الدراما السورية تنتج 24 عملا خلال 2014 تتحدى بها الحرب والحصار

11 كانون الأول 2014

.

تتعرض الدراما السورية في ظل الحرب الكونية على سورية لمعوقات عدة تتجلى في الحصار ومحدودية التسويق وصعوبات إنتاجية داخلية وانحسار أماكن التصوير بسبب الأوضاع الصعبة المترافقة مع الأزمة وعلى الرغم من ذلك استطاعت الاستمرار في إبقاء عجلة إنتاجاتها دائرة في هذا العام وإن كان الكم تقلص عن الأعوام الماضية ليبلغ نحو أربعة وعشرين عملاً تنوعت بين البيئة الشامية والاجتماعي والكوميدي.

تتجلى الصعوبات التي عانت منها الدراما السورية هذا العام من ناحية التسويق الخارجي للمحطات الفضائية العربية في عاملين أساسيين هما سياسة بعض القنوات العربية وموقفها من الأزمة في سورية والذي تجلى في مقاطعة أغلب الأعمال المنتجة داخل سورية والعامل الثاني هو ترافق شهر رمضان مع مونديال كأس العالم الذي سخرت له أكبر الميزانيات في المحطات على حساب حصة الدراما السورية من ميزانيات القنوات العربية واضطرار أغلب الشركات الانتاجية السورية لتقليص حجم انتاجها لمحدودية التسويق.

أسلوب جديد اتبعته القنوات الفضائية العربية في محاربتها للدراما السورية كمنتج وطني حيث حاولت أن تستعيض هذا العام بشكل واضح عن هذه الدراما بأعمال درامية عربية يتواجد فيها النجم السوري لاعطاء الشعور لدى مشاهدها بان نجومه السوريين المحبوبين مازالوا متواجدين على الشاشة إلى جانب إغراق المحطات العربية بالأعمال التركية المدبلجة باللهجة السورية المحببة عربيا على حساب تواجد درامانا وكلها أساليب خبيثة تخطط لتدمير هذه الصناعة بحسب رأي أغلب القائمين عليها.

ولأن الهجمة التي نتعرض لها هي حرب إرادات في النهاية فقد استطاعت الشركات الانتاجية الوطنية سواء العامة أو الخاصة أن تتواجد عبر أعمالها في عدد كبير من المحطات في هذا الموسم ويحسب للمؤسسة العامة للانتاج الاذاعي والتلفزيوني نيل مسلسلها الحب كله مؤخراً ذهبية الأعمال الدرامية الوطنية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون.

اعتمدت خماسيات الحب كله على تقديم رسائل درامية تدعو إلى العودة للحب والتسامح والالفة بين الناس لتجاوز الأزمة التي نعيشها حيث كتب وأخرج الخماسيات الست عدد من المؤلفين والمخرجين ينتمون لأجيال مختلفة مع تواجد واسع لأسماء من الفنانين السوريين في هذا العمل ما جعل منه مسلسلاً منوعاً في الأفكار والتقنية والأداء والصورة.

وبنظرة على ما قدمته الدراما السورية خلال هذا الموسم نجد أن المسلسلات تنوعت من حيث المواضيع التي قدمتها فحصد كل منها نسبة من مشاهدة الجمهور السوري والعربي بحسب الطرح الذي قدمته والشكل الفني المعتمد للعمل كما كان لأسماء الفنانين المشاركين في كل عمل الدور الأكبر في تسويق المسلسلات لدى القنوات ومتابعة الجمهور لها.

وقدمت بعض الأعمال الأزمة في سورية بشكل مباشر وبقالب سينمائي كمسلسل حلاوة الروح من تأليف رافي وهبي وإخراج شوقي الماجري ضمن حبكة درامية مشوقة ومنها ما لجأ لخلط تفاصيل الواقع بالأحداث القائمة بين الشخصيات كمسلسل قلم حمرة من كتابة يم مشهدى وإخراج حاتم علي.

الكوميديا السوداء هذا العام قدمت صورة هزلية لواقع مرير يعيشه المجتمع السوري وبقالب فني متمكن في كل من مسلسل ضبوا الشناتي للكاتب ممدوح حمادة والمخرج الليث حجو ومسلسل بقعة ضوء 10 للمخرج عامر فهد ومن تأليف عدة كتاب فحمل العملان عددا كبيرا من الاختزالات والإشارات والأفكار للإنسان السوري في ظل الأزمة.

أعمال البيئة الشامية التي صارت سلعة مطلوبة من قبل الجمهور والقنوات العربية مهما كان مستواها الفني أو الفكري كانت حاضرة في هذا العام فهي تعتمد على قاعدة قبول جماهيرية جاهزة لمتابعتها في أي شكل وتحت أي ظرف ومنها باب الحارة بجزئه السادس من تأليف سليمان عبد العزيز وعثمان جحى ومن إخراج عزام فوق العادة والذي حقق ما كان متوقعا منه من المتابعة والحضور الجماهيري العربي.

أعمال أخرى عن البيئة الشامية وهي مسلسل الغربال من تأليف سيف حامد ومن إخراج ناجي طعمي الذي حضر على بعض القنوات ومسلسل طوق البنات الذي حقق استحساناً لدى الجمهور لمخرجه محمد زهير رجب ومن تاليف أحمد حامد.

أما القالب الاجتماعي فتم تقديمه ضمن رؤى متعددة منها ما هو ناقد لسلبيات المجتمع بعيدا عن الأزمة كمسلسل القربان من كتابة رامي كوسا وإخراج علاء الدين كوكش والذي تدور أحداثه قبل عام 2010 ويحكي عن العلاقات المنفعية والمصالح الفردية والفساد الأخلاقي.

ومن الأعمال الاجتماعية ما قدم أفكاراً إشكالية في المجتمع السوري ومليئة بالإثارة على مستوى الصورة والمضمون مثل مسلسل خواتم للمخرج ناجي طعمي ومن كتابة ناديا الأحمر وصرخة روح 2 لعدة كتاب ومخرجين وحقق مسلسل بواب الريح من كتابة خلدون قتلان وإخراج المثنى صبح مشاهدة جماهيرية عالية حيث يقدم رؤية للمجتمع الدمشقي بعيدا عن الدارج طارحا أحداثا من التاريخ تحاكي الواقع الحالي.

وتم إنتاج عدد من الأعمال هذا العام خارج سورية من قبل شركات عربية حيث قدم بعضها قصة بعيدة عن المجتمع السوري كمسلسل الإخوة بجزايه من كتابة محمد أبو لبن ولواء يازجي ومن إخراج سيف الدين سبيعي وسيف الشيخ نجيب وحسام الرنتيسي حيث اقترب العمل من الأسلوب التركي في الدراما ومسلسل لو من كتابة بلال شحادات وإخراج سامر البرقاوي الذي قدم قصة مأخوذة من فيلم أجنبي بأسلوب اقترب من السينما.

ورغم تقديم صورة غريبة عن المجتمع السوري والاعتماد على الإثارة الزائدة في هذين العملين إلا انهما حققا نسبة مشاهدة جيدة على القنوات العربية التي عرضا عليها وفتحا أبوابا جديدة أمام الدراما السورية ما يشي بظهور أعمال مشابهة في المواسم القادمة.

كما احتوى الإنتاج لهذا العام أعمالا تنوعت بين الكوميديا الخفيفة واللوحات الساخرة كمسلسلات نيو لوك ورجال الحارة وبحلم ولا بعلم وسن الغزال وحمام شامي والتي لم تحظ بمتابعة واسعة لعدم قدرتها على جذب انتباه الجمهور وابتعادها عن المضمون العميق والرؤية الفنية الاحترافية فكانت أعمالا يغلب عليها نمط التجريب أكثر منه الاحتراف أو التقليد بهدف الحصول على نجاح سهل بدا عسير المنال.

ويؤكد أغلب المتابعين والنقاد والعاملين في حقل الدراما السورية على ان هذه الصناعة تعاني اليوم من عدة أمور على صعيد الإنتاج والأفكار والمواضيع التي تقدمها في هذه المرحلة الحرجة والحساسة إلى جانب الضغوط الهائلة التي تتعرض لها في التسويق والعرض على اغلب القنوات الفضائية العربية ما يستلزم خطة عمل تتوحد فيها جهود الجميع للخروج من حلقة الحصار على الدراما وإبعادها ما امكن عن انعكاسات الأزمة التي نعيشها لتبقى صناعة وطنية تنقل صورة وصوت سورية.


محمد سمير طحان

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق