عيسى فتوح يتحدث عن زيارة لامارتين لدمشق
27 02
أردت أن أعود بالمتلقي إلى دمشق في عام 1833
قبل مئة وخمس وسبعين سنة قام الشاعر الرومانطيكي الفرنسي الشهير «لامارتين» -أحد زعماء المدرسة الرومانسية- بزيارة إلى بلاد الشرق، حيث بلاد الأساطير والروحانيات والأديان، وقد نتج عن هذه الزيارة عدة مؤلفات حملت طابع الشهرة والأهمية من حيث وصفها للعرب في مكارم أخلاقهم وبساطتهم وروحانياتهم، كما وصف بدقة متناهية أدق تفاصيل يوميات الحياة الدمشقية وكانت البداية من صناعتها وتجارتها وصناعة السيوف (السيف الدمشقي الشهير)، ثم تطرق إلى أهل دمشق بعاداتهم وتقاليدهم ومحبتهم للآخر، وأهم مؤلفاته في الشرق كانت تتحدث عن سورية ولبنان في مؤلفين «رحلة إلى الشرق» و«آلهة لبنان».
ضمن فعاليات الاحتفالية التي تعيشها دمشق عاصمة للثقافة العربية، ألقى الباحث عيسى فتوح في المركز الثقافي بالمزة محاضرة تحت عنوان «دمشق في رحلة لامارتين إلى الشرق» في السابع والعشرين من شباط 2008. أراد المحاضر تحت منصة هذه المناسبة أن يعود بجمهوره من الحضور إلى دمشق في عام 1833 أي إلى الفترة التي زار فيها لامارتين دمشق قبلة المفكرين والباحثين والراغبين في تذوق الجمال.
عن لامارتين واختيار هذه الشخصية بالتحديد يقول المحاضر «اهتممت بهذه الشخصية لأنني في عام 1980 أُوفدت من قبل اتحاد الكتاب العرب إلى بلغاريا لحضور فعاليات مؤتمر أدب الأطفال في مدينة بلوتيف، وهناك حيث مقر إقامتنا استوقفتني استراحة حملت اسم لامارتين، وهي الاستراحة التي أقام فيها أسبوعاً كاملاً بعد عودته من سورية ولبنان مروراً بتركيا في رحلته الشهيرة "رحلة إلى بلاد الشرق" وقد حولت إحدى غرف هذه الاستراحة إلى متحف لما كتبه لامارتين عن بلغاريا وبلاد الشرق. فيما بعد وعند عودتي للديار قمت بالبحث عن مصادر تتناول هذه الرحلة ولم أوفق إلا في كتاب إلياس أبو شبكة "لامارتين في لبنان" حيث تناوله في زيارته إلى لبنان ولم يتناول الجانب الآخر من الرحلة عن سورية وعاصمتها دمشق، بعدها تمكنت من العثور على كتاب لامارتين نفسه "رحلة إلى بلاد الشرق" وترجمت منه هذه المحاضرة التي تحدثت فيها عن رحلته إلى دمشق كما وصفها عام 1833».
كان هذا ما قدمه الباحث فتوح عن لامارتين لتأتي أسئلة الحضور وحواراتهم أكثر إغناء لما قيل وذكر، ولعل أحد الباحثين وهو سهيل الجناوي جاء برأي مختلف تماماً عن الشاعر لامارتين إذ قال «لامارتين لم يأت إلى الشرق بوصفه مؤرخاً بل أتى للتسلية والترفيه بعد خسارته للانتخابات الفرنسية، ومن هنا زيارته كانت لحاجات شخصية وللتسلية وليس أمراً غريباً أن يعجب بدمشق محط أنظار وإعجاب العالم وقد سبقه آخرون في وصفها وهي مدينة المدائن كما وصفها الأموي الكبير عندما قال "يا أهل دمشق لقد منحكم الله ثلاثاً، تفخرون بمائكم، وفاكهتكم، ومناخكم، وأود أن أمنحكم رابعة وهي الجامع الأموي" ثم أمر ببنائه».
«بالتالي من العبثية بمكان ولاعتباره ليس مؤرخاً أن نركز على وصفه لدمشق ونعتبره دقيقاً، فهي مجرد انطباعات شخصية أراد منها المحاضر تقديم إحدى وجهات نظر بعض الغرباء بعد زياراتهم لدمشق، وعليه فمن الخطأ النظر إلى شهرة لامارتين على أنها نجمت عن زيارته للشرق وإنما حصد شهرته من قصيدة "البحيرة" التي ترجمت إلى العديد من اللغات فيما بعد، إضافة إلى انتمائه للمدرسة الرومانطيكية إحدى المدارس التي لا زالت موجودة حتى يومنا هذا حال المدرسة الكلاسيكية والواقعية».
يضيف جناوي «يجب أن نعطيه حجمه الطبيعي، لم يأت إلى الشرق حاملاً لرسالة حضارية أو تاريخية أو فكرية أو سياسية وإنما ترفيهية وهو إنسان بعيد عن الشعب ويعيش في برجه العاجي وله قصيدة فيها أسماها "الوحدة" أي العزلة والأنا».
رياض أحمد
اكتشف سورية