تحيّة إلى نوّار
صفوان داحول يحتفي بالموت والحياة في غاليري أيام

11/تشرين الأول/2008

قبل رحيلها قالت نوار: «حاولت أن أتحدى المرض من أجل أولادي، ومن أجل زوجي، ومن أجل كل الذين أحبهم ويحبوني، لكني لم أعد أقوى!». وذات صباحٍ ربيعي في الثاني من شهر أيار 2008 رحلت الفنّانة التشكيلية نوار الناصر وحسبها في ذلك أن لها من اسمها نصيب، وأن عمر الربيع قصير.
رحلت تاركةً ورائها عالماً زاخراً بالألوان، ولوحة لم تكتمل، وزوجاّ عاشقاً من الطراز الأول، تفرّغ لرثائها بالرسم، في فضاء يمتلك مفرداته ومفاتيحه جيداً، وهو الفنّان المرهف الحس صفوان داحول.
أربعة أشهر من العزلة في مرسمه أنتجت معرضاً مقتصداً في عدد اللوحات زاخراً بالأسرار والمعاني، وفي (8 تشرين الأول 2008، تمّ افتتاح المعرض في «غاليري أيام» دون أي صخب، لا إعلانات ولا بروشورات. فقط لمّة أصدقاء من محبّي فن صفوان داحول ونوار الناصر، وما أكثرهم....
ضمّ المعرض سبع لوحاتٍ تدور موضوعاتها حول ثنائية الروح والجسد، والزيارة الأخيرة لملاك اعتاد أن يرافق البشر في رحلتهم الأخيرة عن كوكب الأرض إلى عالم آخر، ولوحة ثامنة هي معرضٌ بحد ذاتها، وتمثل المشهد الأخير من حياة نوار.
انتصبت هذه اللوحة وحيدةً على جدران الغاليري، بمعزلٍ عن اللوحات الأخرى، في عالمٍ آخر، وفوق مساحة من التراب تذكّرنا بأننا خلقنا من هنا وإلى التراب نعود.
في هذا الجو الفارغ من الفرح، المفعم بالحب والإبداع التقى «اكتشف سوريّة» الفنّان صفوان داحول في محاولة لاستكشاف عوالم هذا المعرض «تحية إلى نوّار»، وعن ذلك قال: «أقمت هذا المعرض، ببساطة، من أجل نوّار. إنها المرّة الأولى التي أعمل فيها وبشكل مباشر على موضوع أفكر فيه منذ زمن، بعد رحيلها اعتكفت في مرسمي أربعة أشهر لأرسم فقط، وهذا أقل شيء يمكن أن أقدمه لها، كان إحساسي متجهاً طوال الوقت نحو اللحظة الأخيرة، عندما تنفصل الروح عن الجسد، وتبتعد عنه تدريجياً، بين حواف هذه الثغرة البسيطة رسمت ثنائيات الجسد والروح وبينهما الملاك الأخير الذي زار نوار وأخذها في رحلة بعيدة، كان ذهني معلقاً طوال الوقت بهذه اللحظة الأخيرة التي جسدتها في اللوحة الأخيرة "نوّار"».
وأضاف داحول عن سبب عرض اللوحة الأخيرة وحيدة بمعزل عن اللوحات الأخرى: «اللوحة الأخيرة تُمثّل آخر مرّة رأيت فيها وجه نوّار، هكذا كان شكلها، وتلك كانت آخر ابتساماتها، سجلت هذا المشهد في لوحة لكي أبقى أتذكر كيف كان وجهها في تلك اللحظة، وعرضتها وحيدة، ولكي أعطي للمتلقي فرصة التأمل في لوحةٍ وحيدة أمام هذا المشهد الأخير، وفرشت تحتها التراب في إشارة إِلى مادة الإنسان، وعلاقة الجسد بالأرض، ولنفس السبب استخدمت الألوان الترابية في كل لوحات المعرض».
مضيفاً «لدي الكثير لأفعله، كل شيء تغيّر بعد نوّار، أنا، أولادي، مرسمي، إنني أعيش الآن بداية لمرحلة جديدة. ما قدمته في هذا المعرض هو البداية، رغم أني أتأسف كثيراً لأن يكون معرضي عنها، أن أعرض ألمي للفرجة أمام الناس، لكم تمنيت في تلك اللحظات أن لا أكون فنّاناً أو يكون عندي تجربة، أردت فقط أن تبقى نوار إلى جانبي. لكنه قدري».
وفي معرض صفوان داحول أيضاً كان للناقد الدكتور حسّان موازيني كلمةً قالها لـ«اكتشف سورّية»: «عندما دخلت إلى هذا المعرض شعرت بأنني أدخل إلى معبد، ولكن في غير أيام العيد، ذكّرني هذا المعرض بمعبدٍ بوذي على مقربة من مدينة "أكرا" الهندية، حيث تنتصب أعجوبة الحب "تاج محل". سمعت في هذه اللوحات موسيقى باخ. ولمست شعوراً عظيماً بالحنين والفقد أحس به فنّانٌ حقيقي هو صفوان داحول، بعد رحيل زوجته وحبيبته نوّار، وليس مصادفة أن اسمها نوّار فعمر الزهر قصير دائماً».


محمد الأزن
اكتشف سورية

Creative Commons License
طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك
مازن :

حضرت المعرض المقام في دبي في صالة غاليري ايام الرائعة حقيقة كان المعرض جميل جدا والمكان الذي وضعت لوحات الفنان صفوان داحول في الطابق الاول حقا اعطت جو من الحزن واللوعة ليس لها مثيل وهذا ليس غريب لا على الفنان الملتاع بفقدان زوجته ولا على المقيم على المعرض فهم من خيرة ابناء البلد الحبيب نشكركم على هذا المعرض الرائع وهذه الاجواء المفعمة بالرقي والتنظيم الذي لم اشاهد مثله في كافة البلاد العربية شكرا لمنظمي المعرض والشكر الكبير لاصحاب غاليري ايام مع تحيات مازن عرابي

لبنان

maram:

فنان مبدع ولوحاته في غاية الدقة والجمال

Abeer zahhar:

الفنان التشكيلي صفوان داحول غني عن المعرفة , فهو فنان مبدع بريشته الساحرة ، تصويره للوحات بسيط ومعبر حيث يفهمه كل انسان , لوحاته في معرض (إلى نوار) كانت تضفي لمسة من الحزن تعبر عن مدى حبه لزوجته التي افتقدها نســأل الله لها الرحمة والمغفرة والفوز بالجنة , شكرا لك على هذا المقال .

saudi Arabia

غالب سعيد:

الصديق القديم العزيز صفوان داحول عودة وذكريات سريعة الى ايام الدراسة في كليتنا الحبيبة الفنون الجميلة في جامعة دمشق ستتذكر غالب سعيد في قسم الحفر . منذ اسبوع شاهدت لقاء لك في تلفزيون دبي وكم كانت سعادتي لاني اراك ولاول مرة منذ عام 1983 عندما تخرجنا من كلية الفنون .. كم كنت سعيدا برؤيتك هدوءك الرائع والذي اعرفه منذ ان كنا طلابا في الكلية وكم كان حزني عميقا عندما سمعت بوفاة زوجتك الفنانة انوار .. لا اعلم ان كانت التعزية متاخرة .. اسئل الله الرحمة لزوجتك يا صديقي العزيز واسئل الله الصبر ايضا لك ولاولادك الثلاثة ما اعظم الصمت في زمن الغربة

الاردن

سمر بيطار:

الى نوار:عشت فمتعتي وابدعتي ....ورحلتي فاوجعتي الفاتحه لروحكي الطاهره

سوريا

ileonor:
آسفة أنني لم أستطع حضور المعرض وأنا المعجبة أيما إعجاب بلوحات الرائع المبدع صفوان داحول .. ما أصعب اختطاف عزيز من بين أيدينا نعجز عن حمايته بافتدائه . إنه الموت لا مفر منه ..
كلنا ثقة بأن صفوان الفنان المرهف الوفي سيبقي توأم روحه نوار .. نوارة لأعماله .

أسكن الله الفقيدة جنات الخلد .

سوريا