الشعر وتداخل الأجناس الأدبية: ندوة ثقافية في الحسكة

26 أيار 2010

من فعاليات مهرجان الشعر السوري الثاني في الحسكة

الأثر الأدبي لا يوجد كفكرة فنية فحسب بل هو تجسيد للفكرة أيضاً في آن معاً، ولكن عموماً ثمة ما هو مألوف عن جنس أدبي ومميز في الوقت نفسه عن الأجناس الأدبية الأخرى مع شروط مسبقة، وهنا نتلمس أحادية الوعي فلا يمكن للقصيدة مثلاً أن تكون غير القصيدة إذا كان الوعي محصوراً بالنمطية والأحادية، مع وجود بعض حالات التلاقي قديماً مثل القصائد الملحمية التي جمعت بين الشعر والقصة في كيان أدبي واحد سمي فيما بعد بالشعر الملحمي. و لم يكن ثمة ما هو أكثر غموضاً من الجمع والتركيب الذي لم يتكون إلا في مرحلة متأخرة تبعا لتطور الوعي، وإذا كان الشكل التصوري المجازي أكثر قدماً من الشكل العقلي، فيمكن أن يكون الأخير هو المسؤول عن تلاقي الأساليب الأدبية في نص واحد يمكن تسميته نصاً جمعياً إن صحّ التعبير، إذ أن الأديب في هذه الحالة - وفي هذه اللحظة - يجد نفسه في مجال الحرية يسمو على النمطية والتقليد والجماليات المسبقة.

في اليوم الثاني من مهرجان الشعر السوري الثاني (دورة الشاعر فايز خضور) والتي تعقد برعاية اللواء معذى نجيب سلوم محافظ الحسكة، وبدعوة من اتحاد الكتاب العرب ومديرية الثقافة في الحسكة من 23 لغاية 27 أيار 2010 على صالة المركز الثقافي العربي في الحسكة الساعة السابعة مساء، شهد جمهور الحضور ندوة المهرجان التي حملت عنوان «الشعر و تداخل الأجناس الأدبية» بمشاركة الأساتذة: د. سعد الدين كليب، د. وفيق سليطين، د. رضوان القضماني.


الدكتور سعد الدين كليب

بدأ الندوة الدكتور سعد الدين كليب بالحديث عن الحاجة الجمالية والأدب وذكر الجانب الجمالي في الإنسان باعتباره كائناً جمالياً، حيث يقول: «الإنسان هو محور الفن من جهة، وهو منتجٌ ومتلقٍ ومعايش له و لغيره من مكونات الطبيعة من جهة أخرى، والفن عند الإنسان مرتبط بالحاجة والوعي والمادة»، وبيّن الدكتور كليب القصد من الحاجة والوعي والمادة، فالفن يعتبر حاجة جمالية في الإنسان، والوعي هو المسؤول لتحويل تلك الحاجة إلى شكل فني مكاني أو زماني، أما المادة فهي الوسيلة التعبيرية المتاحة، فاللغة مادة الأديب والحجر مادة النحات واللون والخط مادتا الرسام والجسد مادة الممثل. وأكدّ الدكتور سعد الدين كليب على الحاجة الفنية أو الجمالية وقسمها إلى: 1- الحاجة التعبيرية الذاتية (الحديث عن الذات) 2- الحاجة الإخبارية 3- الحاجة الحوارية، ومن الحاجات الثلاثة ظهرت الأساليب الأدبية فمن الحاجة التعبيرية ظهر الأسلوب الغنائي التعبيري المجازي (الشعر)، ومن الحاجة الإخبارية ظهر الأسلوب الملحمي أو السردي (القصة – الرواية)، ومن الحاجة الحوارية ظهرت الدراما أو المسرح انطلاقاً من مفهوم الأنا والآخر. وربط الدكتور كليب بطريقة بارعة بين كل عصر والحاجة الملحة لذلك العصر وهذا يفسر بروز جنس أدبي أكثر من غيره في مرحلة ما، مع العلم والكلام للدكتور كليب إن الحاجة الحوارية تأخرت في المنطقة العربية و ظهرت تحديداً في أوائل الفرن العشرين مع أبي خليل القباني والنقاش وغيرهما في ذلك الوقت، ومن جهة ثانية أشار الدكتور إلى أن القصيدة الجاهلية مثلاً - أي في عصر واحد - انطوت على الإخبارية والحوارية من جهة وعلى الغنائية المجازية من جهة أخرى، مع العلم أن المجازية هي الأساس في القصيدة. و ضرب الباحث الدكتور بعض الأمثلة من شعراء العرب مثل عمرو بن أبي ربيعة الذي مال إلى الإخبارية، والشاعر شوقي البغدادي الذي كان للسرد حضور واضح في أعماله الشعرية، ومما سبق يرى الدكتور أن التداخل بين الأجناس أو الأنواع الأدبية من شعر ورواية أو قصة أو قصة قصيرة جداً أو مسرحية أمر طبيعي في الجنس الأدبي الواحد.

الدكتور وفيق سليطين مع بعض الحضور

أما الدكتور وفيق سليطين فتحدث بشكل أكاديمي عن النص المتعدد الأنواع منطلقاً من التساؤلات عن الوجوب والجواز، وبين فوائد وأخطار إسقاط الحدود بين الأنواع والأجناس الأدبية، ونقد الدكتور سليطين فكرة الوجوب أي فكرة التجديد من أجل التجديد الذي قد يؤدي إلى الفوضى والتسطيح الأدبي والفكري، كما نقد في الوقت ذاته فكرة النقاء الأدبي واعتبرها فكرة يوتوبية أسطورية، وأشار الدكتور سليطين إلى فضل أدونيس الذي بشّر عربياً بفكرة التعدد النصي حيث يقول الأخير: «النص رقعة مفتوحة لتمازجها ولانخراط بعضها ببعض»، وبيّن الدكتور وفيق سليطين أن هنالك إمكانية للتوصل إلى هوية أدبية جديدة من خلال الدمج والتداخل كاشفاً عن إمكانات جديدة وأساليب مبتكرة.

الدكتور رضوان القضماني

وأخيراً كان للدكتور رضوان القضماني نصيب في الحديث مشيراً إلى فكرة مهمة عن أخطار التداخل الأدبي لأن هذا التداخل قد يؤدي إلى قولبة جديدة تحدد الإبداع في الوقت الذي كان المقصود هو التجديد فينقلب السحر على الساحر، وأصر عل مفهوم التراسل بدلاً من التداخل لأن التراسل ينفي القولبة، فيكون لكل إبداع أدبي أدواته الجمالية الخاصة من دون أن تصبح جامدة، وكان لا بدّ للإشارة إلى أهمية الشكل الأدبي في الإبداع، فالإبداع عند الدكتور القضماني لا يأتي من المعنى بل من الشكل الذي يستوعب ذلك المعنى فتبين لنا من كلامه جمالية الكلمة وعلاقتها مع أخواتها في النص و ضرورة حسن الاختيار وحسن التنسيق و الإخراج.

د. سعد الدين كليب: عضو اتحاد الكتّاب العرب، شاعر وناقد وباحث في علم الجمال.
د. وفيق سليطين: أستاذ في جامعة تشرين، عضو اتحاد الكتّاب العرب، له مؤلفات في النقد.
د. رضوان القضماني: أستاذ اللسانيات في جامعة البعث، عضو اتحاد الكتّاب العرب.


كولوس سليمان - الحسكة

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

دليلة:

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
وددت لو أرسلتم لنا المقالات و المداخلات كاملة
و شكرا

الجزائر

دليلة:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
من فضلكم كيف يمكن لي الاتصال بأحد هؤلاء النقاد المشاركين في هذه الندوة فالموضوع يهمني
و لكم جزيل الشكر

الجزائر