أديبات عربيات في دمشق احتفاءً بها عاصمة للثقافة العربية

غنى وثراء وكلمات بوح معطرة بالياسمين

21/تشرين الأول/2008


في الحديث عن لقاء «أديبات عربيات في دمشق» لا يحتمل الأمر إثارة أسئلة كبرى، ولا الدخول في قضايا جوهرية، أو الإشارة إلى تحديات ولا الدخول في حيثيات ونظريات وتحليل واقع الأدب ونقد التجربة، ولا إلى إلا ما ندر، إنه ببساطة بوح عطر ياسمين الشام منثوراً عابقاً يملأ العرائش أريجاً، إنه أيضاً العمارة الدمشقية والبيوتات القديمة، البحرة والنوافير، الكنائس والجوامع في عناق أزلي وآثار شاهدة على عمق الحضارة أصالة وتاريخاً ضارباً في القدم يروي حكاية الشام والسجادة الدمشقية والفخاريات والفضة والتمائم والأضرحة وقاسيون.

ولا بأس في أذن تصغي إلى الموسيقى تارةً وعين ترقب تارة أخرى عرضاً مسرحياً راقصاً، وفسحات تأمل للمكان بكل غناه وتنوعه وثرائه. وإذا كنا اعتدنا أن نرى في الندوات والملتقيات والمؤتمرات الأدبية تجهماً وجدية زائدة عن الحد فإننا في هذا اللقاء الخصوصي الذي جاء بدعوة من المستشارة الأدبية احتفاء بدمشق عاصمة للثقافة العربية، لم نلحظ إلا ابتسامات عريضة وحالات من الفرح وليس غير الفرح في لمّة لأديبات عربيات في الشام «شامة الدنيا»، بعيداً عن الطابع الرسمي وأقرب إلى الأسروية، في كلمات ملونة ومعطرة، وأحاديث بوح وتعارف، صحيفة الوطن استوقفت عدداً من الأديبات العربيات على هامش لقاء لهن في أحد الأماكن الدمشقية. فكانت هذه الآراء:

إقبال بركة: «لقاء مبتكر في غاية الثراء»

هذه ليست زيارتي الأولى إلى الشام، لكنها مختلفة تماماً عن كل الزيارات السابقة لأنها زيارة مودة ولقاء بين أديبات عربيات متشابهات في كل شيء، الجذور، اللغة، المشاكل، الأحلام، الهواجس، الآلام. وبالتالي- تعقب الكاتبة والأديبة المصرية إقبال بركة-، فإن هذا اللقاء يعد في منتهى الثراء ذلك أنني كنت كثيراً ما ألتقي بعض الأديبات المشاركات لكن في كل مرة يكون اللقاء سريعاً وعلى عجل يقتصر فقط على التحيات والسلامات فكل واحدة منا كانت منشغلة جداً عن الأخريات، وبالتالي تظل العلاقة سطحية هامشية لكن في هذه المرة هنا في الشام فالتفرغ تام نتبادل فيه الخبرات والآراء ونستمع إلى حكايات وقصص بعضنا البعض ونستفيد في جو من المحبة والمودة.

وتعتقد إقبال بركة أن مجموعة الأديبات اللاتي جمعهن هذا اللقاء ستحاول أن تلتقي مرة أخرى، واعتبرت بركة فكرة هذا اللقاء مبتكرة وتليق بالكاتبات الأديبات المبدعات وجاء هذا اللقاء كفرصة تستحقها الكاتبات وما يميز هذا الملتقى برأي بركة هو الاسترخاء في مدينة كدمشق حيث عبق التاريخ وعبق الحضارة والطبيعة الخضراء النضرة.

وتصف بركة هذه التجربة بالرائعة مؤكدة، أنّ لقاء الأديبات سيفرخ لقاءات أخرى وتواصل فيما بينهن على الأقل عبر الإيميلات، وحول أجواء هذا الملتقى تقول بركة: تبادلنا الكتب وسنقرأ بعضنا بعضاً مشددة على أنها أبدت رجاءً حاراً للأديبات بأن يقلن رأيهن بكتاباتها وبشكل حقيقي ودون أية مجاملة.

ولا تنفي بركة بأننا نحن العرب نجامل كثيراً جداً وكل واحد منا يخشى أن يقول رأيه بصراحة لأنك إن فعلت فإن ذلك يثير حساسية وكأنك تسب وتشتم، وتؤكد بركة أننا لم نعتد بعد على حرية الرأي ولم ننشأ على احترام آراء بعضنا بعضاً.

ورداً على سؤال عن القضية الأبرز التي تثيرها في الملتقى أثناء الحوارات وتبادل الآراء تقول إقبال بركة، إنها قضية تراجع المرأة ثقافياً وفكرياً ولا تقول ذلك من باب التعصب للمرأة وإنما لأن هذا التراجع يعد برأيها مشكلة كبيرة فتخلف المرأة وتراجعها وهي التي تنشئ الجيل فهذا يعني- حسب بركة-، أن جيلاً بأكمله يعيش حالة تراجع فالمرأة هي الوتد الذي يرفع خيمة المجتمع إذا ما سقط هوى المجتمع بأكمله.

بن رحومة: «هذا بناقوس يدق، وذاك من مئذنة يصيح»

الوطن استوقفت سلوى بن رحومة الشاعرة التونسية -رئيسة نادي ثقافات متوسطية- وسألتها عن لمَّة الأديبات فقالت: «من بلدان الحلم بالنسبة لي هي أن أزور سورية كأقدم عاصمة مأهولة.

وفي زيارتها لسورية فإن أكثر من حلم يتحقق لبن رحومة «وجدت نفسي وسط عدد كبير من المبدعات اللاتي يفقنني عمراً وتجربة»، وترى بن رحومة أن النتاجات الأدبية لا تعكس في كثير من الأحيان روح الإنسان فالكاتب كثيراً ما يلجأ إلى الخيال لكن الحياة شيء آخر وهذا ما تحقق برأيها في هذا اللقاء الذي يجسد الحميمية ويجسد التعايش الحقيقي.
ولفتت بن رحومة إلى البرنامج المختلف عن بقية البرامج المعتادة في اللقاءات والندوات إذ أتاح التعرف إلى عراقة سورية وشكلت لها زيارة دير معلولا صدمة حقيقية وتساؤلاً مدهشاً: كيف استطاعوا بناء الكنيسة في الجبال وتصف زيارتها هذه بـ«صدمة الحداثة» فالسوريون برأيها خلقوا من الصخور الصماء والصلبة حالة من السعادة والتأمل وإشاعة الفرح والتأمل.

وواحد من أحلام بن رحومة هو زيارة سورية لترى ما كتبه المعري مجسداً على الأرض: «هذا بناقوس يدق وذاك من مئذنة يصيح يا ليت شعري ما الصحيح».

وعمّا يلفت التوانسة في سورية تقول بن رحمة: «كلّ تونس تحب نزار قباني، ولا تجد تونسياً غير ذلك وإن كان لا يقرأ "أمي" لا تعرف القراءة، وعندما تشاهد نزار على الشاشات تطلب من الجميع أن يسكتوا وألا يشوشوا عليها».

العبودي: «السوريات أمهاتنا والسوريون الأقرب لنا»

بدورها الكاتبة والأديبة السعودية شريفة العبودي تقول: «هذا اللقاء يثلج الصدر وهو يهدف إلى تعارف الأديبات العربيات وتواصلهن المستقبلي "زكاة العلم نشره" وانتشار الأدب هو المطلوب».

وتوجهت العبودي بالشكر إلى المستشارة الأدبية على جهودها وأفكارها المبتكرة واصفة حظها بالحسن أن تكون بين جمع الأديبات العربيات المبدعات: «لقد وقعت مجموعتي القصصية، حلقات من سلسلة بين أيدي بعض السوريين فأعجبتهم، ما دفعني إلى المزيد والشعور بالمسؤولية».

وتقول العبودي: «نحن معتادون على وجود السوريات بيننا في السعودية. كنَّ مدرسات لنا هناك كأنهن أمهات لنا وقد وجدنا هنا تلك الألفة والمحبة التي ألفناها منهن»، وتضيف العبودي التي طالما تمنت زيارة دمشق «كنت متشوقة لأرى الأرض التي سار عليها المتحضرون الأوائل»، مؤكدة أنها لمست بقوة رغبة السوريين في التعايش الحضاري وإنهم ماضون في هذا التعايش إلى أبعد الحدود وتنظر إلى هذا الأمر بعين الإعجاب «الحكم في العالم هو للتعايش والاختلاف هو القاعدة وليس التماثل.. قلب يعقل وعقد يفكر».

وتنهي الكاتبة الأديبة السعودية شريفة العبودي حديثها «السوريون أهلنا من أيام رحلة الشتاء والصيف، وهم الأقرب لنا من باقي العرب».




الوطن


مواضيع ذات صلة
- أديبات عربيات يجتمعن في دمشق
الأديبة هي تلك المرأة المضطهدة التي تحتمل ظلم المجتمع

- افتتاح المركز الثقافي العربي في بلودان
حضور نحو ثلاثين أديبة من مختلف أنحاء الوطن العربي

- كوليت خوري تدعو لتوطيد الأواصر مع الأديبات العربيات
من أجل التعرف على أقدم مدينة مأهولة في التاريخ

- الأديبة كوليت خوري في نادي الذاكرة
سرد يجعل من ذكريات المدينة القديمة كائناً حياً لا يموت

- أدب فرانكفوني في المتحف الوطني بدمشق
كوليت خوري: عبير دمشق يسحرني

- الرسائل بين كوليت خوري ونزار قباني ستبصر النور قريباً
- كوليت الخوري في كتابها «دمشق بيتي الكبير»
كل ما حلمت به وتمنيته لدمشق في الستينيات تحقق اليوم

- أديبات دمشقيات
لينا عريج تسلط الضوء على نخبة من نساء سوريات رفعوا لواء الأدب السوري عالياً

- شريفة العبودي: دمشق وحدت كلمة نون النسوة
وسمت فوق الخلافات والاختلافات

- الأديبات العربيات يحملن دمشق إلى بلدانهن
أيام معها لا تنسى وحلم قد تحقق

- ملتقى الأديبات العربيات في عاصمة الثقافة العربية
تأكيد على أهمية الملتقى ودور دمشق الريادي

- هالا محمد: «كم لنا» تذكير بمن ضحوا بما يملكون لمستقبل الوطن
الشعب والسلاح والأغنية قاوموا الاحتلال الفرنسي

- أيام الشعر السويدي في محطة الحجاز
- ملتقى الأديبات العربيات يبدأ فعالياته بجولة في دمشق القديمة
أنّ سورية اليوم هي التي تقود الثقافة العربية والحضارة العربية

- مئة أديبة عربية بملتقى دمشق عاصمة الثقافة اليوم
توطيد أواصر الصداقة بين الأديبات العربيات

- ملتقى شاعرات عربيات في دورته الأولى
أصوات راقية من الشعر والجرأة

- دمشق في حضرة الشعر
48 ساعة، 12 شاعرة، 53 قصيدة

- أمل عرفة: خطوات باتجاه الأجمل
جمهورٌ غاية في الخصوصية والرغبة في السمع والإصغاء

- ملتقى «48 ساعة شعر»
حباً بالمذكر واختيالاً بالأنثى


تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
أنطون مقدسي
أنطون مقدسي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر