لوحات الشعراني مُقتناة في أكثر من عشرين دولة عربية وأوروبية

15 01

أنا نتاج تفاصيل حياتي والتقاطي لها وتعاملي معها

في كل لوحة من لوحاته الخطية تجد مساحة للحوار والإقناع، فمن وجهة نظره الخط العربي فن كباقي الفنون، جزء من النسيج الثقافي العام ينطوي على طاقة تعبيرية، طاقة خفية تتيح للفنان تشكيل عمل تجريدي لا يخلو من محتوى جمالي. عشقه الفطري له جعله يتجاوز وظيفة الخط الدنيا إلى وظيفة أكثر جمالية وإبداعاً وعصرنة، فالحرف عنده قابل للنمو، للتطور كما تتطور الحياة. ومن هنا تحديداً كانت النقلة النوعية فمن لغة التخطيط إلى التأليف والابتكار ما جعل التقانة الكمبيوترية بمنأى عن الوصول إليه.
وجاء اللون ليضفي على لوحاته موسيقا بصرية تحرض عقل المتلقي وتجعله يرى الأشياء من منظور كينونته وروحه. أعماله مُقتناة متناثرة في عدد من دول العالم كما تناثرت لوحاته على جدران صالة "أيام غاليري" التي احتضنت ولأيام عدة روادها من عشاق ومحبي هذا الفن في معرض للفنان الخطاط منير الشعراني في 12/1/2008. وهو المعرض الثاني في دمشق يحضره الخطاط منير شخصياً بسبب إقامته خارج سوريا بعد معرضه الأول عام 2005 في صالة أتاسي والذي يرى فيه محاولة لتقديم مختارات طعم فيها الجديد بالقديم حتى يكون التنويع أكبر والصورة أوسع بالنسبة للمتلقي، ولطالما أراد الفنان منير إبقاء دائرة الحوار مفتوحة بينهما.
فيما كان معرضه الثاني في غاليري أيام نتاجاً لعمل قام به في السنتين الماضيتين، وفيه محاولة تجديد على استقامة الخطوط، بالنسبة لأفكاره ولتوجهاته في تطوير الخط العربي ودفعه للأمام وبنفس الوقت محاولة لتجاوز أعماله السابقة إلى مواطن جديدة لاستكمال جوانب التطوير الخطي للوحة التي اشتغل عليها. ما يقصده الفنان شعراني في موضوع التجاوز من خلال هذا السرد الحواري لا يعني انعطافاً أو نقلة نوعية وإنما العمل على تطوير وتحديد لمسات خاصة باللوحة الخطية سواء على المستوى الشخصي أو المستوى العام بغاية إقناع المتلقين بأن الخط فن لا يقل شأناً عن باقي الفنون؟ والخط العربي ما هو إلا نتاج حضاري وليس نتاجاً دينياً كما يظن البعض إنما تعامل مع الدين وخدمه كما فعل التصوير في أوروبا.
ينتمي تعامل الشعراني مع الخطوط إلى فترات مختلفة ولكن ليس بصورة فوتوكوبية بل من خلال صياغة الأنواع والتعامل معها بما يتناسب مع اللوحة الفنية مع محاولة تطوير هذه الأشكال التي تحوي قيماً جمالية عالية ودفعها لأن تكون معاصرة فهي تمتلك الجذور التي تمكنها من المنافسة والمعاصرة.
وكانت البداية من الخطوط الأولى ما قبل العهد العثماني وهي أكثر جمالية بما يتناسب مع عين اليوم ومن جهة ثانية أكثر جمالية من الخطوط التي كرست في العهود العثمانية وهو يحاول العمل على إحياء هذه الأنواع التي تنطوي على قيمة غرافيكية جمالية ـ على حسب قوله ـ إضافة لمعظم الخطوط التي كانت في العصر العباسي ومنها الكوفية، والخطوط التي كانت موجودة في ديوان العهد العثماني وهو الخط الديواني الذي لم يتم تجميله على أيديهم بل على أيدي العرب في مصر وبلاد الشام والعراق.
وأما فيما يتعلق بتصوير الحرف لديه فيتدخل الخيال المعتمد على التجربة بالإضافة إلى المعرفة الأكاديمية، التي ليست قالباً جامداً في نظر الخطاط منير، وإنما الأكاديمية تعني أرقى ما وصل إليه العلم في هذا الفن أو ذاك المعطى المعرفي.
وفي ذلك يقول الشعراني «لعله يحق لي الادعاء بأنني أطور الأكاديمي في الخط ليصبح أكاديمياً في المعنى المعاصر لأنه تجمد منذ العهد العثماني ولم يتم تطويره خلال تلك الفترة نظراً لعوامل شتى كلست حياتنا بالكامل وبالتالي أي إضافة ناتجة عن معرفة تصبح أكاديمية وأنا أحاول أن أضيف هذه الإضافة».
وإذا كان العرب قد وجدوا الخط بحدس إبداعي وليس بامتهان اتباعي تقليدي فإن الفنان الشعراني عمل بوعي أكثر من كونه حدساً، لأنه قارئ جيد للماضي عملياً ونظرياً حاول أن ينطلق من البدايات المعرفية المتراكمة على هذه البدايات والإضافات والنقلات النوعية وغير النوعية، وبعد ذلك محاولة الإضافة على ذلك ولو القليل، فبدون معرفة ـ كما يرى ـ ليس هناك إضافة وبدون جذر لا توجد حداثة.
وفي مسألة انتشار مُقتنياته على مساحة العالم، يجد أن هذه المسألة لها علاقة بمدى إقناعه للمتلقي القادر على اقتناء العمل ولا يخفي هنا سعادته من كونه استطاع أن يصل بعمله ليس فقط إلى من يجيد قراءة اللغة العربية وإنما للآخر، وهذا يعني من الجانب الفني امتلاك لوحاته للقدرة البصرية القادرة على فرض نفسها حتى قبل اكتشاف محتواها اللفظي، وهذا الأمر يشعره بالرضى والمسؤولية بتطوير الذات.
لم يغفل الفنان منير دور الألوان في لوحاته ومع ذلك فدورها لا يتجاوز ـ على حد تعبيره ـ ما يحتاج إليه العمل فيقول «ليست ثرثرة أو كلام لغو لأني على قناعة بها عندما أضعها، وهي تفصيلة شأنها شأن تفاصيل العمل التي غايتها تحريض عقل المتلقي على مختلف الأوجه بدءاً من حياته الخاصة وانتهاءً بالشأن العام. وفي معظم أعمالي غالباً ما تجد النقطة الحمراء وهذا النقطة الحمراء هي الجانب الموسيقي البصري الذي أتعامل معه ومن خلاله أحقق موسيقى بصرية تجعل المتلقي يتخيل ويتصور أشياء ربما أنا لا أراها ولكن هو يراها من خلال كينونته وروحه ربما تلتقي مع هذا العمل أو ذاك».
ويؤكد الخطاط منير أنه على قناعة تامة ومنذ زمن طويل بأن الخط العربي فن يملك كل مقومات التطور والحداثة، وليس كما يقول بعض الفنانين بأنه وصل إلى ذروته فهذا يعني انحداره وموته بعد ذلك. ويبقى الإنسان همه الأول والأخير، الإنسان بحد ذاته وفيه يقول: «هو الكيان الذي ينبغي علينا جميعاً أن نعمل لأجل ارتقاءه، وانطلاقاً من هذه النقطة تحديداً نكون نعمل على ارتقاء أنفسنا».


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

علي حسن شويحنة ALI CHOUEHNE=:

تحية طيبة.. مما لاشك فيه ان سورية الحضارة والثقافة والابداع هي المعين الذي لاينضب ماؤه..فالطاقات الكامنة في هذا البلد المعطاءتتفجر كلما وجدت لها منفذا تخرج منه الى عالم المعرفة والفكر الانساني .. مما يفرح الروح ان نرى ابداعات ابناء وطننا وجلدتنا يتركون اثرهم وبصماتهم ونتاج افكارهم على ارض هذا الوطن بل وفي حنايا النفس البشرية.. هنيئا لهم وهنيئا لنا بهذا الموقع الجيد الذي يشد الفكر واصحاب النشاطات الثقافية اليه.. **تحيات مغترب/ علي حسن شويحنة / اسبانيا

SPAIN/=ESPAÑA

جاسر:

بصراحه الفنان منير من اعظم واحس من ابدع في الخط العربي و هناك اقتراح برجاء اخده بعين الاعتبار نرجو منه ان يقوم بنشر اعماله في كتالوج لتعريف الناس باعماله اكثر

مصر