عازفة البيانو السورية ساندي بل نخلة في دار الأوبرا بدمشق

17 تشرين الثاني 2013

جولة بين المراحل الرومانسية من الموسيقا

اختارت عازفة البيانو الموسيقية ساندي بل نخلة لحفلتها أمس الاثنين 11 تشرين الثاني 2013، مجموعة من الأعمال المعروفة لكبار المؤلفين الموسيقيين العالميين، وبدأت بسوناتا البيانو رقم 53 دو ماجور "فالد شتاين" للمؤلف لودفيغ فان بيتهوفن، يتضمن ثلاث حركات «سريعة بعنفوان، بطيئة للغاية، روندو».

اتسم العمل بمنحنيات إيقاعية جميلة وغنى عاطفي في جمله الموسيقية ودخل فيه تنازع واضح وبث حرارة باطنة، ودفئاً إنسانياً، وهذه الأشياء سمة المؤلفين الذين عاصروا بيتهوفن الذي يلتزم في هذا العمل كما في أغلب سوناتاته بنماذج سوناتات هايدن وموتزارت، ولكنه استطاع بالتدريج أن يستنبط شكلاً ولغة خاصين به، يعبران أصدق تعبير عن النواحي الفردية المتميزة في شخصيته، ونستطيع أن نلاحظ مدى الجهد الذي بذله بيتهوفن في التخلص من الأطر الكلاسيكية للسوناتا، وكذلك في السوناتا الشبيهة بالفانتازيا.

والعمل الثاني في الحفلة كان من نصيب فريدريك شوبان وعمله بالاد رقم 4 عمل رقم 52 فا مينور، ويستمد شوبان أسلوبه في الموسيقا، طريقة الغناء التجميلي "المزوّق" في الأوبرات الإيطالية، ولا سيما عند معاصره الموسيقي "بلّيني"، والموسيقى الشعبية البولندية، وخاصة الراقصة منها، ومع ذلك كان يضيف إلى هذه المصادر عناصر شخصية قوية، تتسم بالعمق والتعقيد، إذ أن أساس فنه هو التوافق الصوتي، وأصالة شوبان كما رأينا في هذا العمل الذي أدته "نخلة" يرجع إلى أنه أول موسيقي اتخذ من البيانو وسيلته الوحيدة للتعبير عن نفسه، وأنه يكاد من المستحيل أن نتصور البيانو دون أن تخطر بذهننا، موسيقى شوبان، إذ يندر أن يستمع المرء إلى برنامج للبيانو لا يتضمن بعضاً من مقطوعاته.

وعزفت "نخلة" في هذه الحفلة رابسودي عمل رقم 79 ليوهان برامز، ويقترن هذا العمل بالتلوين الهارموني الزاخر، ويخلو تماماً من العنصر الدرامي، ينصب أساساً على التصميم الموضوعي، المتخذ من الأفكار الموسيقية الخالصة، وترك من العناصر الأخرى لكي يمارس تأثيره من تلقاء ذاته، له دلالته، ويتسم بنزعة رومانسية وحسية واضحة، ومن أروع ميزاته ذلك التوثب الإيقاعي الذي يشعر السامع بنبض الحياة وانسياب مجراه من أول العمل إلى آخره، وهي صفات لا يمكن أن تتوافر في أعمال موسيقا تفتقر إلى الإلهام الفني المتدفق.

أنهت «ساندي بل نخلة» حفلها مع المؤلف الصعب سيرغي رخمانينوف وعمليه بريلود رقم5 عمل رقم 23 ولحظة موسيقية رقم4 عمل رقم16، العمل محمل بالحنين، لا يخلو من التعقيدات، عمل من العيار الثقيل، يصعب على الكثير من العازفين أداؤه، كما أغلب أعمال هذا المؤلف، له طابع رومانتيكي يميل إلى الكآبة، ولكن يحمل شيء من الأمل، وكأن رخمانينوف يقول في هذا العمل لابد أنه سيعود إلى بلده روسيا مجدداً.

أدت نخلة هذه الأعمال بكل أريحية وبأمانة تامة امتلكت فيها أدواتها بشكل قوي واستطاعت بكل شجاعة تخطي مغامرة العزف الصعب، ولا سيما إن البعض يخاف الاقتراب من هذه الأعمال التي تحتاج للخبرة والمرونة.

وفي حديث مع اكتشف سورية قالت الموسيقية ساندي بل نخلة: «أتت فكرة أمسية للموسيقا الكلاسيكية كوني خريجة المعهد العالي ومتخصصة بالعزف على البيانو، وهي محاولة لتعريف الجمهور السوري على هذا الفن، كما تأتي هذه حفلة كاستمرارية للذين سبقوني في تقديم هكذا برامج».

وأضافت: «اخترت في هذه الحفلة أسماء معروفة في عالم الموسيقا الكلاسيكية، ولكن الأعمال التي عزفتها لهم غير متطرق إليها إلا نادراً، وكما كانت الحفلة فرصة لأبين إمكانياتي وقدراتي العزفية».

وأنهت حديثها قائلة: «الأعمال التي عزفتها تنتمي إلى القرن التاسع عشر والتي يغلب عليها الطابع الرومانسي، وكما هو معروف بأن الموسيقا الرومانسية لها عدة مراحل، فكان شوبان في مرحلتها المبكرة، وبرامز في المرحلة الوسطى، وراخمانينوف في مرحلتها المتأخرة».

يشار أن ساندي بل نخلة قد درست العزف على البيانو في المركز الثقافي الروسي في صف الأستاذة تاتيانا لوغينوفا، وأكملت دراستها في المعهد العالي للموسيقا في صف البروفيسور فلاديمير زاريتسكي وتخرجت منه بامتياز.

وخلال دراستها في المعهد شاركت في عدة نشاطات و ورشات عمل تختص بآلة البيانو مع عدد من الخبراء أهمهم: نيكولا آيمر- إيفالد دانهوفر- ماري جيرو- مونيكا لونيرو، في عام 2009 عزفت مع أوركسترا المعهد العالي للموسيقا في حفل قُدم على مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق. شكّلت ساندي في عام 2010ثنائياً مع عازف الكمان أبان الزركلي، وهي تعمل حالياً عازفة بيانو وأستاذة في المعهد العالي للموسيقا.


إدريس مراد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق