جديد التشكيلية سارة شمة.. معرض «لندن» في دبي.. ويبقى الإنسان هاجسها الدائم
28 آذار 2017
.
مجموعة لوحات الفنانة التشكيلية سارة شمّة التي دعتها «لندن» هي باكورة أعمالها في بريطانيا التي انتقلت إليها مؤخراً بعد أن تم منحها إقامة نادرة وهامة باعتبارها "موهبة استثنائية". أتت اللوحات من وحي تجربتها الأولى في المدينة كفنانة وأم، ومن خلال رؤيتها للحياة كمقيمة مستقرة في مجتمع محلي رحّب بها.
هذا الانتقال هو الثاني للفنانة السورية المولد وعائلتها اليافعة، التي اضطرت إلى مغادرة دمشق هرباً من أهوال الحرب في نهاية عام 2012 واللجوء إلى أمان وطن والدتها الأصلي لبنان، ومن ثم إلى لندن في تموز 2017، هذا المزيج من الأحداث التاريخية والظروف الشخصية أبدع أعمالاً عكست تجربة الفرد في مواجهة المحفزات الجماعية للفتنة والاضطرابات المدنية والتشتت: وقائع غريبة ومفاجئة لزمان ومكان الفنان، ولكنها شائعة بالنسبة للإنسانية خلال تاريخها الطويل.
لوحاتها من هذه الفترة شاهدة على معاناة جسدية ونفسية، تقتفي الأثر العميق للرعب على الجسد وتعبيراته، هي استغاثة تصويرية أكثر منها بورتريهات، شخصيات مركبة مأخوذة عن وجوه وأجساد حقيقية عبرت من خلال مصفاة عقل الفنانة وعينها، هذه الأعمال تقطر خبرة بالصراع القائم في سورية بينما تلمس بالكاد الأسرار والأسباب التي تقف وراء تصاعد هذا النزاع أساساً.
زائرة دائمة إلى لندن حيث عرضت أعمالها في مناسبات عدّة، وصلت شمّة هذه المرّة في بداية العام الدراسي واندفعت بقوة في صلب الحياة المحلية والأسرية البريطانية، اختارت مدرسة لأطفالها واندمجت فوراً في دائرة قريبة من الأهل والمعلمين والأصدقاء في الحي الذي تقطن فيه، تمحورت ملاحظاتها الفورية والأكثر اثارة للدهشة حول التباين غير العادي في المواقف والسلوك اتجاه أصدقاء أطفالها في مدرستهم الابتدائية ونظرائهم في منطقة الشرق الأوسط، حيث فروق محصّنة لا تزال تميز العلاقة بين الأطفال والبالغين في تلك المنطقة.
لاحظت شمّة عدم خوف مريح وحرية مفرحة في طريقة تعامل أصدقاء أطفالها الجدد مع المعلمين والأسرة ورموز السلطة الأخرى، طريقة تتماشى مع تربيتها نفسها وروح المبادئ التي تتبناها وزوجها في تربية طفليهما اليافعين.
تعتقد شمّة بقوة أن الأطفال الذين يتم تشجيعهم على التعبير عن أنفسهم بحرية ودون خوف من القمع، الذين يسمح لهم بالفوضى وباحتضان حماسي لعوب لممارسة الاكتشاف كل يوم، سوف يشبّون مشبعين بقيم السلام والحرية، تلك القيم التي تشكل الحصن الأقوى ضد الحرب الأهلية. الأطفال السعداء يصبحون بالغين أكثر ثقةً، لا يقعون بسهولة فريسة في أيدي أولئك الذين يريدون استغلال المظالم لأغراض مدمرة. قد لا يكون هؤلاء الأطفال ضمانةً أكيدةً ضد العنف والحرب، ولكنهم شرط أساسي للديمقراطية، ومعها أي أمل في سلام دائم.
قررت شمّة أن يكون أول عمل لها في لندن استكشافاً واحتفالاً بروح الخيال والاحتمالات التي تتجسد في الأطفال الذين اجتمعت بهم في هذه الأشهر الأولى، فقامت بدعوتهم إلى مرسمها للجلوس كعارضين من أجل سلسلة من البورتريهات التي ستكون مضادة، وربما ترياقاً، لمعارضها الأخيرة القاسية "الدور"، "دياسبورا" و"بورتريهات حرب أهلية عالمية": انها اقتراح بصري لما يمكن أن يبدو "بداية جيدة".
خلال زيارتهم لمرسمها، أعطت الأطفال أدوات رسم للهو بها، وقامت فيما بعد باختيار عناصر من رسومات الأطفال ونسختها على البورتريهات، فدمجت بذلك إبداعاتهم الوليدة في العمل الفني الخاص بها، مما حول العمل لنوع من التعاون، فضلا عن استحضار شخصي للحظة معينة وثمينة من هذه الحيوات الشابة.
من خلال التواصل مع المجتمع الذي رحب بها وأعطاها الأمل والإلهام الجديد، تقوم سارة شمّة بترسيخ مكانة هذه المدينة في عملها وكذلك مكانها الخاص داخل المدينة. ربما تمثّل هذه اللوحات، بالنسبة إلى جمهور الشرق الأوسط، نظرة ثاقبة داخل نظام أكثر ليبرالية اتجاه مرحلة الطفولة، ولكنها تعمل أيضا على تذكير اللندنيين المتراخين قليلاً، بالظروف التي يعتبرونها أمراً مفروغاً منه، ولكنها ليست بأي حال من الأحوال دائمة وغير قابلة للتغيير.
سيتم عرض اللوحات الأولى من هذه المجموعة في معرض سارة شمّة الفردي "لندن" في غاليري آرت سوا في دبي، من 18 نيسان أبريل وحتى 20 أيار مايو 2017.
اكتشف سورية
مواضيع ذات صلة:
Vanessa tannous:
من اروع الفنانات
فنها يغذي الروح بالعمق والجمال
Lebanon