سورية وتاريخها: في عيون بريطانية

بالتعاون بين الجمعية السورية-البريطانية والمتحف البريطاني، واحتفاءً بدمشق عاصمة الثقافة العربية، كان يوم الجمعة 19 كانون الأول 2008 يوماً للبحث والتعريف بتاريخ سورية، في ورشة عمل حضنتها أروقةُ مكتبة الأسد تحت عنوان «سورية عبر العصور»، بحضور الأستاذ جوزيف سويد -وزير المغتربين-، والدكتور سامي الخيمي -سفير سورية في لندن-، والدكتورة حنان قصاب حسن -الأمينة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية-، والدكتور وائل معلا -رئيس جامعة دمشق-.
المزيد من التعاون
أكّد الدكتور فواز الأخرس -رئيس الجمعية السورية-البريطانية- على أن هدف الورشة هو عرض الصورة الحضارية لسورية وتحسين العلاقات والروابط الثقافية بين البلدين، مشيراً إلى أهمية الورشة التي تتناول سورية عبر التاريخ بكل ما فيها من غنى وإرث حضاري.
بدوره رحَّب الدكتور غياث أرمنازي -عضو الجمعية- بالضيوف من باحثي المتحف البريطاني، وشكرهم على التعاون الذي أبدَوه في سبيل التعريف بسورية وتاريخها، مقدراً أنهم قد قطعوا إجازات الأعياد للمشاركة في هذا اليوم.
لا تبقوا في بيوتكم
لقد أشار الباحث جوناثان إلى الجهود الكبيرة التي بذلها باحثون سوريون في التنقيبات الأثرية واكتشافاتها في مختلف المناطق، مثل نسيب صليبي وعدنان البني وأعمالهما في موقعي عمريت ورأس ابن هاني، وعلي أبو عساف في حوران ويبرود، موضحاً أنه بسبب تأخر الاكتشافات الأثرية العلمية نسبياً، فقد اُعتِبرتْ حضارةً تابعة لما حولها من حضارات وادي الرافدين والأناضول، إلا أنها كانت بحق هي الأصل والأساس.
وبطريقة ملفتة للنظر، دعا الباحثين الآثاريين السوريين قائلاً: «اخرجوا من دمشق وحلب وحمص، فسورية أكبر من ذلك، زوروا جرابلس ومسكنة والجزيرة، وانظروا إلى الفخار وعصر ما قبل الفخار.. لا تبقوا في بيوتكم».
سورية عبر العصور-الحضورقلعة حلب.. مملكة عمورية
نيابةً عن الباحث ديفيد هوكنز، ألقى جوناثان محاضرةً أعدها الأول عن قلعة حلب أوضح فيها أن القلعة كانت مملكة عمورية دمرها الحثيون، كما تثبت وثائق متحف القلعة، مشيراً إلى عمليات الترميم الحالية فيها والتي تقوم بها مؤسسة الآغا خان.
بيت هيلاني.. بيت النوافذ
من جهة أخرى، تحدَّث روبرت شابمان في محاضرته عن موقع بيت هيلاني واعتبرهُ نموذجاً لحياة المدنية السورية، وفسر معنى التسمية بـ«بيت النوافذ»، مشيراً إلى أنه يعود إلى 1200 ق.م، مؤكداً أنه لا بد أن توجد حاضرة كبيرة حول مثل قصر كهذا.
تدمر.. أم الأباطرة
تدمر وتاريخها وشخصياتها كانت حاضرة في عرض مطول قدمه الباحث بول روبرت في محاضرته، مؤكداً أن «سورية كانت رومانيةً في زمن ما، إلا أن روما كانت سوريةً في زمن ما أيضاً»، مستشهداً على دراسة الآثار، والأزياء، والنقوش، والعملات، والأقواس، والمسارح، وأثر السوريين الواضح فيها. ثم عرض لحياة ماركوس، وجوليا دومنا، وكركلا، وأذينة، وزنوبيا، داعياً إلى إعادة اكتشاف تدمر وحضارتها مسمياً إياها بأم الأباطرة.
الآثار وتقنيات الكشف
حول استخدام التقنيات الحديثة في عمليات الكشف عن الآثار وتحليلها وفحص المستحاثات وتحديد عمرها الزمني، عرضت كارولين كارت رايت صوراً لكثير من المواقع الأثرية المكتشفة في سورية، ومنها خُوَذٌ اُكتشفت في قلعة دمشق.
توثيق الفسيفساء السورية
أما الدكتور قسطنطين بوليتسي فقد قدم مشروعَ توثيق الفسيفساء السورية، والذي بدأ عام 2004 بتمويل من المركز اليوناني-الأوروبي للآثار البيزنطية، مؤكداً أن الموزاييك قد ظهر في اليونان وانتقل إلى الشرق مع فتوحات الإسكندر، مشيراً إلى أنه تمّ العثور على أهم وأقدم قطعة موزاييك في منطقة طيبة الإمام في مدينة حماة، وأن منطقة معرة النعمان هي أكثر المناطق السورية التي تضم أكبر عدد مكتشف من قطع الفسيفساء. كما أشار إلى وجود بعض الكتابات الإغريقية (اليونانية القديمة) في عدة أماكن في تدمر وكذلك في شهبا بمحافظة السويداء.
سورية عبر العصور-السيراميك سيراميك الجنّة
أما الدكتورة فنيتا بورتر فقد تحدثت عن السيراميك السوري في عهد المماليك والعثمانيين مؤكدةً تأثرَه بالخزف الصيني، وأشارت إلى أكبر مجموعة من البورسلان قد تمّ العثور عليها في الأسواق والأحياء القديمة بدمشق، وساقت أدلة على الخزف العثماني منها في جامع الدرويشية، وجامع السنانية، والتكية السليمانية. وختمت بالقول: «تخطر الجنة على بالي عندما أنظر إلى السيراميك السوري».
العمارة الدفاعية
كما حاضرَ الدكتور هيو كنيدي حاضرَ -أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة لندن- عن العمارة العسكرية الإسلامية في فترة الحروب الصليبية، مشيراً إلى تطبيقات علم الهندسة العسكرية في بناء تلك القلاع مستشهداً ببناء كل من قلاع دمشق، وصلاح الدين، والحصن، مشيراً إلى كونها كانت تُبنى للدفاع عن النفس وليست تعبيراً عن العظمة.
زيادة في البحث الأثري
بدوره أكّد الدكتور بسام جاموس -المدير العام للآثار والمتاحف- على أهمية ورشة العمل مشيراً إلى أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، واستعرض بعض المكتشفات التي تؤكد العثور على بقايا جمجمة إنسان تعود إلى 400 ألف عام وقرية نموذجية تعود إلى الألف السابع ق.م. كما نوّه إلى تسجيل قلعتي الحصن وصلاح الدين على لائحة التراث العالمي، مبيّناً أن هناك جهود لتثبيت موقعي ماري وأوغاريت؛ وفي النهاية وجه الدعوة للمزيد من التعاون بين سورية وبريطانيا.

عمر الأسعد

اكتشف سورية

سورية وتاريخها: في عيون بريطانية

بالتعاون بين الجمعية السورية-البريطانية والمتحف البريطاني، واحتفاءً بدمشق عاصمة الثقافة العربية، كان يوم الجمعة 19 كانون الأول 2008 يوماً للبحث والتعريف بتاريخ سورية، في ورشة عمل حضنتها أروقةُ مكتبة الأسد تحت عنوان «سورية عبر العصور»، بحضور الأستاذ جوزيف سويد -وزير المغتربين-، والدكتور سامي الخيمي -سفير سورية في لندن-، والدكتورة حنان قصاب حسن -الأمينة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية-، والدكتور وائل معلا -رئيس جامعة دمشق-.
المزيد من التعاون
أكّد الدكتور فواز الأخرس -رئيس الجمعية السورية-البريطانية- على أن هدف الورشة هو عرض الصورة الحضارية لسورية وتحسين العلاقات والروابط الثقافية بين البلدين، مشيراً إلى أهمية الورشة التي تتناول سورية عبر التاريخ بكل ما فيها من غنى وإرث حضاري.
بدوره رحَّب الدكتور غياث أرمنازي -عضو الجمعية- بالضيوف من باحثي المتحف البريطاني، وشكرهم على التعاون الذي أبدَوه في سبيل التعريف بسورية وتاريخها، مقدراً أنهم قد قطعوا إجازات الأعياد للمشاركة في هذا اليوم.
لا تبقوا في بيوتكم
لقد أشار الباحث جوناثان إلى الجهود الكبيرة التي بذلها باحثون سوريون في التنقيبات الأثرية واكتشافاتها في مختلف المناطق، مثل نسيب صليبي وعدنان البني وأعمالهما في موقعي عمريت ورأس ابن هاني، وعلي أبو عساف في حوران ويبرود، موضحاً أنه بسبب تأخر الاكتشافات الأثرية العلمية نسبياً، فقد اُعتِبرتْ حضارةً تابعة لما حولها من حضارات وادي الرافدين والأناضول، إلا أنها كانت بحق هي الأصل والأساس.
وبطريقة ملفتة للنظر، دعا الباحثين الآثاريين السوريين قائلاً: «اخرجوا من دمشق وحلب وحمص، فسورية أكبر من ذلك، زوروا جرابلس ومسكنة والجزيرة، وانظروا إلى الفخار وعصر ما قبل الفخار.. لا تبقوا في بيوتكم».
سورية عبر العصور-الحضورقلعة حلب.. مملكة عمورية
نيابةً عن الباحث ديفيد هوكنز، ألقى جوناثان محاضرةً أعدها الأول عن قلعة حلب أوضح فيها أن القلعة كانت مملكة عمورية دمرها الحثيون، كما تثبت وثائق متحف القلعة، مشيراً إلى عمليات الترميم الحالية فيها والتي تقوم بها مؤسسة الآغا خان.
بيت هيلاني.. بيت النوافذ
من جهة أخرى، تحدَّث روبرت شابمان في محاضرته عن موقع بيت هيلاني واعتبرهُ نموذجاً لحياة المدنية السورية، وفسر معنى التسمية بـ«بيت النوافذ»، مشيراً إلى أنه يعود إلى 1200 ق.م، مؤكداً أنه لا بد أن توجد حاضرة كبيرة حول مثل قصر كهذا.
تدمر.. أم الأباطرة
تدمر وتاريخها وشخصياتها كانت حاضرة في عرض مطول قدمه الباحث بول روبرت في محاضرته، مؤكداً أن «سورية كانت رومانيةً في زمن ما، إلا أن روما كانت سوريةً في زمن ما أيضاً»، مستشهداً على دراسة الآثار، والأزياء، والنقوش، والعملات، والأقواس، والمسارح، وأثر السوريين الواضح فيها. ثم عرض لحياة ماركوس، وجوليا دومنا، وكركلا، وأذينة، وزنوبيا، داعياً إلى إعادة اكتشاف تدمر وحضارتها مسمياً إياها بأم الأباطرة.
الآثار وتقنيات الكشف
حول استخدام التقنيات الحديثة في عمليات الكشف عن الآثار وتحليلها وفحص المستحاثات وتحديد عمرها الزمني، عرضت كارولين كارت رايت صوراً لكثير من المواقع الأثرية المكتشفة في سورية، ومنها خُوَذٌ اُكتشفت في قلعة دمشق.
توثيق الفسيفساء السورية
أما الدكتور قسطنطين بوليتسي فقد قدم مشروعَ توثيق الفسيفساء السورية، والذي بدأ عام 2004 بتمويل من المركز اليوناني-الأوروبي للآثار البيزنطية، مؤكداً أن الموزاييك قد ظهر في اليونان وانتقل إلى الشرق مع فتوحات الإسكندر، مشيراً إلى أنه تمّ العثور على أهم وأقدم قطعة موزاييك في منطقة طيبة الإمام في مدينة حماة، وأن منطقة معرة النعمان هي أكثر المناطق السورية التي تضم أكبر عدد مكتشف من قطع الفسيفساء. كما أشار إلى وجود بعض الكتابات الإغريقية (اليونانية القديمة) في عدة أماكن في تدمر وكذلك في شهبا بمحافظة السويداء.
سورية عبر العصور-السيراميك سيراميك الجنّة
أما الدكتورة فنيتا بورتر فقد تحدثت عن السيراميك السوري في عهد المماليك والعثمانيين مؤكدةً تأثرَه بالخزف الصيني، وأشارت إلى أكبر مجموعة من البورسلان قد تمّ العثور عليها في الأسواق والأحياء القديمة بدمشق، وساقت أدلة على الخزف العثماني منها في جامع الدرويشية، وجامع السنانية، والتكية السليمانية. وختمت بالقول: «تخطر الجنة على بالي عندما أنظر إلى السيراميك السوري».
العمارة الدفاعية
كما حاضرَ الدكتور هيو كنيدي حاضرَ -أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة لندن- عن العمارة العسكرية الإسلامية في فترة الحروب الصليبية، مشيراً إلى تطبيقات علم الهندسة العسكرية في بناء تلك القلاع مستشهداً ببناء كل من قلاع دمشق، وصلاح الدين، والحصن، مشيراً إلى كونها كانت تُبنى للدفاع عن النفس وليست تعبيراً عن العظمة.
زيادة في البحث الأثري
بدوره أكّد الدكتور بسام جاموس -المدير العام للآثار والمتاحف- على أهمية ورشة العمل مشيراً إلى أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، واستعرض بعض المكتشفات التي تؤكد العثور على بقايا جمجمة إنسان تعود إلى 400 ألف عام وقرية نموذجية تعود إلى الألف السابع ق.م. كما نوّه إلى تسجيل قلعتي الحصن وصلاح الدين على لائحة التراث العالمي، مبيّناً أن هناك جهود لتثبيت موقعي ماري وأوغاريت؛ وفي النهاية وجه الدعوة للمزيد من التعاون بين سورية وبريطانيا.

عمر الأسعد

اكتشف سورية

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

سمير الحلو:

مثل هذه الدراسات هي ثروة ومنارة لنا وللاجيال القادمة، ولكن السؤال المحير عندي دائما هو لماذا لا تطبع وتنشر وتعمم هذه الدراسات؟ نسمع عن كثير من المؤتمرات والمحاضرات ولكن أين هي؟ وإن طبعت لا نعرف من أين يمكن لنا الحصول عليها. سؤال لا أعرف إن كنت سأحصل على إجابة عنه

الشام

إدلبي:

إي والله وأنا بضم صوتي لصوتك أخ سمير، مو بس هيك، إي ما عمنسمع عن هالمحاضرات والمؤتمرات العظيمة إلا بعد ما تكون خالصة ووقت نسأل عن الكتب أو المحاضرات دايما بقولو خلال اسبوع بتكون مطبوعة، وما منشوف شي..

الشام

عثمان:

من أهم الندوات، وأكثرها تنظيماً... وما يقهر أن البريطانيين عارفين قيمة الحضارة والآثار السورية أكثر من السوريين أنفسهم، يا ريت نعرف ونتعلم منهم، ناس قاطعين نص الكرة الأرضية منشان يلقوا علينا محاضرات عن قيمة الكنوز الحضارية اللي ببلادنا ونحنا مو عارفين من الجمل إلا رقبته!!!! عجب.... الشكر كل الشكر لكل من ساهم في هذه الندوة الرئعة وياريت يكون دايماً في هيك ندوات، وشو بيمنع يا ترى علمائنا من إقامة ندوات شعبية دائمة ومستمرة لتوعية الناس على الكنوز اللي عايشين فوقها

دمشق