السيدة نبال بكفلوني مديرة مديرية الفنون الجميلة في حوار مع اكتشف سورية

12 أيار 2010

حول ورشة العمل الفنية للسجناء في سجن عدرا بدمشق

تأخذ ورشة العمل التشكيلية المُقامة في سجن عدرا بدمشق والتي جاءت نتيجة تعاون كبير بين وزارتي الداخلية ووزارة الثقافة السورية - مديرية الفنون الجميلة- أصداءها المرحبة بهذا التوجه الجديد نحو السجين كمبادرة حضارية في عملية توجيهه نحو فضاءات إبداعية تنعكس بشكل إيجابي على كافة نواحي حياته وخاصة لمن يملك بذوراً إبداعية في مجال الفن التشكيلي. «اكتشف سورية» المتابع الدائم لكافة النشاطات الثقافية في مختلف أرجاء سورية قام فيما سبق بزيارة ميدانية لسجن عدرا بدمشق وأجرى حوارات موسعة مع بعض السجناء، ولكي تتوضح الصورة أكثر قمنا بزيارة مكتب السيدة نبال بكفلوني – مديرة مديرية الفنون الجميلة –وتحدثنا معها في حيثيات ورشة العمل، فكان هذا الحوار.

بداية سيدة نبال، كيف ظهرت فكرة إقامة ورشة عمل تشكيلية خاصة بسجناء سجن عدرا؟
بدأت الفكرة عندما قرأت عن سُبل مكافحة الجريمة وما يبدده السجين من وقت ضائع داخل جدران السجن، فالوقت عنده طويل وممل وكأن الـ 24 ساعة تصبح دهراً بأكمله. لذا بدأت الفكرة بمحاولة استثمار الوقت بشكله الصحيح عن طريق إخراج السجين من الصورة النمطية لحياته، وذلك بتحريض هذا الجانب النفسي الإنساني لديه من خلال إقامة فعاليات فنية وورشات عمل تفاعلية وإطلاعه على تجارب الفنانين التشكيليين السوريين.


ورشة العمل الفنية في سجن عدرا

كما قلت، فإن هذه الورشة هي أول ورشة عمل فنية تشكيلية تفاعلية داخل جدران السجن في الوطن العربي، لنتكلم عن هذا الجانب.
نعم، ففي السابق أقيمت معارض فنية تعرض نتاج السجناء، ولكن - ومع هذه الورشة - تكون سورية أول بلد عربي يقيم ورشة عمل تشاركية تفاعلية تجمع بين قطبيها فنانين تشكيليين من جهة وسجناء من جهة أخرى، فنحن في هذه الورشة نقوم بلقاء السجناء ضمن جدران السجن ونعمل على تلقينهم المبادئ الصحيحة في التعامل مع اللون وسطح اللوحة، كذلك فإننا نطلعهم عن الخامات المستخدمة في العمل التشكيلي.

كيف تم الإعلان عن ورشة العمل وما هي المقومات الفنية لانتقاء المشاركين من السجناء؟
تم الإعلان عن الورشة عن طريق إذاعة السجن، وبذلك فهي تقدم لورشة العمل سجناء يرغبون في تنمية مواهبهم الفنية، حيث جرى حديث مطول مع السجناء المتقدمين وشرحنا لهم كيفية سير عمل الورشة، أما بخصوص السوية الفنية للسجين فقد كانت في المقام الثاني إذ كان هدفنا استثمار وقت السجين بشكل صحيح ومفيد.

لنتكلم عن كيفية تأمين المواد اللازمة لورشة العمل المقامة في سجن عدرا.
قامت وزارة الثقافة بالتعاون مع وزارة الداخلية بتغطية كافة النفقات المادية لهذه الورشة، مثل اللوحات والألوان وكل المستلزمات التي يتطلبها عمل الورشة، كذلك قدمت إدارة السجن جميع التسهيلات الإدارية، وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا المشروع ما كان ليبصر النور لولا الدعم الشخصي الذي تفضّل بتقديمه لنا السيد وزير الداخلية اللواء سعيد سمور، أما السيد وزير الثقافة فقد عوّدنا على دعمه لجميع نشاطاتنا وليس هذا النشاط فقط. كذلك فإن من الواجب أن نشكر إدارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية على دورها الفعّال في هذه الورشة.

من هم التشكيليون المشاركون في هذه الورشة وما هي ردود أفعالهم تجاه ورشة عمل مخصصة للسجناء؟
يشارك في هذه الورشة كُلٌّ من الفنانين عمر النمر، د. غسان سباعي، نسيم إلياس، فرح الشيخ، زيزان عرب، صباح الحديدي، حيث يقومون بالتناوب على حضور فعاليات الورشة، فهم يعملون معنا بشكل تطوعي وهذا ينم عن حس عالٍ بالمسؤولية. ولكن - في الجهة المقابلة - هنالك من استهجن الفكرة منذ بدايتها لعدة اعتبارات، فمنهم من قال إن في هذه الورشة خطراً حقيقياً على الفنانين المشاركين، وخوفاً من ردود أفعال غير مسؤولة من قبل السجناء، وهنا لدي وجهة نظر مختلفة، فهذا السجين في داخله نوازع خير ونوازع شر شأنه شأن سائر البشر ولا نستطيع أن نؤطر السجين في خانة الشر المطلق، لذا جاءت هذه الورشة لاستثارة مكامن الخير لديه.


السيدة نبال بكفلوني في جولة على السجناء أثناء ورشة العمل

سيدة نبال إلى أين وصلت نتائج ورشة العمل؟
بدأت ورشة العمل في 1 نيسان 2010، وها نحن اليوم نلاحظ تطوراً ملحوظاً في طريقة تعاملهم مع اللون والكتلة، إضافة لطريقة عملهم في مجال الحِرف اليدوية، ففي البداية كان الخط ضعيفاً وكثيراً ما قاموا بمسح اللوحة وذلك لإعادة صياغتها بطريقة أفضل، أما اليوم ومن خلال أعمالهم فإننا نشاهد أعمالاً أكثر جمالاً من الناحية الفنية، وأكثر أهمية من النواحي التقنية، وهذا يعود للحوار الدائم الذي يدور بيننا وبينهم، فقد أصبح السجين يحاورنا في الفكرة التي يقوم بتنفيذها ويشرح لنا وجهة نظره الخاصة والفلسفية لعمله التشكيلي، ومنهم من يطالبنا بجعل ورشة العمل نشاطاً دائماً يُقام بشكل مستمر، لذا سنسعى في هذا الأمر بعد موافقة وزارتي الداخلية والثقافة.


من الأعمال
المنفذة في ورشة العمل

أثناء زيارتنا الميدانية لسجن عدرا حاورنا العديد من السجناء ونستذكر هنا قول أحدهم «لقد تحولت من سجين إلى رجل حر»، ماذا تقولين في هذا؟
إن قول هذا السجين يفسر لنا تلك النظرات المملوءة بالفرح والسعادة، كنت أشعر بهم وهم ينظرون إلى أعمالهم الفنية، السجناء الذين شاركونا هذه الورشة أصبحوا أحراراً بألوانهم وأفكارهم وتجاوزوا جدران السجن إلى عالم أكثر اتساعاً و سحراً، إنه عالم اللون.

لنتكلم عن التعاون بينكم وبين إدارة سجن عدرا.
اسمح لي أن أشكر بشكل خاص السيد العميد نبيل الغجري مدير إدارة سجن عدرا على تعاونه المطلق والسادة ضباط السجن، لقد كانوا متعاونين معنا بشكل كبير مما أدى إلى إنجاح ورشة العمل وتحقيق أهدافها، لذا نشكرهم على كل التسهيلات التي قدموها لنا وللسجناء. وهنا أريد أن أنوه بالنظام والنظافة التي كانت سمة السجن إضافة إلى أنه قد تبيّن لنا أن هناك مراسلات بين السيد مدير السجن والسجناء على شكل بريد يومي يردّ عليه السيد مدير السجن ببادرة حضارية ولفتة كريمة منه.

ماذا عن نتاج ورشة العمل وهل سيحتفظ السجناء بنتاجهم التشكيلي؟
سيقام معرض فني في تمام الساعة الحادية عشر من صباح يوم الجمعة الواقع في 28 أيار في سجن عدرا لنتاج الورشة، وسيكون ريع المعرض للسجناء أنفسهم ممن اشتركوا معنا في ورشة العمل، كما ستقتني الوزارتان بعض الأعمال كدعم مادي لهذا النشاط.

وفي كلمة أخيرة تضيف السيدة نبال بكفلوني:
أشكر كل من ساهم في إنجاح ورشة العمل المُقامة في سجن عدرا كما أخص موقع «اكتشف سورية» بجزيل الشكر على متابعته الدائمة لهذا النشاط وكافة نشاطات الفن التشكيلي السوري، أوجّه أطيب التحيات العطرة لإدارة هذا الموقع لتسليطهم الضوء على أسمى رسائل الإنسانية، رسالة السلام والمحبة والحضارة، الفن التشكيلي.


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

السيدة نبال بكفلوني في جولة على السجناء أثناء عملهم في ورشة العمل

السيدة نبال بكفلوني وعدد من الفنانين تشرف على عمل السجناء

أحد السجناء أثناء عمله في إحدى اللوحات

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق