التشكيلي خضر عبد الكريم في حوار مع «اكتشف سورية»

16 10

أقدامٌ وأقدامٌ وأقدام ٌ أيضاً، مرةً تداعب بعضها بإيحاءٍ جنسي ظاهر، ومرةً تتحور بشكلٍ وحشي بعيداً عن أقدام البشر، وأخيراً تتعذب أو تهرب من أسرها. هكذا يعرض الفنان التشكيلي خضر عبد الكريم الأقدام في لوحاته التي يضمها معرضه المقام في صالة فري هاند.

«اكتشف سورية» زار المعرض وكان هذا الحديث مع الفنان خضر عبد الكريم:

الأقدام هي العنصر الأساسي في أعمالك، ماذا عن فكرة هذه المجموعة من اللوحات التي تقدمها في معرضك اليوم؟
من وجهة نظري الشخصية أرى أن القدم هي العنصر المظلوم في جسد الإنسان، لذا حاولت العمل على هذا العضو وإبرازه للعيان، هذا العضو الذي يصر الجميع على استخدامه للهرب فقط، حاولت في مجموعة اللوحات التي أقدمها اليوم أن أعرضه بحالات أخرى كحالة العشق مثلاً أو غيرها من الحالات. وهذه محاولة في كسر الفكرة القائمة عن القدم كعضو للهرب يوجهها الإنسان للعمل دون أن يفكر بها أو بأحوالها.

كيف تناولت القدم في لوحاتك، خاصةً وأن في الأعمال أشكالاً مختلفة من الأقدام توحي بحالات كثيرة؟
القدم في اللوحات دخلت كعنصر أساسي، وهي بالأساس عضو أساسي في الجسد الإنساني لا يستطيع الاستغناء عنه، أما أنا فأراه يوحي بمن خلفه، أي أن القدم توحي بمن تحمله سواء كان إنساناً أو غيره من الكائنات، وحتى أنها توحي بالعوامل النفسية لدى البشر أحياناً، وهذه الأفكار التي راودتني حاولت التعبير عنها من خلال التحويرات التي قدمتها للأقدام، فمن خلالها حاولت عرض حالات أكثر عمقاً على الصعيد الإنساني.

قلت أن القدم توحي بخلفيات نفسية وجسدية، هل تستند في هذا الاستنتاج إلى مصادر في علم النفس أو أنها رؤاك الشخصية كفنان؟
أنا أرى في القدم عضواً مغبوناً بين أعضاء الجسد بغض النظر عن الدراسات والعلوم، رغم أن الإنسان لا يستطيع الاستغناء عن هذا العضو، تخيل إنساناً دون أقدام! وهذا العضو تاريخياً أول الأعضاء التي بدأ الإنسان بتعذيبها، فعمليات التعذيب تتناول الأقدام في البداية وتركز عليها ورغم هذا فإن البشر لا يفكرون بأقدامهم أو بمصيرهم دون هذه الأقدام، إنما يهملونها بشكل واضح ومزعج أحياناً.

بعد كل هذا الحديث عن العنصر الأساسي الذي استندت إليه اللوحات في مواضيعها المختلفة، يمكن السؤال لماذا القدم؟
يقول الشاعر السوري الكبير محمد الماغوط: «هل أبصق على قدمي كطابع بريد لتلتصق بالأرض» هذه المقولة ربما دفعتني في كثير من الأحيان لأعتمد القدم كعنصر أساسي في لوحاتي، ربما أستطيع إعادة الاحترام لهذا العضو.

قدمت تحويرات عدة للأقدام، فانكشفت مرة عن مداعبة جنسية، ومرة أخرى عن أشكال خرافية ووحوش أو أقدام هاربة. كل هذه التحويرات المتعددة ما الغاية منها؟
حاولت أن أقدم الأقدام بأشكال مختلفة، فقدمت القدم المتراقصة الحالمة والقدم الحيوانية وأقداماً أخرى كثيرة حاولت أن أظهر من خلالها حالات متعددة للبشر أنفسهم، وهذا بالفعل كان الهاجس الأساسي وراء كل هذه الأشكال وكل هذه التحويرات التي قدمتها في لوحاتي.

معرض كامل أفردته للأقدام، فأي الأقدام تفضل؟
بالنسبة لي لا أستطيع أن أكره الأقدام، أنا أحبها كلها بشرط أن تكون حانية وحالمة وحرة بالمطلق وغير مقيدة.


الفنان خضر عبد الكريم في معرضه

هناك مواد مختلفة استخدمتها في إنجاز أعمالك، ماذا عن هذه المواد؟
لم أغترب وراء المواد المستخدمة في أعمالي، إنما استخدمت مواد من البيئة ومن وحي المنطقة كالتراب والرمل والقش والجبصين والكرتون والزجاج أيضاً، وغيرها من المواد المهملة التي يمكن أن تؤذي الأقدام أو أن تتعثر بها الأقدام حاولت استخدامها وتوظيفها في أعمالي.

رغم تكرار العنصر الوحيد وهو القدم في كل اللوحات إلا أنك استخدمت ألواناً متنوعة من الترابيات والأخضر والأزرق وغيرها، ماذا عن اختيارك للألوان؟
لم تبتعد الألوان عن روح البيئة أو المنطقة التي أعيش فيها، وهي منطقة الجزيرة السورية التي يسود الاصفرار أراضيها ثلاثة فصول من السنة، كما حاولت أن أستخدم الألوان التي توحي بروح الموضوع وتلامس الحالة النفسية التي كنت أعيشها أثناء إنجاز هذه المجموعة من الأعمال، لكن الأهم من هذا أن البيئة وألوانها كانت الأساس بالنسبة لي في اختيار الألوان المستخدمة.

تحدثت عن البيئة كمصدر للوحي والإلهام، على ماذا تستند في إنجاز لوحاتك من غير البيئة؟
بالنسبة للفنان يجب أن تكون مصادر وحيه وتأثره كثيرة ويجب أن يمتلك الحس الفني الذي يستطيع من خلاله أن يستشف مواضيع وألوان وإيحاءات تدعم عمله الفني، هذا بالطبع إضافة إلى التراكم الفكري الذي ينجزه الفرد من خلال القراءة والمطالعة والتعرف على أفكار جديدة في كافة حقول الفن والإبداع من أدب وشعر وموسيقى وفن تشكيلي، ناهيك عن التجربة الشخصية للفنان وما يصادفه في حياته اليومية وأوجاعه الداخلية وهواجسه التي يجب أن يعبر عنها بتعبير فني وحس عال يختلف فيه عن باقي الأشخاص، وهذا بالأساس ما يمكن أن يميز الإنسان الفنان ألا وهي البصمة الفنية والتي هي وسيلة تعبيره الراقية التي تحقق تمايزه ربما عن الآخرين.


عمر الأسعد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمال الفنان خضر عبد الكريم

من أعمال الفنان خضر عبد الكريم

من أعمال الفنان خضر عبد الكريم

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق