ندوة ثقافية مرافقة لمعرض تحية لروح الفنان والباحث د. عفيف بهنسي
15 أيار 2018
.
على هامش معرض «تحية لروح الفنان والباحث د. عفيف بهنسي» اقام اتحاد الفنانين التشكيليين/فرع دمشق، ندوة ثقافية تكريماً لذكرى العلامة بهنسي بإدارة الدكتور نبيل رزوق ومشاركة كل من الإعلامي والناقد التشكيلي سعد القاسم والتشكيلي محمد غنوم والكاتبة يولا عفيف بهنسي، وبحضور نخبة من الفنانين التشكيليين والمثقفين والإعلاميين، فيما رافق الندوة عرض فيلم وثائقي عن حياة بهنسي وأعماله، وذلك مساء الأحد 13 أيار بقاعة لؤي كيالي في الرواق العربي بدمشق.
تقلّد الباحث والعلامة الدكتور عفيف بهنسي الكثير من المناصب والمهام ونال أرفع الأوسمة فيما يحمل عشرات شهادات التقدير وقدم للمكتبة العربية الكثير من الكتب والمراجع العربية والأجنبية والترجمات. برع في البحث والتأليف في الآثار والعمارة والفنون. عشق سورية وتراثها وحضارتها فأغنى المكتبة العربية وبقي التدريس عشقه الأول.
«أنا أشعر اليوم أن وجداني أعطاني من حقي من التكريم لأني قدمت لوطني ما هو بحاجة له فعلا، فالوطن في أعناقنا والوطن من مسؤوليتنا وما نقدمه فهو القليل القليل مما أعطاه لنا، وأرجو أن ما قدمته لكم هو عربون محبة وصداقة وبأنكم أهل لهذا الوطن»... الدكتور عفيف بهنسي.
الفنان التشكيلي محمد غنوم تحدث عن فن التصوير والنحت الذي أولاه «بهنسي» جل اهتمامه، قال: عندما نتحدث عن عفيف بهنسي يتملكنا الشعور اننا نتحدث عن إنسان غير عادي صاحب موهبة فذة لما قدمه من عطاء وابداع وابتكار.
وتناول غنوم ثلاثة اتجاهات بفن التصوير والنحت في أعمال «بهنسي». أولا الواقعية في رسمه حيث كان متمكناً من اللون والتشريح والتكوين فيما لم يتجاوز عمره العشرين عاماً، ثانياً الاتجاه التعبيري الذي حمله الكثير من لوحاته حيث كان شغوفاً بهذه المدرسة العريقة، وثالثاً الخط العربي حيث ترأس اللجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري الإسلامي «إرسيكا» المعنية بنشر الفنون الإسلامية وخاصة الخط العربي ومقرها مدينة إسطنبول بتركيا، وكانت تعتبر من أهم التجارب لدى عفيف بهنسي بإضافة الخط العربي إلى لوحاته.
فيما طالب «غنوم» بضرورة إقامة معرض شامل لأعمال الدكتور عفيف بهنسي حيث الكثير منها مازال حبيس الجدران ولم يتم عرضه على الجمهور.
الناقد الإعلامي سعد القاسم سلط الضوء على ثلاثة محاور رئيسية بدأها بمراحل دخول بهنسي إلى محراب الفن خاصة ان خلال دراسته الجامعية في الحقوق لم تكن قد أنشئت كلية الفنون الجميلة بدمشق لذلك تابع دراسة الفن في باريس ونال الدكتوراه عن اطروحته في الاستشراق وتأثيره على الفنانين المستشرقين وليس العكس من فناني الحداثة أمثال بيكاسو، كاندينسكي، مورو. ثم تسلمه عمادة كلية الفنون الجميلة ليشغل بعدها منصب مديرية الآثار والمتاحف، المحطة الأكثر أهمية في مسيرة عطاءه الإبداعية حيث كان له الفضل في تأسيس الكثير من المتاحف في أهم المدن السورية وقام بتغييرات جذرية في متحف دمشق الوطني أهمها نقل واجهة قصر الحير الشرقي لمبنى المتحف. وطوّر فيه جناح الفن المعاصر من خلال اقتناء أعمال معاصرة لكبار الفنانين السوريين. وكذلك ترميم الأبنية الأثرية على امتداد الجغرافية السورية عبر تطوير البحث الأثري وتحديث أدواته، وإطلاق الحملات الدولية لإنقاذ الآثار السورية الآيلة للزوال.
تجاوزت مؤلفاته أكثر من مئة مؤلف بلغات مختلفة بالإضافة لعدد لا يمكن إحصاءه من المحاضرات والدراسات المنشورة بالحوليات والمجلات المتخصصة إلى جانب إشرافه على الكثير من رسائل الدكتوراه والماجستير في كبرى الجامعات العالمية.
من خلال نظرته الاستراتيجية للشأن الفني حمل هم نشر الفنون التشكيلية في سورية خلال شغله لمنصب كلية الفنون التشكيلية والتطبيقية آنذاك، فأحدَثَ مراكز للفنون الجميلة في عدة محافظات شكلت النواة لإعداد فنانين أضحوا اليوم من كبار الفنانين على مستوى المحلي والعربي والعالمي. لا يمكن الحديث عن الحركة التشكيلية السورية أو المؤسسات التابعة لها دون ذكر الدكتور عفيف بهنسي صحاب الفضل في إرسائها كباحث وناقد وإداري اتسم بالجرأة في اتخاذ القرار والسرعة في إنجازه.
الأديبة يولا عفيف بهنسي تناولت الجانب الإنساني والعملي من حياة والدها حيث قالت: النظرة التي كان يراها به من عاصروه من احترام ورفعة هي نفسها التي كنا نراه بها نحن ابناءه. فيما تابعت بما يشبه المناجاة متأثرة برحيله: وعبر أثير روحك التي رحلت منذ شهور وحنت ثقيلة على كاهلي.. أبي ماذا تسال من الدنيا .. افتقدك لأنك كلي وبعضي وروحي.. ولأنك في الحقيقة ذلك الوطن الذي غرسته حقيقةً في شراييني .. انت ذلك العالم الذي جعلتني أحمله بين اصبعين عبرك وعبر مسيرتك .. عبقري أنت لا بل متفرد أيها المتفرد بوصف لا يكاد يطابق صفاتك التي تسمو وبها يسموا .. لا نبحث اليوم عن تكريم لك ولكننا نبحث عنك كي نجدد في ارواحنا اليقين والقدرة على الاستمرار .. لم تتوقف يوماً وأظنك اليوم في العالم المغيب تبحث وتعمل كثير.
وننوه إلى ان الفيلم المرافق للندوة لم يتم عرضه كاملاً بسبب رداءة الأجهزة المرئية وكذلك الصوتية التي تعاني منهما الصالة منذ فترة طويلة إلى جانب سوء الإضاءة في القاعة والتي يبدو انها بحاجة ماسة إلى صيانة عاجلة، خاصة أن إقامة ندوات لقامات سورية على هذه الرفعة يتطلب مكان يليق بها.
زين ص. الزين | تصوير: عبد الله رضا
اكتشف سورية
من الندوة الثقافية تحية للباحث الدكتور عفيف بهنسي |
من الندوة الثقافية تحية للباحث الدكتور عفيف بهنسي |
من الندوة الثقافية تحية للباحث الدكتور عفيف بهنسي |