فرقة تري سايكل المسرحية الإسبانية في دار الأسد للثقافة والفنون

17 أيلول 2010

تُضحك الحضور لمدة ساعة وأكثر

بعد عطلة دامت طيلة أيام شهر رمضان المبارك، استغلتها الإدارة في إجراء بعض الترميمات الخفيفة، عادت دار الأسد للثقافة والفنون (دار الأوبرا السورية) إلى نشاطها المعتاد، وبدأ التجهيز لإقامة فعاليات كبيرة، فبعد يومين يُفتتح في الدار مهرجان «نساء تغني»، والذي يستضيف خيرة المغنيات العربيات ليدون أجمل ما عندهن، كما تستعد الدار ولأول مرة في الوطن العربي لإقامة ملتقى البزق الأول، وفيه سيعزف ثلاثة عشر عازفاً على هذه الآلة والآلات التي تنتمي إلى عائلتها (الطنبورة والباغلمة)، ويأتي العازفون من مختلف المناطق السورية، كما سيحيي حفل الختام في هذا الملتقى أمير البزق العازف السوري الكبير سعيد يوسف، كذلك تقدم الدار مفاجأة للجمهور السوري في الشهر الأخير من هذا العام هي أوبرا «زواج فيغارو» بكوادر سورية خالصة من موسيقيين ومغنين بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان.

من العروض الهامة التي شهدتها الدار مساء الأربعاء 15 أيلول 2010 مسرحية بعنوان «100% تري سايكل» نفذتها فرقة تري سايكل الإسبانية، وذلك بالتعاون مع سفارة المملكة الإسبانية بدمشق.


إدوارد مينديز بوميس، خوام أورتانوباس كاساس، أنطونيو خوسيه كارسيا ديل فالي
على خشبة مسرح دار الأسد للثقافة والفنون

والفرقة مؤلفة من ثلاثة ممثلين هم: إدوارد مينديز بوميس، خوام أورتانوباس كاساس، أنطونيو خوسيه كارسيا ديل فالي. حمل الممثلون في جعبتهم الحداثة والإبداع ليقدموا عرضاً مبهراً، وقد برهنت الفرقة في عرضها هذا بأن الفكاهة تستند على نوع القصة والمشاهد اللازمنية التي يؤديها الممثل.

مسرحية «100% تري سايكل» اعتمدت على أصعب مشاهد في تاريخ المسرح، وهي المشاهد الإيمائية (الصامتة)، واستندت إلى شخصيات وحياة يومية في قالب كوميدي بعيداً عن مواضيع الموضة، مع خلوها من الديكور والسينوغرافيا، وإذ كانت فقيرة من هذه النواحي، لكنها كانت غنية في الطرح وحركة الممثل، ونجحت في إضحاك الحضور لدى كل حركة في هذا العرض، وبرهنت الفرقة على أن المسرح الجاد لا يعتمد على البذخ في أدوات العرض، إنما يمكن لفنان حقيقي أن يؤدي عرضاً ناجحاً مستخدماً أقل ما يمكن من الأدوات ومعتمداً على الممثل والفكرة، وأن العروض التي لا تتقيد بزمن معين قد تستمر لأعوام طويلة.

هكذا كانت مسرحية «100% تري سايكل» في إيقاعها الساكن مع الفكاهة الشاملة المستندة إلى الحياة اليومية من منظور مذهل وبسيط إلى حد السذاجة، مما لمسه المشاهد منذ الدقيقة الأولى من العرض، فلم تغادره الابتسامة أو الضحك حتى نهاية العرض، وفي نفس الوقت قاد العرض المتلقي إلى الصمت كل عشر ثواني.

التمثيل الإيمائي عموماً هو إظهار المشاعر على شكل حركات أو انعكاسات للحس عوضاً عن الكلمات، إنه قريب إلى النفس البشرية أكثر من كل محاولات التعبير الصوتي، وهو فن يستطيع التعامل بدقة مع الطبيعة بكل عناصرها ومع البشر أيضاً – كمتلقين – وبواسطته (أي التمثيل الصامت) يمكن التعبير عن أمور غير مرئية لأنه يتعامل مع الذات الإنسانية بأدق التفاصيل التي تصل إلى أكثر من الهواجس أحياناً، أو قد يصل إلى مفاتيح السحر والاستلاب الذهني، ومن خلال هذا الفن الذي أطلق عليه في كثير من الأحيان تسمية «فن التكوين الصامت» نجد أن الممثل يستطيع أن يكوّن الأشياء من فراغ أو فضاء المسرح ويصنع لها ثقلاً ووزناً يتعامل معه في ذهن المتلقي وليس في حركاته فحسب، يكونها ذلك الفنان المسرحي في زمن الفعل الذي يقوم بأدائه دون الحاجة إلى استخدام الإكسسوارات أو الأشياء كمادة ملموسة، لأن الممثل الصامت مثل النحات تماماً، لكنه لا يستعمل الإزميل والمطارق والشفرات أو حتى الحجر.

شكراً لدار الأسد للثقافة والفنون على هذا العرض الجميل الذي أبهر جمهور دمشق، وبرهن حاجة الساحة المسرحية السورية إلى مسرح حقيقي من هذا النوع.


إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من العرض المسرحي لفرقة تري سايكل الإسبانية في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق

من العرض المسرحي لفرقة تري سايكل الإسبانية في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق

من العرض المسرحي لفرقة تري سايكل الإسبانية في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق