معرض نيو ميديا في غاليري أيام للفنون بدمشق
25 نيسان 2011
للفنانين نصوح زغلولة وعمار البيك
افتتح في غاليري أيام للفنون بدمشق معرض نيو ميديا للفنانين نصوح زغلولة وعمار البيك اللذين يتقاطعان في شهرتهما كفنانين ضوئيين إلا أنهما يعرضان أعمالاً فنية مختلفة على صعيد الفكرة وعلى مستوى التقنية والتنفيذ.
وقدم الفنان البيك ستة أعمال تتمحور جميعها حول السياسة الأميركية في العالم بدءاً من حربها على اليابان من خلال مأساة هيروشيما وناكازاكي مروراً بغزو العراق إضافة إلى التهكم على الذهنية الأميركية المحكومة بغريزتي إشعال الحروب وحماية إسرائيل.
واعتمدت أعمال الفنان البيك على التجهيزات الآلية حيث بنى احدى معروضاته مثلاً على حركة تضم مجموعة من البنادق المصوبة باتجاه المشاهد ورسم على قاعدتها شعاري الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أميركا وعلى جانب هذا العمل مصب الوقود في إشارة منه إلى أن أميركا بجمهورييها أو ديمقراطييها مستعدة لغزو أي دولة في سبيل امتصاص نفطها وسرقة مقدراتها.
وفي تصريح لوكالة سانا يقول الفنان البيك.. إن أعمالي تنبه إلى المآسي التي خلفتها الحروب الأميركية بدءاً من موت وإصابة وتشويه ملايين البشر بعد إسقاط قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناكازاكي عام 1946 وانتهاء بغزو العراق الذي خلف أعداداً لا تحصى من القتلى والمهجرين مضيفاً ان هذه الأعمال تبين أن هناك قوى تملك الأسلحة المتطورة لغزو العالم واختلاق الحروب انطلاقاً من مصالحها وليس بهدف نشر الديمقراطية أو حماية الإنسان.
ورأى الناقد الفني الدكتور طلال معلا أنه يمكن قراءة أعمال البيك ضمن إطار فن الحدث بشكل عام وإطار التحولات التي تطول الفن في العالم حالياً بالتساوق مع تطلعات جديدة عن فنون معبرة عن الأحدث وقال.. إن القراءة الأولى لهذا النوع الفني تنفي الحالة الزخرفية والأيقونية من الفن للخروج إلى موقع يطول السياسة والأحداث واهتمامات الفن الأساسية التي خرجت شيئاً فشيئاً من محتواها العام لتصبح فنوناً لها اهتمامات في المذاهب والمدارس التي تعاقبت على فن الحداثة بشكل عام فهذه الفنون تقطع العلاقة مع التاريخ ومع الماضي لتؤسس لفنون ما بعد الحداثة.
ويضيف معلا إن ما يميز النوع الفني الذي يقدمه البيك هو الصلة مع المشاهد وإمكانية استخدام الميديا والصورة والحركة بمعنى أن هناك زمناً معاشاً وليس زمناً افتراضياً كما في اللوحة أو المنحوتة يتم استعادته كوثيقة وبالتالي الوصول إلى موقف من خلال العمل سواء في الأعمال التي قدمها حول سرقة أميركا لبترول الدول أو موقفها من الحروب.
فيما رأى الناقد الفني سعد القاسم أن معرض البيك يضم تكوينات بصرية تحيل الإنسان للتفكير باتجاه الآلات التي طغت على عصرنا وباتجاه بعض السياسات الموجودة في العالم ولاسيما سياسة أميركا الراعية والحاضنة لإسرائيل التي تحتل الأراضي العربية.
وأشار القاسم إلى أن أعمال البيك استطاعت إدخال المتلقي بشكل غير مباشر من حيث كيفية العرض وطبيعة الإضاءة في حالة طقسية معينة لافتاً إلى أن هذه الأعمال قد تبدو غريبة عن المشهد التشكيلي السوري إلا أنها مواكبة لتطور الفن التشكيلي العالمي.
وعلى الطرف المقابل تبرز مجموعة لوحات الفنان الضوئي نصوح زغلولة الذي استطاع إظهار البنية الجمالية للوحة الفوتوغرافية بالاعتماد على اللونين الأبيض والأسود حيث وصف زغلولة لوحاته الغرافيكية بالرحلة البصرية لتوضيح العلاقة بين الجسد الإنساني وحارات الشام القديمة وقال.. إنه لا يوجد فرق بين ضوء الإنسان وضوء الحارة الدمشقية ضمن كادر الظلمة النقية الذي يحيط بكل منهما.
وأشار زغلولة إلى أنه حاول في كل لوحة من لوحاته إيجاد حوار بينها وبين المتلقي بالاعتماد على عنصر الضوء الذي يمثل المرأة والحارة الدمشقية في آن معاً مضيفاً.. إن جميع الصور الموجودة في المعرض التقطها عام 1985 حيث أعاد تجميعها باستخدام التقنية الحديثة التي سمحت له بإعادة صياغتها فنياً من جديد.
ورأى الدكتور معلا أن هذه الصور الكلاسيكية القديمة التي أعاد فيها الفنان زغلولة ترتيب عناصره البشرية بدت وكأنها محشورة في الظلمة وهذا ما خلق منها موضوعاً جديداً وأتاح بالتالي للجمهور قراءتها بشكل مختلف.
وحول أحد أعمال الفنان زغلولة التنصيبية أوضح معلا أنها تمثل لحظة خشوع أو دقيقة صمت كما سماها أمام الوردة الدمشقية تعكس حالة من فقدان الأمل التي يحاول التعبير عنها وقال.. إن هذه الوردة التي هي مثال للزينة جعلها زغلولة مادة للرثاء بالاعتماد على خلفية من التصوير الفوتوغرافي لحارات دمشقية وامتداداً لخلفية حمراء للورود المسودة.
ورأى القاسم أن الفنان زغلولة اعتمد الجسد البشري كعنصر تشكيلي لبناء لوحة فوتوغرافية من خلال استخدام الإمكانيات المتعددة للتصوير والطباعة وقال.. إنه اشتغل على حالة من الترددات البصرية التي تشابه إلى حد كبير الإيقاعات الموسيقية وكأنه أراد رسم الموسيقا التي نسمعها دون أن نقرأها.
وأضاف القاسم ان الفنان زغلولة استخدم في أحد أعماله التي تصور حارات دمشقية بعداً إضافياً من خلال التقدم باتجاه المتلقي عبر تنصيبه من الأزهار الصناعية في محاولة منه لكسر رتم التصوير الفوتوغرافي الذي استطاع إدخاله بصورة طبيعية ضمن معطيات الفن التشكيلي.
وكالة الأنباء سانا