17 نيسان عيد خروج آخر جندي أجنبي عن أرض سورية الأبية بلا عودة

10 نيسان 2012

.

تستذكر سورية والشعب السوري في كل عام ذكرى جلاء القوات المستعمرة الأجنبية عن أراضيها بلا عودة، وهي المناسبة التي صاغت وقررت مستقبل سورية الحديث والمعاصر، ونجم عنها نشوء «الجمهورية العربية السورية».

ويحتفل السوريون بهذه المناسبة، مستعيدين ملامح العنفوان والعزة التي تميز بها المجاهدون الأوائل، والذين ضحوا بكل غالٍ ونفيس من أجل الوطن، ورسمت ثوراتهم ومواقفهم صورة الوطن الواحد بشعبه المتلاحم والمتماسك، فصدحت مآثرهم وأفكارهم في فضاء الزمن، وتردد صدى كلماتهم في الكتب والأشعار والملاحم والقصص التي سطرت عنهم وعن رفاقهم، فإذا هي نشيد واحد متصل من البطولة والفداء.

كان هذا تراث يوسف العظمة والشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش، الذين أعلوا الوطن فوق كل اعتبار، ونظر كل منهم إلى ثورته على أنها ثورة الشعب السوري ضد الاستعمار الفرنسي، بغض النظر عن امتداد رقعتها الجغرافية على أرض الوطن.

تأتي ذكرى الجلاء هذا العام وسورية تعيش مرحلة صعبة من تاريخها، تتقاطع فيها عوامل داخلية وخارجية، وتسعى فيها قوى مختلفة إلى إزاحة سورية عن دورها التاريخي كقائد حقيقي للأمة العربية، ومُطالبٍ بحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في السيادة والاستقلال وتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وأهم هذه الحقوق وأكثرها محورية قضية فلسطين – قضية العرب المركزية – وحق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.

وإذ تختلط هذه القضية بقضايا أخرى، فإن الشعب السوري يتبين طريق خروجه من محنته بصبره المعهود، وبصيرته الثاقبة، التي لا تعجز عن غربلة المسائل، فيتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وإذا الحاجة والرغبة إلى تطوير المجتمع السوري وبنيته السياسية أمرٌ، وتدمير سورية والقضاء على وحدتها ودورها أمر آخر تماماً.

علّ ذكرى الجلاء تأتي، ومعها جلاء البصر والبصيرة لكل سوري، فتتضح الصورة الشاملة، ويتبين له أن استقرار الوطن واستقلاله عامل أساسي حاسم في أي تطور مستقبلي، وأن سعيه نحو الحرية والديمقراطية، ونحو الرخاء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، له عناوين قائمة واضحة، أساسها وحدة الشعب السوري ووحدة مؤسساته، فسورية التي تركها لنا آباء الاستقلال وطناً واحداً موحداً عصياً على الاستعمار متطلعاً إلى المستقبل، لا بد أن نتركها لأبنائها بلد الأمن والأمان والسلام والازدهار، لنا وللإنسانية جمعاء.


يقول الشاعر الكبير سليم الزركلي في ذكرى الجلاء:

أمعاقل الأحرار طاب لك الجنى .. || .. وحلا بك التغريد في الأفنان
وخلت نواديك الحسان من القذى .. || .. وغدت تعج بأنبل الضيفان
خفقت بك الرايات يا لخفوقها .. || .. من بعد ما طويت عن الأجفان
الراية الكبرى ترفرف والعلى .. || .. تبني لها مجداً بكل بنان
زحفت مواكب يعرب لتبثها .. || .. وجد المشوق وحرقة الولهان
ولطالما أغفت على أحزانها .. || .. ولطالما قرت على نيران
أدمشق ما أنت الغداة بثاكل .. || .. ما أنت بالنادي الخضيب العاني
ما أنت بالبلد المضيع حقه .. || .. ما أنت بالبلد القليل الشان
كم وثبة لك في القيود تقطعت .. || .. أسبابها ودمٍ تسرّب قاني
ولكم أفقت على الشدائد والأذى .. || .. وسحبت في البلوى وفي الأحزان
رُضْتِ الجهاد فما استكان لغاصب .. || .. ولقد حضنت ملاعب الفرسان
فخذي الحقائق لا يغرك باطل .. || .. وضعي الأمور بكفتي ميزان


اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق