سورية في ذكرى الجلاء تنتظر الجلاء

18 نيسان 2014

.

اليوم عيد الجلاء، وبقدر ما تثير فينا هذه الكلمة من عودة إلى حنين ماضٍ، فإنها تذكرنا باستقلال الوطن، وخروج القوات الأجنبية من آخر شبر فيه. تذكرنا بذلك المنجز المشترك الذي ساهم فيه أبناء الوطن السوري جميعهم، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم الدينية والطائفية والسياسية والفكرية، أو انتماءاتهم العرقية، أو شرائحهم الاجتماعية الاقتصادية.

ثمانية وستون عاماً مضت على جلاء آخر جندي فرنسي عن أرضنا الطيبة، لننعم بحريتنا واستقلالنا، هذا الاستقلال الذي بُذلت لأجله دماء أبطال رفضوا الاستسلام لطغيان المستعمر وظلمه الغاشم، مسطرين ملاحم من البطولة توجت ببطولات يوسف العظمة والشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو وسلطان باشا الأطرش، الذين أعلوا الوطن فوق كل اعتبار، ونظر كلٍ منهم إلى ثورته على أنها ثورة الشعب السوري كله ضد الاستعمار الفرنسي.

لقد كانوا ببساطة سوريين يصنعون وطناً، وضعوا أيديهم بأيدي بعض وصنعوا الجلاء وطردوا الفرنسي من أرضهم، رافضين كل مشاريع التقسيم المناطقي أو المذهبي التي خرج بها عليهم ذلك المستعمر اللئيم، الذي عمل على استهداف وحدتهم التي هي مصدر قوتهم وجوهر انتمائهم، وهكذا كان شعار الثورة السورية الكبرى الذي أعلنه للملأ قائدها الزعيم الوطني سلطان باشا الأطرش: «الدين لله، والوطن للجميع». فوقف أبناء جبل العرب وسهل حوران جنباً إلى جنب مع إخوانهم في غوطة دمشق وجبال حارم وهضبة حلب، وأبناء الساحل السوري مع رجال حماة وحمص وسهوب الجزيرة السورية ليشكلوا بكليّتهم هذا الوطن العظيم: ســـــــــورية.

أعوام كثيرة مضت وسورية تعيش فرح الجلاء والاستقلال والاستقرار، تفتخر برموز استقلالها وبتاريخها وحضارتها وتعمل بصبر وصمت لبناء مستقبلها.

أما اليوم فإن ذكرى الجلاء تأتي وسورية تنتظر فرحة جلاء جديد، وقد روى شبابنا وجيشنا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة، لتزهر شقائق النعمان في كل مكان وتكون شاهدة على هجمات إرهابية إنكشارية تكفيرية أتت بكل مرتزقة الأرض تحت شعارات سوداء وأهداف خيالية مدعومة من قوى إقليمية بهواجس دونكيشوتية، وقوى عالمية بطموحات استعمارية، واجهتها بطولات شعب تحدى الهجمة الهمجية الحاقدة التي يتعرض لها الوطن واستقلاله من أعمال إجرامية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، نعيشها اليوم بتفاصيل موجعة جعلتنا نشرب أحزاننا حتى الثمالة، وننتظر بصبر يوم الخلاص والنصر على الظلام والتكفير وثقافة الموت، مؤمنين بثقافة الحياة والوطن والمواطنة.

العيد اليوم يأتي ووطننا ينزف دماً وحزناً على أحبة فقدناهم، وأهل هجروا منازلهم، وأصدقاء خطفتهم أيادي الغدر والحقد، ومنشآت بنيناها عبر عقود طويلة نشاهدها تتدمر بأيدي رعاع الأرض، وأوابد حضارات أجدادنا تُسرق بأيدي زعران ولصوص لا يعلمون ما يفعلون، وأضرحة وكنائس وأديرة وجوامع تُدنس بأيدي تكفيريين بأسلوبهم الهمجي الحاقد.

السوريون اليوم يدافعون بكل ما أوتوا من قوة سورية، وروح سورية، وتاريخ سوري، وعنفوان سوري، ووطنية سورية أصيلة، عن أرض يعشقونها حتى الوله، عن وطن بنوه عبر العصور، عن قضية آمنوا بها وهي سورية الوطن؛ ويعِدُون التاريخ بجلاء قادم لا محالة.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

احمد شام:

سوريا بلد الامجاد

سوريا