دمشق في عهد المماليك

ابتدأ هذا العهد عام 658هـ/1259م، وعادت الوحدة تجمع مصر والشام، ولم يكن انسحاب التّتار من دمشق بعد هزيمتهم في عين جالوت آخر وجود لهم يهدّد بلاد الشام، بل استمرّت غاراتهم، وكان أخرها وأشدّها سوءاً على دمشق حملة تيمورلنك عام 803هـ/1400م، فقد نال دمشق وسكّانها من هؤلاء المغول أشدّ الدّمار والهلاك.


ورغم ذلك، فقد استعادت دمشق بعد انسحابهم نشاطها، ولقيت عنايةً كبيرة من سلاطين المماليك، الذين اقتضت ظروف قتالهم لبقايا الصليبيين إقامتهم في عاصمتهم الثانية دمشق، فكانت ولاية دمشق من أكبر وأهم نيابات السّلطنة المملوكية وعُرفت باسم "نيابة الشام"، وتمتد حُدودها إلى الفُرات والرّستن شرقاً وشمالاً، وإلى البحر المتوسط غرباً، وإلى غزّة والكَرَك جنوباً.


وكان يكلَّف نائب دمشق بالإشراف على بقيّة النّيابات وهي: حلب وحماة وطرابلس وصفد والكَرَك. ولهذا كان نائب دمشق يحمل لقب: نائب السّلطنة أو ملك الأمراء.


وقامت في عهد المماليك أعمال عمرانية وإصلاحات واسعة، منها عدد كبير من المساجد والمدارس، ونعمت دمشق في عهد بعض السّلاطين والأمراء مثل السّلطان الظاهر بيبرس والسّلطان قلاوون والأمير تنكز بكثير من الاستقرار، فازدهرت الحركة العلمية ومدارسها، والفنون والعمران، كما نشطت الصناعة والتجارة.
وتنتهي هذه الفترة من النهضة والنشاط بالكارثة التي حلّت في دمشق بغزو تيمورلنك، وما رافق ذلك من تدمير ونهب وقتل وسبي وإحراق، وقد عمّها الخراب وأكلتها النيران، فكانت جريمة مروّعة بتدمير أجمل مدن الشرق وأعظمها شُهرة وعراقة. ومع ذلك فقد نهضت دمشق من كبوتها في أقل من ربع قرن، وأخذت تستعيد جمالها بالعمران والنّشاط الصناعي والتجاري، لكن ضعف عهد المماليك وسوء سلاطينهم في المرحلة الأخيرة من هذا العهد أدّى إلى فساد وتخلّف وفقر ومجاعات وأوبئة وقتال بين الفئات المتصارعة حول السّلطة والحكم، إلى أن انتهى عهد المماليك على يد الدّولة العثمانية.


دمشق في العهد العثماني
 

مواضيع ذات صلة: