هالا محمد: كم لنا تذكير بمن ضحوا بما يملكون لمستقبل الوطن

14 12

الشعب والسلاح والأغنية قاوموا الاحتلال الفرنسي

ضمن سلسلة «أدب المقاومة» التي تنتجها قناة الجزيرة، بثَّت القناة يوم الخميس 11 كانون الأول فيلماً وثائقياً بعنوان «كم لنا» بيّن تاريخَ المقاومة السورية أثناء الاحتلال الفرنسي، حيث جاء هذا الفيلم ليوثق في ساعة واحدة تاريخ سورية النضالي في تلك الحقبة، ويؤكد مشروعية المقاومة في طرد الاحتلال وأهمية إبراز صمود المقاومين وإنجازاتهم الوطنية.
تهدف المخرجة هالا محمد من خلال هذا الفيلم الوثائقي إلى إحياء وإنعاش الذاكرة العربية وإتاحة الفرصة للأجيال القادمة للاطلاع على ماضٍ مجيد جَلَبَ العزة والاستقلال، وعلى أهمية المقاومة وخلودها وخاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يعيشها مجتمعنا العربي.
ويتحدث الفيلم عن شخصيات تركت بصمة أبدية على جبين كل سوري، ومن خلال لسان من عايشهم من أبناء، وأحفاد، وأصدقاء؛ حيث تكمن قوة الفيلم في صدق الحديث وحرارة المشاعر.
لقد جالت هالا محمد بعدستها بين المحافظات السورية بدءاً من دمشق وقصة الشهيد يوسف العظمة إلى حلب وبطليها إبراهيم هنانو وسعد الله الجابري، مروراً باللاذقية وشيخها صالح العلي وشهيدها عز الدين القسّّام، ثم إلى السويداء وكبيرها سلطان باشا الأطرش، وصولاً إلى حماة ومجاهدها سعيد العاص الذي استشهد في فلسطين في منطقة جبل النار في نابلس.
كما أحيت المخرجة أيضاً ذكرى كلاً من المجاهد مصطفى حج حسين من جبل الزاوية، وعمر البيطار من منطقة الحفة في اللاذقية، ويوسف السعدون من القصير في حمص، وفايز العطور من معرة النعمان.
بالتوازي، أعادَنا هذا الفيلم إلى الدور المُشرِّف للمرأة السورية التي ساهمت في استقلال البلاد وتحريرها من العدوان. فهذه درية هنانو التي كانت تقود التظاهرات ضد الاحتلال الفرنسي في حلب، وكذلك الجدة حفيظة بنت المجاهد صالح العلي وهي من مواليد عام1929 ، والتي تكلمت بحديث دافئ وبكل فخر عن التاريخ المُشرّف لوالدها، وغنت موّالاً جميلاً عن بطولاته. وأضافت: «لم يكن هنالك تفرقة بين مسلم ومسيحي أو رجل وامرأة، الكل قام بواجبه في الدفاع عن سورية».
لقد بدا التأثيرُ القوي للمقاومة على التراث الغنائي الشعبي واضحاً في الفيلم، حيث سمعنا الأغنية الشهيرة «زيّنوا المرجة»، واستمتعنا بالعراضة الشامية، والموّال الجبلي، والقصائد المغناة في منطقة السويداء، وكلها تمجد صمود الثوار وتفتخر بهم. ونجد أن الفيلم بدأ بأغنية للمطربة نجاح سلام «كم لنا» في شرح لاسم الفيلم. كما تظهر فيه المطربة الراحلة أسمهان في أغنية للمقاومة، وتغني نعمى عمران بصوت ساحر أغنية «شوف إبراهيم هنانو راكب عاضهر حصانو»، وأغنية «طيارة طارت بالجو استعنا عليها بالله»، وذكرتنا بأغنية لا يزال الأطفال ينشدونها إلى الآن:

طيارة طارت بالجو فيها عسكر فيها ضو        فيها إبراهيم هنانو راكب عاضهر حصانو

يحفل الفيلم بقصص لمجاهدين كثر، يروي فيها بطولاتهم ومواقفهم الوطنية التي خلّدها التاريخ، ومنها قصة المجاهد سعد الله الجابري التي بدأت في مطلع العشرينات، حيث تمكنت السلطات الفرنسية المحتلة بالتعاون مع السلطات البريطانية من اعتقال الزعيم الوطني إبراهيم هنانو وتقديمه للمحاكمة العسكرية الفرنسية، حيث تولى الدفاع عنه المحامي فتح الله الثقال. وفي معرض رده على التهم المتتالية قال هنانو لرئيس المحكمة: «إنني أمثل الشعب السوري الذي كلّفني بالنضال والجهاد لإخراجكم كقوات محتلة من أرضنا»، فبادره الضابط الفرنسي ساخراً: «وأين هو الشعب الذي كلفك بهذا الشرف»، فوقف شاب من الصفوف الخلفية لم يتجاوز الثلاثين من عمره -وهو سعد الله الجابري- قائلاً: «أيها الضابط، نحن الشعب السوري الذي كلّف هذا المجاهد بأن يقاوم لإخراجكم من أرضنا، وإنني أمثل هذا الشعب».
إن العبرة التي نستخلصها من الفيلم هي أن كل محتل يقابله مقاومٌ شريف مستميت للدفاع عن كل ذرة من تراب وطنه. تريد هالا محمد في هذا الفيلم أن تقول إننا لن ننسى أبداً من ضحى بكل ما يملك من أجل مستقبل الوطن أياً كان، فالخلود والذكرى الأبدية لهؤلاء السوريين الكبار الذين توحدوا تحت شعار «حرية واستقلال سورية».


مازن عباس

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

هالا:

ولكن اين المواقع السورية من بث مقاطع من هذا الفيلم ؟ واين المخلصين ومتذوقين الفن من بثه على اليوتيوب ؟ لقد اعادت الجزيرة بثه لكن في ساعات متاخرة من الليل .. ثم ... لم يبث و الى الان ...

هنا

أسامة العيسة:

تحياتي وكل الاحترام لمثل هذه الجهود
بالنسبة للمناضل سعيد العاص، فلم يستشهد في جبل النار كما ورد في المقال، وانما في (وادي الغويط) غرب بلدة الخضر-بالقرب من بيت لحم والقدس.
وقبره موجود في بلدة الخضر، وتم الاهتمام به، وبقي صامدا رغم اقتراب الاستيطان الاسرائيلي منه ومحاصرته

فلسطين