عيد الجلاء.. ذكرى الاستقلال والإخاء والوفاء للوطن

17 نيسان 2011

بغتةً تفاجئنا الذكرى، في خضّم ما نحن مشغولون به، فاليوم عيد الجلاء، وبقدر ما تثير فينا الكلمة من عودة إلى حنين ماضٍ، فإنها تذكرنا بذلك الذي تحيل إليه، إنه عيد استقلال الوطن، وخروج القوات الأجنبية من آخر شبر فيه. فمنذ ذلك التاريخ، السابع عشر من نيسان عام 1946، أصبح السوريون مسؤولين عن أنفسهم تماماً، مسؤولين عن حاضرهم وكتابة ماضيهم، أحراراً في تكوين حيواتهم ومستقبل أطفالهم، مع خروج آخر جندي من قوات الانتداب التي قبعت على صدورهم طوال ربع قرن، ولم تخرج إلا بعد ثورات وجهاد وتضحيات ونضال كبير.

وبالعودة إلى تاريخ الجلاء وما سبقه، فإنه وبكل تأكيد ذلك المنجز المشترك الذي ساهم فيه أبناء الوطن السوري جميعهم، بغض النظر عن اختلاف معتقداتهم الدينية والسياسية والفكرية، أو انتماءاتهم العرقية، أو شرائحهم الاجتماعية الاقتصادية. لقد كانوا ببساطة سوريين يذبون عن حياض وطن واحد، رافضين كل مشاريع التقسيم المناطقي أو المذهبي التي خرج بها عليهم المستعمر الفرنسي، مستهدفاً وحدتهم التي هي مصدر قوتهم وجوهر انتمائهم، وهكذا كان شعار الثورة السورية الكبرى الذي أعلنه للملأ قائدها الزعيم الوطني سلطان باشا الأطرش: «الدين لله، والوطن للجميع». فوقف أبناء جبل العرب وسهل حوران جنباً إلى جنب مع إخوانهم في غوطة دمشق وجبال حارم وهضبة حلب، وأبناء الساحل السوري مع رجال حماة وحمص وسهوب الجزيرة السورية ليشكلوا بكليّتهم هذا الوطن الذي يعرفه العالم تحت اسم الجمهورية العربية السورية.

واليوم، ها قد مضى على هذا التاريخ القريب البعيد خمسة وستون عاماً، شهدت فيها سورية ما شهدت من أحداث جسام، وتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، يزدحم بها هذا العمر القصير بمقياس أعمار الشعوب والدول، والحافل بإنجازات هذا الشعب رغم الصعوبات والمحن، والتضحيات الكبيرة التي تسببها مواجهته الدائمة للمشروع الصهيوني الاستعماري، وما تجره هذه المواجهة من تكلفة على كل المستويات.

وبعدُ، فإن عيد الجلاء هو عيد الحرية، عيد الاستقلال، عيد المستقبل الواعد القادم الذي يطمح إليه كل السوريين، المتطلعين إلى تقدم بلادهم وازدهارها وسؤددها. إنه عيد الإخاء والوفاء للوطن، هذا الوطن الذي يكبر بأبنائه، ويزهو بنجاحاتهم، كي يتبوأ وإياهم المكانة اللائقة به وبهم بين أمم الأرض.


محمد خضور

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق