بيت العقاد قصر دمشقي يجثم فوق أضخم مسرح روماني

10 12

دمشق مدينة تزخر بالأسرار كل يوم يكتشف جزءٌ من سحرها

لا تزال مدينة دمشق القديمة تزخر بالأسرار، وكلُّ يومٍ يُكتشف فيها الجديد لاسيما في بيوتها الساحرة، وهذا ما شجعَ العديد من الدول الأوروبية لدراسة هذه المدينة، التي اعتبرتها منظمة اليونسكو من مدن التراث العالمي.
ومن بين هذه الدول الدانمارك التي أسست معهداً للدراسات الشرقية في أحد بيوتها، بعدما اختارته كنموذج حي للتراث المعماري الدمشقي، وقد زُرنا المعهد وتَعرفنا على المنزل الذي يعودُ لبيت العقاد، وهو تحفةٌ نادرةٌ تكشفُ حقبة طويلة من التاريخ القديم.
أقسام البيت:
وبيت العقاد بيتٌ دمشقي متكامل، ويتألف من إيوان، وفسحة سماوية يتوسطها بحرة ويحيط بها عدّةِ غرفٍ ضمن طابقين، يُستخدم الطابق العلوي شتاءً لأنَّه دافئ، بينما يستخدم الطابق الأرضي صيفاً لأنه بارد.
ويعود البيت إلى العهد المملوكي في القرنِ الخامس عشر، وعدّل عدّةَ مراتٍ حيث اقتُطع من الجانبين الشرقي والغربي من الفسحة دونَ أنّ يؤثرَ ذلك عليها، وعلى النمط الدمشقي للبيت الذي استخدم في بنائه الداخلي الأبلق، وهو عبارة عن استخدام أحجار متعددة الألوان ولاسيما الأبيض والأسود.
ومن أهم معالم البيت المحافظ عليها حتى الآن لوحة فنية ضخمة في الواجهة الشمالية، محاطة بسبعة إطارات بشكل زخرفي وتكاد تكون فريدة من نوعها، نظراً لمساحتها الكبيرة واستخدام عدّةِ أحجارٍ بألوانٍ مختلفة، كالأسود، والكلسي الأصفر، والأحمر المز، وفي وسطها يوجد شكلٌ سوري قديم عبارة عن قرصين للشمس السورية وداخلهما خط هندسي عربي وله مثيل في الكنائس القديمة شمال غرب سورية.
يشبه قصر العظم:
لا يوجد دليل على أعمال بناء تمت في بيت العقاد خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، ولكن في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ضم بناء الزاوية الشمالية الشرقية من الفسحة السماوية، كما أنَّ القاعة المملوكية قد جُددت، وهناك نقش فيها يعطي تاريخ1754-1755، وهناك العديد من الغرف زينت برسومات طويلة على الجدران والأسقف، وبينها رسمتان أُرخَتا بالنقش بتاريخ عام1763، والملاحظة الأبرز للمعهد الدانماركي هي التطابق الكبير في الشكل بين التصميم الداخلي لقصر العظم الذي بني بين عامي1749-1752 من قبل أسعد باشا، والذي بنى أيضاً خان أسعد باشا، والتصميم الداخلي للقاعة الشتوية لبيت العقاد والنقش في قاعة بيت العقاد مؤرخ بتاريخ 1754-1755، ويعلل باحثو المعهد استعمال نفس التصميم الداخلي بأنَّه نتيجة لإتباع موضة فنية استُعملت من قبل العائلات الدمشقية الثرية في منتصف القرن الثامن عشر.
تطورات طارئة‏:
ويؤكد باحثو المعهد الدانمركي أنَّ مالكي بيت العقاد في القرن الثامن عشر غير معروفين من خلال أبحاثهم، غير أنَّهم أكدوا أنَّ عائلة العقاد تملكت هذا البيت حوالي منتصف القرن التاسع عشر وأعادت زخرفة بعض الغرف، وهي مثالٌ جديد لشكل «الركوكو» الذي ظهر لأول مرة في سورية عام1840م، وهو عبارة عن زخارف توضع في مكان صغير نسبياً وخاصة فوق النوافذ والأبواب.
وأشاروا إلى أنَّ الأجنحة الجانبية الشرقية والغربية للساحة الداخلية للبيت كانت قد أُضيفت، وفي النصف الأول من القرن العشرين كان البيت لا يزال مسكوناً من قبل مدرسة زينب فواز، وفي العشرين سنة الأخيرة من نفس القرن تركَ غالب البيت واضمحلت أجزاء كبيرة منه بسرعة.
وأثناء عمليات الترميم اكتشفت جدران ضمنها جزء من قوس ظاهر فوق مستوى أرض البيت تعود للعهد الروماني، وباعتبار أنَّ المسرح يعود لبداية العهد الروماني فيُرجّح أنَّ يكون هذا الجزء من القوس أحد مداخل المسرح المفترض، وهو من أكبر وأضخم المسارح.
جزء من العهد المملوكي‏:
ومن الأدلة الأخرى على عراقة بيت العقاد أنَّ الإيوان الضخم فيه هو جزء من بناء مملوكي، ويشيرُ الباحثون بهذا الصدد أنَّه وبعد تدمير المغول لدمشق عامي 1400-1401 استغرقت المدينة وقتاً طويلاً لإعادة إعمارها، لكن في عهد السلطان المملوكي قايتباي بين عامي 1468-1494 تمَّ تشييد عددٍ من الأبنية الهامة، بعضها يجاور بيت العقاد بشكل مباشر، والأمثلة على ذلك عديدة منها جامع القلعي 1470، ودار القرآن الحيدرية 1472-1474، وهناك بناء مملوكي هام آخر هو جامع الهشام 1426-1427 الذي كان على مسافة تقل عن مئة متر غرب بيت العقاد.
وتأسيساً على ذلك يعتقد الباحثون في المعهد أنَّ هناك أسباباً قوية للتصديق بأنَّ أجزاء أساسية من القاعة والإيوان في بيت العقاد هي أجزاء من بناء مملوكي هام، وربما قصر من هذه الفترة في أواخر القرن الخامس عشر، ويثير الاهتمام من هذه القرائن بأنَّ عدداً من شظايا الفخار المزجج «الممزوج بالزجاج» التي اشتهرت به سورية من القرن الثاني عشر حتى الخامس عشر وجدت في البيت أثناء أعمال الترميم.


قاسم البريدي

الثورة

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

مازن العقاد:

رحم الله جدي مصطفى العقاد الذي له الفضل بتحويل منزله الى مدرسه لنشر العلم والمعرفه .
كل الشكر لوزارة الثقافه وللسيدة الدكتوره نجاح العطار وللسفارة الدنماركيه وكل من ساهم في ترميم هذا المنزل الذي يعتبر من الاوابد التاريخيه العريقه.

سوريا-دمشق-