غاليري «ألف نون» في جدليتها الخامسة مع النحات غزوان علاف والتشكيلي جمعة نزهان
13 شباط 2017
.
من غاليري «ألف نون» للفنون والروحانيات انطلقت الجدلية الخامسة مساء السبت 11 شباط، بمشاركة كل من النحات غزوان علاف والتشكيلي جمعة النزهان، قدم خلالها النحات «علاف» ما يقارب الثلاثين منحوتةً نتاج عمله على مدى سنين طويلة من التجربة والبحث ضمن خامتي البرونز والخشب اللذين يميزان أسلوبه، فيما قدم التشكيلي «النزهان» تجربته الجديدة مع اللون والرمز.
الفنان التشكيلي المشارك جمعة نزهان في لقائه مع «اكتشف سورية» قال: «أنا ابن البادية هناك حيث يسكن اللون، ترعرعت بين سنابل القمح وزرقة الفرات وأزياء النساء المزركشة بالألوان الحارة الذين ما زلت احملهم في ذاكرتي البصرية المتخمة بأدق تفاصيل تلك البيئة، فرغم مغادرتي مسقط راسي وإقامتي في دمشق بسبب قسوة الإرهاب ووحشيته الذي يتغلغل في مدينتي كالطاعون، مازالت ذكرياتي تسكنني بكل روحانيتها في أعماق روحي لذلك تراها حاضرة دائماً في أعمالي».
وعن تجربته الحالية يقول نزهان: «معظم الأعمال التي أخرجتها خلال فترة تواجدي بمدينة دير الزور غلب عليها اللون الأسود بسبب حالة الحزن والكآبة التي مررت بها والسبب الآخر هو شغفي بالغرافيك المتجسد باللونين الأبيض والأسود، من هنا بدأت أعمل على استطالات لونية اسميتها "حارة سورية" تحوي تفاصيل مُعاشة قد نغفل عنها؛ كالكنيسة والجامع المتجاورين أو النوافذ والشبابيك وما إلى هنالك، عملت من خلالها على إستئناس اللون الأسود ليصبح حاضراً وملفتاً ومحببا لدى المتلقي كباقي الألوان».
وأضاف: «يلاحظ المشاهد المدقق في أعمالي تنوعاً بين فترتين؛ خلال وبعد مغادرتي لمدينتي، فكان لابد لدمشق؛ مكان إقامتي الحالي، أن يكون لها نصيبها من هذه الأعمال فكائت لوحة "دمشق الياسمين" أصب فيها كل العشق الذي أكنّه لها، خبأت فيها أبياتُ غزلٍ لشاعر الياسمين نزار قباني».
وعن مشاركته في الجدلية الخامسة التي تطلقها غاليري ألف نون قال: «تربطني بالفنان غزوان علاقة صداقة بعيدة من خلال المشاركة في بعض المعارض الجماعية، أما جدلية اليوم فهي ما بين المنحوتة واللوحة .. مابين الكتلة والسطح .. بين خامة البرونز واللون .. نقدم عبرها ذائقة بصرية للمتلقي تشمل الكتلة واللوحة في آنٍ معاً.. ولابد من التنويه للقيمة المضافة الناتجة عن جدليتنا والتي تصب في خانة تجاربنا المثمرة».
النحات غزوان علاف تحدث عن مشاركته في جدلية ألف نون الخامسة: «الثيم الأساسي الذي عملت عليه في معرضنا اليوم يعتمد في جدليته بين البيوت التي تسكننا ولا نسكنها التي يطرحها "نزهان" في لوحاته وبين الإنسان وعلاقته بالمكان "الوطن" التي دائماً ما تتجسد في أعمالي النحتية، فهي علاقة تكاملية في مبدئها الأساسي، بالإضافة لأعمال نحتية قديمة نوعاً ما أصريت على عرضها اليوم بعد التدمير والحرق الذي تعرض له مشغلي على يد الإرهابيين حيث أعدتُ قولبتها لإحيائها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فأصبحت لدي كطائر الفينيق الذي يعود في كل مرةٍ من الرماد إلى الحياة».
وعن تجربته في الأعمال الجديدة المعروضة قال «علاف»: «لا يمكن للفنان أن يعيش بمعزل عن واقعه لذلك انعكست سنوات الحرب المنصرمة على الأعمال النحتية الجديدة التي انجزتها حيث جسدت مواضيع كالهجرة والغربة والإستشهاد، إلا أنه ورغم بشاعة المشهد لم أغفُل العاشقين وإصرارهم على الحياة حيث الحرب لم تقو على إفناء بذرة الحب لديهم، كما نرى نحتاً للحلم والأمل وآخر للشهيد الحي المنبعث من شجرة وارفة.. قد تحمل بعض الأعمال حس المرارة في صميمها إلا أن أغلبها يحلم بأمل متجدد.
«اكتشف سورية» التقى التشكيلي وليد الآغا وحاوره عن رأيه في المعرض: «أخذتنا جدلية اليوم لجمالية بصرية فيها شيء من الثقافة التي نفتقدها.. أن يحاكي الرمز واقعاً يفرض وجوده وحضوره البصري بين الأعمال المعروضة بتناغم وتآلف يُعتبر بكل المعايير جدلاً جميلاً».
وفي مستهل حديثه عن أعمال الفنان غزوان علاف قال التشكيلي "الآغا": «يعرض النحات غزوان في معرض اليوم نتاج عمله على امتداد سنين طويلة من التجارب والبحث المستمرين وهو محق في ذلك بسبب الحريق الذي التهم محترفه.. "غزوان" يعمل على الرمز أي ليس مجرد جملة بصرية فقط بل يجعلك تعيش الحالة التي هو عليها، فمثلاً القبله لديه رغم أنها من مادة البرونز الصلبه إلا أنها تشعرك بشفافية قل نظيرها عند غيره من النحاتين، يُسجَل له إصراره على التجريب دون كللٍ أو ملل، وجرأة في تطويع المادة بين يديه، أضف إليه أن أعماله النحتية تمتاز بموالفتها للمكان الذي تستقر فيه وكأنها جزء منه.. لا يوجد منحوتةً تكونت من بين يديه إلا وقد حمّلها من صدق مشاعره الشيء الكثير دون حرق المراحل في إنجازها.. تحية للفنان غزوان في إصراره على العطاء رغم خسارته الفادحة في أرشيفه».
وعن قراءته الخاصة لأعمال الفنان جمعة نزهان قال: «تتسم أعمال "جمعة" بلفحة صوفية تحتاج لعين الخبير المختص في اكتشافها، أضافت لتجربته أسلوباً فرضه على نفسه لا نراه في المشهد التشكيلي السوري بشكل عام، ومقنعاً لدرجة كبيرة من ناحية الطرح والتكوين والمعالجة، وأضاف إليه شيء من عوالمه الخاصة حتى ارتقى به لحالة صوفية روحانية.. كذلك أعجبتني أعماله بأسلوب الغرافيك التي اختزل فيها كثيراً.. وأود أن أختم أن الصدق في العمل هو مايربط الفنان جمعة نزهان مع النحات غزوان علاف».
الباحث التشكيلي طلال معلا في حديث لـ «اكتشف سورية» خلال افتتاح المعرض قال: «لا بد من الإشارة إن الجدلية التي تطلقها غاليري ألف نون تتعلق بشكل مباشر بأحد أنشطتها التي تنفرد بها من بين صالات العروض الدمشقية، فبسبب الأزمة التي عصفت بالبلاد لاحظنا تراجعاً كبيراً في العروض الفنية بالصالات الخاصة على نقيض المحافظات الأخرى التي سجلت في صالاتها نشاطاً ملحوظاً في عروضها، أما عن جدل اليوم للفنانين جمعة نزهان وغزوان علاف يأتي في إطار المعرض السابق الذي أقيم هنا لفناني حلب، حيث نرى اليوم فنانين من جزء آخر في سورية تعرض ومازال يتعرض للتهديم والتهجير وهو دير الزور، إن إصرار الفنانين في حلب على أن الحياة هي عنوان العمل الفني وعلاقة الفنون ببعضها بصورة عامة، نرى اليوم نفس المشهد ولكن بطريقة مختلفة مع فنانين من دير الزور، سواء كان تصويراً أو نحتاً .. هناك أملاً كبيراً ببنية وتلاحم مجتمعي في الأعمال التصويرية، فنحن نعلم أن الأسرة هي عماد الكيان المجتمعي السوري، لذلك نقول أن هذه الأعمال تعتمد في جوهرها على وحدة البيت في تكوين منشآت إنسانية جسدتها الأعمال الفنية التي نراها اليوم، ورغم ما تتعرض له مدننا من خراب وتدمير نلاحظ الإتقان في إخراج هذه الأعمال وجمالية تكوينها .. لذلك نقول أن هذه الأعمال تبشر بالقيمة الأساسية للإنسان حيث توجه فيها الفنان إلى الحالة الحلمية أكثر منها إلى واقعه المهشم والمقهور».
التشكيلي سالم عكاوي في سؤاله عن انطباعاته عن المعرض قال: «الفنان جمعة النزهان القادم من دير الزور والمتأثر بتداعيات الأزمة بطريقة أو بأخرى، حملت أعماله ألوان الفرات ونساءه المختزنة بالمباشرة والتراث الماضي بألوانه القوس قزحية إن جاز التعبير .. اراد أن يوصل صوته عبر لوحته ضمن هذا الظرف الذي يلامس الجميع .. "جمعة" ورغم تواجده في العاصمة مازال ملتزماً بالفن الفراتي؛ إن صحت التسمية، متأثراً بالموروث الشعبي ورموزه وتكويناته .. من خلال مشاهداتي اليوم كنت أميّل إلى الأعمال التي انتجها بالأسود والأبيض أكثر من اللوحات التي تشبه في ألوانها بساطاً شعبياً في تلك المنطقة، فمن قراءتي الشخصية لاحظت دفقاً للون الأبيض المشع والوهاج والثلجي مع نقيضه الأسود، كان الفنان ناجحٌ في تكوينهما بشكل رائع، بينما جاء اللون الأبيض في الأعمال الأخرى متماهياً ومجانياً، في نهاية الأمر هذه رؤية الفنان قدم من خلالها تجربة جميلة جداً وأعمالاً رائدة استحقت الثناء من خلال هذا الحضور النخبوي وعبر صالة ألف نون المتألقة دائماً .. أما أعمال الفنان غزوان علاف فقد أحببت منحوتاته الجميلة والمميزة رغم عدم مقدرتي على قراءتها».
التشكيلي عصام المأمون في حوار له عن المعرض: «يُعتَبر الفن اليوم مسؤولية وتحدٍ على المستويين الفني والفكري لجهة الكم المطروح على الساحة السورية والعربية والعالمية .. برأي على الفنان أن يكون متسلحاً بالوعي فالفن لم يعد مجرد تقديم لوحة أو منحوتة ما فالتجديد والإبتعاد عن النمطية وملامسة بيئة وواقع المتلقي خاصة في ظروفنا الراهنة تدخل السرور إلى القلب .. أتمنى رفع مستوى التحدي في القادم من الأعمال والإرتقاء بالوعي الفني للتوثيق بصدق عن الحالة التي نحن فيها الآن .. مع هذا الزحام الفني ورغم التجارب اللافتة التي نفخر بها، الفنانون مطالبون بمزيد من البحث والتطوير».
المخرج نجدة أنزور صرح لـ«اكتشف سورية» خلال حضوره افتتاح المعرض: «كان من الجائز لهذا اليوم أن يكون عاديا لولا أنه أبى من خلال معرض اليوم إلا أن يفصح عما يعتمر في أعماقنا من أصالة وتمسكنا بجذور بلدنا مهد الحضارات والفنون، أعتبر الفن التشكيلي له دوراً إيجابياً في الأزمة السورية من خلال تخليده لهذه اللحظات الإنسانية التي مررنا بها بإعتباره وثيقة للأجيال القادمة ترسخ ارتباطهم بتاريخ وتراث بلدهم .. أتمنى عبر إقامة هذا المعرض رؤية معارض قادمة لفنانين من كل أنحاء سورية حيث اعتقد أن الفن التشكيلي من أرقى أنواع الفنون».
الناقد والإعلامي سعد القاسم: «المفاجئ هو استمرارية العروض الفنية على المستوى الرفيع الذي نراه اليوم رغم الأزمة التي ما زلنا نعاني من تبعاتها على كافة الأصعدة .. أما عن الفنانين المشاركين فليس مستغربا على النحات غزوان تقديم أعمال على هذه السوية العالية التي اعتدنا عليها .. الفنان جمعة نزهان قدم لمتابعيه نقلة جديدة في تجربته اليوم فيها من التناغم والتماسك اللوني ما أثرى العمل بجمالية أخاذة .. بالمجمل المعرض مبهج للنظر ومفرح للقلب».
موفق مخول: «يحوي المعرض توليفة إنسانية جميلة تؤكد على أهمية دور الفن في خدمة المجتمع وتدعم رسالته في نشر الفرح والجمال، فالفنان بديع جحجاح يقدم مشروعاً إنسانياً وطنياً يختلف في طرحه عن باقي بعض الصالات الفنية التي اصبحت استثماراً تجارياً صرفاً فيما البعض الآخر أصابته تخمة الثراء أصمّته عن سماع أنين وجع الوطن ففضل الهروب، لذلك العمل التشكيلي في ظروفنا هذه يعتبر رسالة إنسانية سامية نضم فيها وجعنا لأنين الوطن وأوجاعه، اليوم نعيش صراعاً فكرياً وثقافياً يقوم على إلغاء الآخر، من هنا تأتي أهمية هذه الفعاليات لتثبت للعالم أننا شعب حضاري ورداً على اتهامه لنا بالإرهاب الذي زرعه بين أبنائنا».
ونقلاً عن وكالة سانا أكدت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان خلال حضورها افتتاح المعرض أن نتاج الفنانين السوريين يزيد الاطمئنان على سورية ومستقبلها لان البلد الذي يوجد فيه مثل هؤلاء الفنانين المؤمنين بالحياة وببلدهم وبالمستقبل لا خوف عليه.
وقالت الدكتورة شعبان «الفنان جمعة من دير الزور يلون سورية بألوانها كلها وهذا سر عظمة سورية وإنسانها الذي يحمل آلاف الحضارات في قلبه وعقله ووجدانه ويترجمها الى جمال وخير وعمل دؤوب وايمان بمستقبل وطنه أما منحوتات علاف ولا سيما التي تناولت الشهيد فهي تؤكد أن من بذل حياته لوطنه لن تذهب هدرا وانما تنمو وتنبت».
بدوره اعتبر السيد محمد الأحمد وزير الثقافة أن الأعمال المشاركة بالمعرض حققت قدرا عاليا من الشفافية والولوج نحو عوالم مختلفة سواء في لوحات النزهان التي عبرت عن مجموعة من الأحياء المأهولة بالبشر أو منحوتات علاف التي تطرقت بدورها لقضايا عديدة كالهجرة والشهيد الذي تتفرع منه شجرة الحياة.
وأكد وزير الثقافة أن الإبداع السوري الذي يضم إرثا ضخما من الحضارة والتاريخ والثقافة العميقة ويسنده الجيش العربي السوري سيظل صامدا وعصيا على أي مؤامرة تستهدفه.
زين .ص الزين | تصوير:عبدالله رضا
اكتشف سورية
مواضيع ذات صلة:
صور الخبر
من معرض جدلية خامسة في غاليري الف نون |
من معرض جدلية خامسة في غاليري الف نون |
من معرض جدلية خامسة في غاليري الف نون |