أيام الشعر السويدي في محطة الحجاز

18 11

مطر اسكندينافي يهطل في دمشق ولكنه ليس كالأمطار الحامضية التي تشتهر بها القارة العجوز، إنما غيمة من شعر الشمال أتت حبلى بالكلمات، لتلد أمسيتها في محطة الحجاز.
تسعة شعراء سويديين شاركوا في فعالية «أيام الشعر السويدي في دمشق» والتي أقيمت برعاية وزارة الثقافة وجمعية مقهى بغداد وإشراف الشاعر خالد سليمان الناصري.
أدى القراءات العربية الفنانتان مي اسكاف وأمل عمران عن ترجمة الشاعرين إبراهيم عبد الملك وجاسم محمد اللذين ترجما أنطولوجيا الشعر السويدي من سبعينيات القرن الماضي وحتى العقد الأول من الألفية الجديدة، وذلك تحت عنوان «إطلالة على حواف النهائي» والتي صدرت عن دار المدى وقدم لها الشاعر السوري سليم بركات.
عندما تمطر اللغة:
كشفت الأمسية عن أدب راق ولد ضمن حالة وعي إبداعي غني بصوره، وتجلي حالاته الشعورية، وأوضحت القراءات المقدمة عن خصائص معينة جعلت للشعر نكهة أخرى سويدية بامتياز، أو شمالية وقعت بين برودة أجواء الشمال وجمر اللغة الإبداعية، لذا انسابت تحاكي الخيال الإنساني وتحرضه.
بعض الصور تستفز قارئها ليقف أمامها محاولاً اكتشاف مكنونها وغناها بسريالية صادمة، دافعة إلى التفكر بما تحويه من معاني أو ما تشير إليه من دلالات، من مثل «ما الكون إلا وعاء رز مقلوب» أو «واقفاً هنا في الفضاء - دون نعاس - حكاية ليلة - أدخل في الفكرة».
تطل الحكمة بين السطور لتؤكد أبداً فلسفة الشعر عند كل الأمم ومهمته في تلخيص الحكمة وتكثيفها لينعش بها العقل، فكما للعرب فلاسفتهم الشعراء وشعراؤهم الفلاسفة الذين قدموا الحكمة شعراً، كذلك للسويديين من كثّف فكرته لغوياً بحكمة: «لماذا الإيمان بالشيء هو ذاته مطاردته وتدنيسه ثانيةً؟».
عبرت الصور الشعرية عن وعيٍ للغة ولاستخدام المفردة كمساحة للتعبير وتوظيفها في المكان الملائم لتحفز خيال القارئ وتجعله متأملاً في الكلمة وما وراءها فيما ظهر له من معنى وفيما يدفعه وراء المعنى ليكتشف جديداً فيه: «الحب أكثر عاطفية من أن تقال، لكني لم أخلعها عني كما أخلع ملابسي» أو «لا تجف مني - احفظيني في كل ما هو ليس بوعد» «نائمة حبلى - وأنا أيضاً حامل بالكلمات».
لم تغب ثنائية الموت والحياة فعبر عنها الشعر من وجهات نظر عديدة، ليشغل القارئ بحقيقتها ومعناها، فتطل عبارة «كل ما علينا حبه- كي نقول أننا أحياء» ثم تواجه القارئ رؤيا أخرى عن الموت والحياة والتعبير الجمالي اللغوي عن هذه الثنائية «أرني وجهك كما كان قبل أن يهذب الموت ملامحه» أو «الموت يضاجع الحياة دون رادع أو خجل».
الثقافة: فهم الآخر
«قابلته في معرض للكتاب أقيم في السويد، وكنت قد قرأته سابقاً وأنا معجبة جداً بشعره، أدونيس شاعر كبير» هذا ما قالته الشاعرة ماري لوندكفيست عن الشاعر أدونيس، وتضيف: «أحب شعر محمود درويش أيضاً، حيث أنني تابعته في أمسية أقيمت له في السويد». ظهرت ماري لوندكفيست بمجموعتها الشعرية «ادور والملم حديقتي من أجل الليل»، كما ترجم لها كتاب إلى اللغة العربية نشرته دار أوغارت في رام الله بعنوان «قصص بسيطة» ترجمته الشاعرة الفلسطينية السويدية رافيا مورة.
من جهته يقول الشاعر دافيد فيكغرين: «إن دمشق مدينة رائعة، تركت لدي انطباع جميل، أعجبتني تفاصيلها التاريخ الناس الصوت الحركة» ويؤكد تواصله مع الأدب العربي الحديث من خلال دراسته في الجامعة. ويقول: «أنا معجب بغسان كنفاني ومحمود درويش».
بدوره الشاعر لارس ميكائيل راتاما يقول: «أعشق المدن الكبرى وكتبت عنها كثيراً،
سأترك دمشق في ذاكرتي كي يحرضني أثرها على الكتابة مستقبلاً» ويضيف: «أتمنى أن تعمل الترجمة على خلق حالة تواصل بين السويد والعالم العربي وأن تكون هذه الخطوة الأولى وتليها خطوات جادة، أنا قرأت سليم بركات ومحمود درويش وأدونيس وأعتقد أن تجارب الشعر العربي يجب ترجمتها كي نتواصل دائماً».
ويؤكد الشاعر العراقي جاسم محمد -أحد مترجمي الكتاب- أن فكرة اللقاء كانت موجودة ولاقت طريقها للتنفيذ حيث يقول: «كان هذا اللقاء لأننا بحاجة إلى التواصل مع شعوب العالم الحضارية والمسالمة».
وقد أدى الثنائي تومو هافالا على الكونترباص والمغنية ماري سالندر ضمن الأمسية مجموعة مقطوعات موسيقية من التراث السويدي وجزءاً آخر من مؤلفاتهم الخاصة أما الختام فكان مع موشح «لما بدا يتثنى» كرسالة حب وتلاقي كما تقول ماري سالندر وتضيف: «عندما درست الموسيقى العربية وجدت أن هناك تشابه قائم بينها وبين موسيقى السويد أعتقد أن نفس الروح تجمعنا».
أما تومو هافالا يقول «هذه زيارتي الأولى لسورية أتمنى في المستقبل أن آتي إلى هنا ونؤدي شيئاً من التراث السوري».


عمر الأسعد

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق