ذكراهم باقية في نتاجهم وفي ضمائرنا التي ساهموا في تشكيلها 30/كانون الأول/2008
في عام شهدت فيه دمشق احتفالية كبيرة، جعلتها عاصمة للثقافة بامتياز، حيث استضافت الكثير من الأسابيع الثقافية العربية، وكرّمت العديد من أعلام الثقافة السوريين، وفتحت أبواب صالاتها، ومسارحها، وحدائقها، ومقاهيها، وشوارعها، وأسواقها، ومتاحفها، وملاعبها أمام الجمهور، كلِّ الجمهور المقيم أو الزائر أو السائح. تمتَّعنا بتلك الفعاليات الرائعة في كل يوم أو ركن.
لكن.. مع هذه المكاسب الثقافية الكبيرة، كان الوطن يخسر بعض أعلامه الثقافيين، نودعهم ونقبل يدهم بعد عطاء جزيل قدموه لجمهورهم؛ ولكن ذكراهم تبقى في نتاجهم وفي ضمائرنا التي ساهموا في تشكيلها.
في شباط افتقدت دمشق وهي في غمرة فعاليات احتفاليتها الثقافية وجهاً ثقافياً تألق في ميدان البحث التاريخي والتوثيق لمعالم مدينة دمشق أحبها وعشقها طوال نصف قرن. رحل الدكتور قتيبة الشهابي إلى عالم الخلود مخلفاً كنزاً من المؤلفات الراقية التي أفردها للعاصمة الخالدة وأعطاها جهده الصادق ودأبه المخلص حتى غدت مرجعاً أميناً للمؤرخين والباحثين، وهي أكثر من ثلاثين مؤلفاً كتبها وحقق معلوماتها بالكلمة والصورة وشكلت بمجموعها موسوعة تاريخية وأدبية فريدة وقد حمل عبئها متطوعاً راضياً بما أداه.
.
في الثاني من أيار رحلت الفنانة التشكيلية نوار ناصر، بعد معاناة مريرة مع المرض.
في حزيران، فقدنا العلامة الأستاذ الدكتور شاكر الفحام بعد حياة حافلة بالعلم والعطاء العلمي. هو رمز من رموز الثقافة العربية، وعلم من أعلام الأمة العربية، وأحد فضلاء جامعة دمشق. وفي الشهر نفسه، فقدنا الفنان التشكيلي محمود دعدوش، من أوائل من أسسوا لصالات عرضٍ للفن التشكيلي في سورية؛ كما فقدنا الفنانة مها الصالح رائدة المسرح السوري.
أما في تموز، فقدْ فقدَ المسرحُ الفنانَ محمود جبر أحد رواده الكوميديين الأوائل ، الذي أصر على أن يضحكنا -وبيكينا- حتى أيامه الأخيرة، هو نجم سيبقى في ذاكرتنا وذاكرة الأجيال الآتية.
في شهر أيلول، رحلت عنا الأديبة رشيقة العمري، أولى السيدات السوريات الحاصلات على جائزة أولى لمسابقة أدبية؛ كما رحلت الأديبة دلال حاتم، التي تُعتبر من أهم المبدعات في الوسط الأدبي وخاصة أدب الطفل. وفي الشهر ذاته، رحل عنا المفكر عبد الله عبد الدايم، الذي أسهم في تطوير نظم التربية في معظم البلدان العربية.
في تشرين الأول، رحل علمان مضيئان في سماء الفكر السوري المعاصر، هما الدكتور عبد الكريم اليافي، الذي نال شهادات عديدة وكان أول رئيس لتحرير مجلة التراث العربي، وشغل منصب خبير أول لدى الأمم المتحدة، وعضو في هيئات عربية ودولية أخرى؛ وبعد أيام رحل الدكتور عدنان البني تاركاً إرثاً علمياً كبيراً وسمعة طيبة، وقد نال عدة شهادات علمية وشغل عدة مناصب علمية وإدارية في الحقل الآثاري والتوثيقي.
في تشرين الثاني، فقدنا الصحفي والأديب السوري خالد قطمة، الذي يُعتبر أحد رواد الصحافة العربية، حيث أسّس ثلاث جرائد كويتية هي اليقظة والهدف والوطن. بعد ذلك بأيام، رحل الأديب الروائي والمسرحي وليد مدفعي، الذي نال عدة جوائز محلية وعربية. وفي الشهر نفسه، رحل عميد الصحفيين الأستاذ جبران كورية، مؤسس جريدة «تشرين» وتعتبره أجيال من الصحفيين السوريين الأستاذَ والزميلَ والمعلمَ.
أما مؤخراً وفي الشهر الأخير، فقد رحل الأديب الباحث نشأت الخانجي، الذي ساهم بمشاركاته في عدة ملتقيات فكرية في سورية والدول العربية. وبعد ذلك بأيام قليلة، فقدْنا الموسيقار الكبير عبد الفتاح سكر، الذي يُعتبر أبا الأغنية الشعبية السورية ومكتشف المواهب الغنائية على مدى عدة عقود ساهم فيها في بنائها واستمرارها.
|