مجموعة شعرية جديدة لبديع صقور
27 10
أعد الزهرة إلى السماء
إذا كان الشاعر سليمان العيسى لا يتصور إنسانية بلا شعر فإن شاعرنا الرقيق بديع صقور يترجم في مجموعته الجديدة «أعد الزهرة إلى السماء» ذلك شعراً وإنسانية. والشعر نبض الحياة العميق وقمة كفاح الإنسانية في صقيع من غربة يتعلق في بساتين روح الشاعر بين أزهار الحنين ووجع الأيام فيشتاق الفرح، وبعد لأيٍٍ من النزيف وجد سوسنة كماء تحتضر في سرير الثلج، والشمس تأخرت في الشروق فجف ندى السنديان.
أمن أجل ذلك يعيد الشاعر الزهرة إلى السماء وهي التي خلقت للأرض للناس مع تطلع مشروع للسمو؟
لكن الشاعر يؤكد أن ليس كل ما فوقك بسماء ص 9 فللروح فيض الصحارى وللعمر ضفيرتان ضفيرة مرخية على شط اللظى وضفيرة معلقة على جؤجؤ الريح:
« ولأنك راحل
لأنك تزرع القمح في سهول الغيم
لأنك
من أين تبدأ الترحال؟
للأولياء فصول البركات
وللـ «داشرين» جهات السفن
وأنى اتجهت فرأسك بين سيفين
رأسك بين قبرين
ولاأحد يبكي عليك »
مالدى الشاعر من رصد للخيبات قايض بطموحاته الملكية وترك نصفه الآخر في الحزن ليبقى هو نصف لاشيء.
لكن هذا النصف نهر من عتابا ونصف جلجلة النشيج فأي روح ضمت هذين الجناحين حتى كاد لايسمع كل جناح الآخر في انشغال المحطات بالرحيل على منحدر من الليل حيث تستبد الوحدة فيمشيان في جنازة السرو وحيدين يصبان كابتهما والسكر يدركهما:
«ريح المسافة تطفئ ضحكتنا
توقف نبض اللمسات
ويواصل النهر الرحيل»
وفي المجموعة قصائد رثاء لأحبة الشاعر حيث ممدوح عدوان يتجه صوب دهر القصيدة إلى حيث يجلله الشعر والسنديان وهمسات لروح الشاعر ميخائيل عيد حين يمتد جبل السنين وينهض حالماً برغيف ومجرة من حنين.
إلى أن يرشح موت الشاعر محمد الماغوط أقماراً وخيولاً بيضاء فيتساءل عمن يسعفه لإيقاد سراجين واحد نضعه على قبر السياب وآخر على قبر الماغوط لهداية الضالين والمشردين والحزانى والجائعين والخاسرين.
تفيض هذه المجموعة بالمحبة وتنطلق منها على أنها لوحة بشفافية عالية لما نحن عليه وهذا العرض المبسط ليس أكثر من إشارة إلى إبداع حقيقي يضيفه شاعرنا الأنيق بديع صقور لعمارة الشعر في بلدنا.
رياض طبرة
تشرين