دمشق في حضرة الشعر
13 10
48 ساعة، 12 شاعرة، 53 قصيدة
في دمشق مدينة الحب والياسمين وعاصمة الثقافة الأبدية، عاش جمهور الشعر على مدى يومي 10و11 تشرين الأول 2008 حلماً شعرياً من نوع خاص في دار الفنون- تياترو، صاغ هذا الحلم الشاعرة السورية هالا محمد التي جمعت لأول مرة شاعرات عربيات في دمشق.
أشجان الهندي من السعودية، ونجوم الغانم من الإمارات، وبروين حبيب من البحرين، وداليا رياض من العراق، ووفاء العمراني من المغرب، وفاطمة قنديل من مصر، ونوال العلي من الأردن، وسمر عبد الجابر من فلسطين، وبانة بيضون ولوركا سبيتي من لبنان، لينا الطيبي وهالا محمد من سورية، اثنتي عشر شاعرةً، ألقين ثلاثاً وخمسين قصيدة، بحضور ما يزيد على الستمائة شخص على مدى أمسيتين جعلوا من فضاء بيتٍ دمشقي عتيق قصيدة تستعير مفرداتها من الجمال والحب والحياة كما قالت الإعلامية هيام حموي.
«اكتشف سوريّة» تابع وشارك في إعداد هذا الملتقى-القصيدة، ورصد عدداً من الانطباعات والآراء للحضور، وللشاعرات اللواتي كانت زيارتهن إلى دمشق بمثابة سياحة ثقافية أطلعوا فيها على الحركة الثقافية في سورية، من خلال لقائهم بجمهور مدينة هي عاصمة الثقافة العربية لهذا العام 2008، وزيارتهن لمراسم مجموعة من الفنّانين التشكيليين في البلاد: ياسر حمود، وريما سلمون، وأحمد معلا، وصفوان داحول.
نبدأ بالشاعرات: رأيهم بفكرة الملتقى، انطباعاتهم عن جمهور دمشق، وطبيعة أعمالهن الشعرية.
الشاعرة اللبنانية بانة بيضون علّقت على فكرة إقامة ملتقى للشعر النسائي بقولها: «اعتقد أن المقصود بالشعر النسائي تصنيفٌ ليس له علاقة بالجنس، وإنما بحساسية شعر المرأة، والذين حضروا في هذا الملتقى لمسوا هذا الشيء»، وأضافت: «أهمّ ما في هذه التجربة أننا شاعرات من بلدان عربيّة متعددة وننتمي إلى أكثر من جيل ومدرسة شعريّة، موضوعاتنا متنوعة، وكذلك هواجسنا، هذا الملتقى يحمل في طياته الكثير من التنوع فليس هناك شاعرة تشبه الأخرى، وفيه أيضاً الكثير من الحميمية فنحن كشاعرات اجتمعنا معاً لأول مرة خارج عزلتنا في مكان واحد، لنقدم في ذات الملتقى قصائد تشبهنا، ولنتعرف على بعضنا البعض أكثر مما يغير في الأفكار المسبقة عن تجاربنا الشعرية، أنا من الشاعرات اللواتي أغرتهم هذه التجربة في استكشاف أشياء مختلفة على مستوى الشعر».
وقالت عن الجمهور: «إنه مستمعٌ جيد جداً ومثقف بشكلٍ واضح، وتجربة إلقاء الشعر أمام جمهور بهذا المستوى لم أجربها في مكان آخر ولن أنساها لأنها أثارت إعجابي بشكلٍ كبير، ولا يمكن مقارنتها بتجارب الإلقاء السابقة التي اعتدنا على تقديمها أمام شعراء مثلنا، هذا الجمهور يستمع لغرض التذوق وليس الانتقاد أو التنظير وهذا في غاية الأهمية».
وختمت بالقول:«ما ألقيته من قصائد يعكس تجربتي الشعرية التي ترتكز على الذاتية، التي أنطلق منها إلى الأشياء الخارجية في بناءٍ مشهدي يشبه السينما وحياة المدينة إلى حدٍ بعيد».
أما وفاء العمراني من المغرب فكان لها رأيها الخاص في هذا الملتقى، الذي لم تُقاوم إغراء المشاركة فيه «هذا اللقاء بديعٌ. صحيح أنه لا يدخل ضمن قناعاتي، فأنا أؤمن بأن الشعر والفن هو المجال الوحيد لتلاقي الأصوات، وليس هناك إبداع نسائي وآخر رجالي، بل يوجد أدبٌ جيدٌ وآخر رديء، لكن وجودي اليوم في هذا الملتقى ليس خيانة لمبادئي، ولكنه تحية وتثمين لمجهودات هؤلاء النساء اللواتي اقتحمن مجال الكتابة وأنا أعرف مدى وعورته بالنسبة للنساء، وقد اختبرتها على مدى ثلاثين سنة»، ولخصت تجربتها الشعرية بالقول: «قصائدي فيها نوعٌ من الفلسفة وتلامس الفكر الصوفي، وقد اخترت نصوصاّ تلائم حضرة هذا اللقاء، نصوصٌ فيها أنوثة».
الشاعرة الفلسطينية الشابة سمر عبد الجابر عبرّت لنا عن سعادتها بالمشاركة في هذا الملتقى قائلة: «هذه المرّة الأولى التي أشارك في هذا النوع من الملتقيات، هذه تجربةٌ مهمة جداً بالنسبة لي، وأتمنى تكرارها في الأعوام القادمة، حاولت أن أقدم في هذا الملتقى قصائد فيها نفَس شعري مختلف، أنا عموماً أكتب قصائد فردية ذاتية، وأي شيء عندما ينطلق من الذات يكون صادقاً، أرجو أن يكون هذا الصدق وصل إلى الناس».
وكذلك فاطمة قنديل كانت سعيدة أيضاً بمشاركتها في ملتقى شاعرات عربيات، حيث قالت لـ« اكتشف سورية»: «أنا سعيدةٌ جداً بهذا الملتقى الذي يعبر عن رؤية ثقافية واضحة للقائمين عليه، هالا محمد لم تجمع فقط شاعرات وإنما تيارٌ شعري جديد تمثله شاعرات من أجيال مختلفة، اختارت مجموعة من الشاعرات اللواتي لا يحببن تكريس قصائدهم إعلامياً، ويتعاملن مع الكتابة كفنٍ حقيقي. أسعدني هذا الملتقى كثيراً لأن وراؤه ثقافة».
الشاعرة قنديل أسعدها حال الثقافة السورية أيضاً وعبرّت لنا عن ذلك بقولها: «ما لمسته في زيارتي الحالية إلى دمشق أنه يوجد اهتمام كبير بالثقافة في سورية، أنتم تعيشون حالة ثقافية مزدهرة، في حين أننا بدأنا نفقد الإحساس بإزدحام جمهور الأنشطة الثقافية بالقاهرة. حضرت بالصدفة افتتاح معرض الفنّانة التشكيلية سارة شمة، ولاحظت تدفق الجمهور على هذا المعرض الأمر الذي منحني شعوراً طيباً لم أحس به منذ فترة طويلة، يعادله شعور الانبهار بجمهور دمشق الشعري الذي حضر أمسيتي الملتقى، لقد كنت فعلاً في غاية الاستمتاع».
و أخيراً وضعتنا الشاعرة هالا محمد في أجواء الملتقى منذ البداية «أطلقنا هذه الفكرة منذ عام تقريباً، كنّا مجموعة أصدقاء افتقدنا إلى مساحة من الشعر في مدينة دمشق، فأطلقنا هذا الملتقى تحت عنوان "48 ساعة شعر"، ثم أردنا لهذا الملتقى أن يحتضن لأول مرّة مجموعة من الشاعرات العربيات في دمشق"».
وعن آلية انتقاء الشاعرات قالت: «عملنا على بحثٍ كبير عن أسماء جديدة، وانصب بحثنا بصورة أساسية على الشعر أكثر من أسماء الشعراء المعروفين الذي اعتادوا على المنابر، واعتادت المنابر عليهم، بحثنا عن جديد الشعر في الوطن العربي، ووفقنا في جمع شاعرات شابات عندهن لغة شعرية تعبر عن جيلٍ شعري جديد، قوي، تأملي، ومساحة تفكيره واهتماماته الفلسفية والحياتية عميقة، وجريئة ومستقلة عن الكليشيهات المعروفة، شاعرات شابّات يبحثن عن رؤية خاصة بهن، تخص الشباب، وتستشرف المستقبل، مستقبل بلادنا وشعرنا العربي، وبالإضافة إلى سمر عبد الجابر، وبانة بيضون، ونوال العلي، ولوركا سبيتي، استضفنا نجوم الغانم، ولينا الطيبي، وبروين حبيب، وأشجان الهندي، ووفاء العمراني، وفاطمة قنديل، وهن أسماء قوية في عالم الشعر، لكن معظمهن لسن شاعرات منابر، لكنهم ينتقون الأماكن التي يذهبوا إليها، وعندما يحضرن يحضر صوتهن الشعري الخاص».
وختمت بالقول: «التنوع والمزج بين الأصوات الشعرية كان رغبة حقيقية بالنسبة لنا، تحققت من خلال جهد حقيقي لمجموعة أصدقاء منهم رحاب الناصر، وهيثم حقي، وأسامة محمد، وخالد خليفة، وغيرهم كثيرون ممن تبنوا معنا هذه الفكرة التي دعمتها دار الأوس للنشر الراعي الحصري للملتقى، وصمم البروشورات الفنّان أحمد معلا، وقدمت الملتقى بكل حب الفنانة أمل عرفة والفنان غسان مسعود، وصمّم الإضاءة الفنّان عبد المنعم عمايري، هكذا بدأت الفكرة، هكذا نُفّذت، واعتقد أنها نجحت على الأقل من خلال الحضور الكثيف لجمهور نوعي لا يصفق لأي سبب، لكنه صفق كثيراً في هذا الملتقى الذي يمكن اعتباره مصالحة مع النفس، في مواجهة حالة الانحسار الثقافي التي نعيشها. لدينا رغبة حقيقية في الاستمرار وأرجو أن تتطور الفكرة على مدى الأعوام المقبلة».
بعد أن رصدنا انطباع عدد من الشاعرات، كان لنا وقفة مع آراء مجموعة من الحضور الذي اتسم بسوية عالية من التذوق وبشهادة الشاعرات أنفسهم، ولكن قبل أن ننقل أراء الذين التقينا بهم من الحضور، سنتوقف عند انطباع السيدة رحاب الناصر -مديرة دار الفنون-، المكان الذي انعقد فيه الملتقى، سألناها كيف وجدت نتيجة تحضيرات ثلاثة أشهر، وهل تغري بالمزيد؟ أجابت السيدة رحاب: «مستوى الحضور كان مدهشا وعلى مدى يومي الملتقى، في كل يوم حضر ما يزيد على الثلاثمائة شخص، أنا سعيدةٌ بأن لدينا جمهور ما زال يتذوق الشعر، أنا سعيدة بنجاح هذه الفكرة التي أطلقتها الشاعرة هالا محمد، وحضرنا لها لفترة طويلة بجهود العديد من الأصدقاء، واحتضنتها دار الأوس للطباعة والنشر، واعتقد بأن هذا النجاح يمكن أن يوحي لنا بالعديد من الأفكار الجديدة طالما أن هناك من يدعمنا معنوياً ومادياً، أنا سعيدة جداً بكل هذا الحب، بكل هذا التعاون، سيكون لدينا ملتقيات كثيرة من هذا النوع، هناك المزيد من "48 ساعة شعر"».
عن الملتقى قال لقمان ديركي: «فكرة الملتقى الشعري جيدة جداً، خاصة وأنها المرة الأولى التي تحتضن فيها دمشق مثل هذا النوع من الملتقيات، ومن المهم استمرار هذا الملتقى بعناوين مختلفة. أنا أعرف معظم الشاعرات اللواتي شاركن في هذه الأمسية مثل لينا الطيبي، ونوال العلي، وداليا رياض، وما أسعدني مستوى التطور الذي لمسته في تجربتهن الشعرية، هذا التطور يُشعرني بالمزيد من الأمل إزاء مستقبل الشعر، هذا بالنسبة للشاعرات الشابات والأمر ينطبق بالتأكيد على بقية الأسماء المشاركة المعروفة».
أما الصحفي راشد عيسى من جريدة السفير اللبنانية، فقد شكر كل من خطط وأدار ونفّذ هذا الملتقى قائلاً: «البعض اعترض على هذا الملتقى لأنه يصنف الشعر على أنه نسائي أو رجالي، فإما أن يكون الشعر أو لا يكون، لكنني أرى في هذا الملتقى الكثير من الخصوصية، ربما يكون مستوى المشاركات متفاوت، لكنني لمست بشكل شخصي بعض الأصوات الشعرية في غاية الألق مثل بانة بيضون وداليا رياض ونوال العلي التي تميزت بإلقائها المسرحي الطابع، وهناك ميزة في معظم ما تمّ إلقاؤه من قصائد إنه شعر للقراءة فقط وليس للسمع، ومن الصعوبة بالنسبة لجمهورنا أن يتفاعل مع هذا النوع، لكن الجمهور قال كلمته من خلال الإقبال الكثيف وعلى مدى يومين، أنا أحيي هذه التظاهرة لأن التنوع مطلوب في حياتنا الثقافية، ومن المهم أن نتعرف على أصوات لم نعرفها من قبل».
الفنّانة السورية سلافه عويشق، رأت في هذا الملتقى أساساً جيداً يجب أن يبنى عليه لإطلاق مشاريع ثقافية ذات سوية عالية،وأضافت «أهمّ ما في هذا المشروع-الملتقى، أنه قام على فكرة الحب، الحب للشعر وحب اللقاء، وأنا مع فكرة أن يكون مُكرّساً للنساء لأن الشعر النسوي فيه خصوصيةٌ، إذ لا يمكن أن ننكر خصوصية تجربة المرأة في التعاطي مع الشعر والرواية والقصة وسائر أنواع الفنون والآداب. فكرة الملتقى جميلة جداً ومبتكرة، يكفي أنها مناسبة جمعتنا لنتعرف أكثر على بعضنا البعض، ولنرى شاعرات لم يسبق لنا معرفتهن من قبل وها نحن اليوم نتذوق شعرهن، كما تبرز أهمية الملتقى في كونه يعتمد على النشاط التطوعي بصورة رئيسية، وهذا في غاية الأهمية وله دور كبير في تنشيط الحراك الثقافي في البلد، وإقامة بنى تحتية لمشاريع ثقافية قائمة على التطوع، وعدم انتظار الغير للقيام بنشاط ثقافي نحبه ونحتاجه في آن معاً. نحن دائماً بحاجة إلى نشاطات أهلية الهوية طوعية الشكل وثقافية الهدف».
ونترك الانطباع الأخير للإعلاميّة هيام حموي مديرة برامج إذاعة «شام إف إم» التي كان لها اهتمام خاص بهذا الملتقى. قالت هيام: «بحكم المهنة، وبحكم صداقتي لعددٍ كبير من الشاعرات المشاركات، كنت سعيدة، على الصعيدين المهني والشخصي، بمتابعتي لهذا الملتقى، وقد اخترنا في إذاعة "شام إف إم"، أن نقدم نماذج من إبداعهن بأصواتهن، وهو عنوان الفقرة الإذاعية التي كانت تبدأ بتعريف موجز عن كل شاعرة وقصيدة تختارها لتؤديها بصوتها».
و تضيف «سماع شعرهن بأصواتهن على الإذاعة، إضافةً إلى حضورهن المتألق على المنصة في دار الفنون، أعطى انطباعاً بوحدة الهمّ والمعاناة الأنثوية والإنسانية بالرغم من تنوع التجارب، من بلد إلى بلد، وقد تميز البوح الشعري بالصراحة، بالجرأة، بالصدق، وبالموهبة الخاصة لكل منهن، وجدت أن كل شيء كان مدهشاً بمفرداته وبجماليته، المكان بعبق تراثه الدمشقي، والزمان من حيث تكثيف مدة الملتقى في 48 ساعة، حضور الموسيقى والفن التشكيلي والنجمين أمل عرفة وغسان مسعود، وكل هذا الجمهور الباحث عن اكتشاف جماليات جديدة، وما أكثر الأمسيات التي حضرتها في السنوات الأخيرة وكان الجمهور مقتصرا فيها على بعض الصحفيين المجبرين على المتابعة».
و تكمل هيام «أمام فرح الشاعرات بوجودهن معا وفي دمشق، سمعت تعليقاً من أحدهم يتساءل فيه "ترى لو جمع الملتقى اثنا عشر شاعراً رجلاً، هل كان يمكن أن تبدو الأمور بمثل هذا الألق والحميمية؟"، أترك لكم مهمة الإجابة عن هذا التساؤل وأستوحي من تاريخ بداية الملتقى أي العاشر من تشرين الأول لأقول للمنظمين 10 على 10».
بقي أن نقول أنّ رهف شيخاني عازفة الهارب «القيثار» كانت نجمة الملتقى أيضاً حيث كسرت صمت ما بين الكلمات بارتجالاتها الموسيقية، على آلة يندر استخدامها مع إلقاء الشعر، لكن رهف جعلت من هذه التجربة النادرة ممتعة، وكانت متألقة تحت أضواء بيت عربي عتيق في حي القنوات الدمشقي، وفي حضرة الشعر.
محمد الأزن
اكتشف سورية
Mustafa hammoud:
حركة ثقافية جميلة جدا وتكمن جماليتها في تناسي انت من أي بلد عربي الجميع شعراء وفنانون ومستمعون جمعهم الشعر والفن والثقافة شكر كبير كتير كمان للموقع الحلو إكتشف سوريا
سورية
فادي عثمان:
اناأحيي كل انسان يهتم بالشعر فإنه من أكثر الاشياء تفريغآلكل العوطف المدفونة داخل الشخص من فرح وغضب وعشق وكره....الخ ,لكن سؤالي :اناشاعر من الشعراء الهواة فكيف لي أن ابرزشعري إلى الملأحيث اسعى إلى أن اكون في احد المنتديات الشعرية الحية وليس فقط عبر الأنترنت فإن كان هناك احد يسمع سؤالي فألي بالجواب رجاءآوأنا شاكرآلموقعكم.
سورية