر طريق الحرير شاركت فيها فرق رقص من كل من إسبانيا، كازاخستان، بلغاريا، وأرمينيا، إضافة إلى سورية، والتي شاركت بفرقتين الأولى قدمت لمحة عن التراث الحلبي، فيما قدمت الأخرى رقصات مستوحاة من التراث السوري ككل.

ختام بعد الختام:
ورغم اختتام فعاليات مهرجان طريق الحرير رسمياً يوم الأربعاء، إلا أنه لم يختتم فعلياً حتى مساء يوم الخميس 15 تشرين الأول 2009، حيث أقيمت أمسية موسيقية بعنوان «موسيقى على طريق الحرير» لتحظى بنجاح ثالث بعد النجاحين اللذين حققتهما في كل من دمشق وحماة.

والأمسية عبارة عن لقاء وحوار بين الحضارات التي تقع على طريق الحرير من خلال لغة واحدة جامعة هي لغة الموسيقى، حيث جمعت الأمسية أربعة عشر عازفاً ومؤدياً من عدة دول هي: تركيا، إسبانيا، تونس، اليمن، الصين، الهند، العراق، الأردن، تركيا، وسورية، حيث قامت كل دولة بتقديم تراثها الموسيقي والغنائي إما عن طريق الغناء أو عن طريق الآلات الموسيقية التي كانت متواجدة في الأمسية والتي تحدث عنها لـ «اكتشف سورية» الموسيقي وعازف العود السوري حسين سبسبي – المشرف على الأمسيات الموسيقية في مهرجان طريق الحرير - قائلاً: «هذه الأمسية هي عبارة عن مزيج وحوار بين ثقافات متنوعة ومتعددة، بحيث اخترنا من كل دولة أهم الموسيقيين وأهم الآلات التي تعبر عن تلك الحضارة، وذلك بفكرة مميزة جاءت من قبل السيد الوزير الدكتور سعد الله أغا القلعة التي تابع الفكرة وشجعها».

الموسيقي السوري حسين سبسبي على العود
والموسيقي العراقي حسن صالح على آلة القانون

ونوه الأستاذ سبسبي بأن هذه الفكرة يتم إنجازها لأول مرة في العالم، حيث جمعت بين آلات لم تجتمع مع بعضها البعض من قبل في تمازج مميز أخرج تلك الأمسية إلى الوجود، حيث أضاف قائلاً: «على سبيل المثال؛ نجد آلتي البيبا التي تشبه القانون والجوتنغ التي تشبه العود، وكلتاهما من الصين،كما نجد في نفس الوقت آلة السيتار الهندية إضافة إلى الآلات الإيقاعية الهندية المعروفة، مع العود والإيقاعات العربية».

وختم الأستاذ حسين سبسبي بالقول أن صدى الحفلات في كل من دمشق وحماة كان رائعاً، وبأنه يتوقع أن تلقى الحفلة في حلب نفس الصدى.

أما الموسيقي العراقي حسن صالح، العازف على آلة القانون، فقد قال لـ «اكتشف سورية»: «كل مجموعة من العازفين المشاركين هنا اليوم جاهزة لنقل تراثها الموسيقي وتقديم انطباعات عن حضاراتهم. برأيي أن الموسيقى فعلاً هي التي تجمع الشعوب. على سبيل المثال، أنا مثلاً لا أتكلم اللغة الصينية ولا الصينيون يتكلمون اللغة العربية، إلا أن ما جمعنا الليلة هو لغة الموسيقى».

وقد لاقت الحفلة الصدى الكبير والمميز في مدينة حلب، سواء من حيث الفكرة المميزة أو أسلوب الطرح والمعالجة التي كانت مثيرة لحماسة الجمهور وتفاعله مع الأمسية، وتعبر عن ذلك أصدق تعبير كلمات الأستاذ حسين المدرس الباحث والمؤرخ، والذي قال لـ «اكتشف سورية»: «كانت الفكرة رائعة، حيث تم توظيف الآلات القادمة من ثقافات أخرى في الموسيقى الشرقية بطريقة مميزة وبمزيج جميل للغاية، وذلك رغم أن لكل آلة ومطرب أسلوبه الخاص الذي يعبر عن خلفيته الثقافية وحضارته التي جاء منها».

وأضاف الأستاذ المدرس بأن هذا التمازج أدى إلى تعلم كل من العازفين والمشاهدين حول الآلات والإيقاعات والأداء الغنائي الخاص بكل دولة من الدول المشاركة في تلك الأمسية، وقال: «أتابع مهرجان طريق الحرير بشكل سنوي منذ عدة دورات، وأجد في كل عام العديد من الفعاليات الجديدة والمميزة التي تحقق الغاية منه في كونه مكاناً للتلاقي مع الآخر».

وتابع الأستاذ المدرس بأن سلسلة الأنشطة التي تمت خلال هذه الدورة والدورات التي سبقتها في مدينة حلب أكدت وأعادت دور حلب التاريخي كمحطة هامة من محطات طريق الحرير حيث قال عن هذه النقطة: «كانت حلب نقطة مهمة على طريق الحرير في الماضي، وعادت من جديد لتكون معبراً على طريق الثقافات وملتقى الحضارات لتستعيد دورها الثقافي ثانية».

ولطالما كانت مدينة حلب من المدن المحورية على طريق الحرير حيث شكلت واحدة من المحطات الرئيسية التي كانت تمر عبرها القوافل التجارية في الماضي منتقلة من الشرق الأقصى إلى أوروبا. واليوم، تستعيد حلب من جديد مكانتها عن طريق مهرجان طريق الحرير والذي كان لحلب فيه هذا العام نصيب كبير كما كان لها منذ القديم.

.


حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

حفل الفرقة الكازاخستانية في مديرية الثقافة

حفل الفرقة الكازاخستانية في مديرية الثقافة

حفل الفرقة الكازاخستانية في مديرية الثقافة

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق