مسلسل ضبوا الشناتي.. كوميديا سوداء تعبر عن واقع شعب يحب الحياة

23 تموز 2014

.

يعود الثنائي الناجح ممدوح حمادة والليث حجو ليقدما توليفة كوميدية ساخرة من الواقع الصعب مرة أخرى هذا الموسم الدرامي عبر مسلسل «الحقائب.. ضبوا الشناتي» ولكن من أحد أحياء دمشق القديمة هذه المرة مقتربين من تفاصيل حياة الإنسان السوري تحت ظل الأزمة فاستطاعا نزع البسمة المرة من شفاهنا بعد غياب الكوميديا من حياتنا.

تتألف أسرة خليل «بسام كوسا» من الزوجة أم عادل «ضحى الدبس» وعادل «أيمن رضا» الابن الأكبر وسلام «أحمد الأحمد» الابن الأوسط وفداء «أمل عرفة» الابنة الكبرى المطلقة ومريم «رنا شميس» ورضوان «أيمن عبد السلام» الابن الأصغر و«لوريس قزق» الابنة الصغرى بالإضافة إلى «ندين تحسين بيك» زوجة عادل ويعقوب «قاسم ملحو» زوج مريم المهجر من حلب مع زوجته.

وتقرر العائلة ذات المواقف المتنوعة من أزمة البلد وبعد طول معاناة مع الوضع المتردي جراء الحرب أن تسافر للخارج للجوء أو الهجرة إلى إحدى الدول هربا من القذائف والتفجيرات وهنا تبدأ الأحداث في كل حلقة والتي تعطل سفرهم ليصبحوا مستأجرين لبيتهم وفرشه الذي باعوه بسبب السفر وتتالى المجريات والمواقف بقالب مشوق وكوميدي.

وكعادته استطاع الكاتب حمادة أن ينسج بجرأة في الكتابة شخصيات مملوءة بالتفاصيل معطيا لكل واحدة منها ما تحتاجه من مفردات وخصوصية سواء من ناحية الأفكار أو التصرفات والأقوال مقدما نماذج تختزل مجتمعا بأكمله طارحا عبرها لمختلف الأفكار والمواقف من الأزمة التي نعيشها مع تميز في تناول التفاصيل والأحداث التي تصعد الفعل الدرامي للذروة في كل حلقة بحسب موضوعها المختلف عن بقية الحلقات ضمن الحبكة الرئيسية وتأخذ شخصيات العمل لأمكنة متنوعة في ردود الفعل الإنسانية وتضع كل شخصية أمام مرآة داخلية واجتماعية في خضم التفاعل بين الشخصيات والأحداث.

وجاءت كاميرا المخرج حجو الذكية فوظفت الصورة في خدمة النص واختارت الكوادر المدروسة والجميلة لتغني المشهدية المعبرة عن الموقف الدرامي كما ان محدودية أماكن التصوير ضمن بيت العائلة والحارة وبعض بيوتها ومحلاتها لم يحد من تنوع اللقطات لدى المخرج المتميز فكانت الكوادر متجددة في كل مرة وحركة الكاميرا رشيقة ومتناسبة مع حركة الممثلين ومساعدة لأدائهم واتسمت بالحس السينمائي في أغلب الأحيان واقترب المشهد في أحيان أخرى للمشهدية المسرحية فكان الكادر والكلمة بطلين حقيقيين في هذا العمل إلى جانب الممثلين.

وعلى مستوى أداء الممثلين الأساسيين كان هناك مساحة كبيرة من الاشتغال على الكركترات وتقديم صورة معبرة عن الشخصيات من خلال امتلاك مفاتيح كل شخصية من قبل صاحبها فتنوعت الأدوات لدى الفنانين بين لازمة في الكلمات والحركات دون مبالغة في الأداء وبعيدا عن التهريج والإضحاك المجاني فكانوا احترافيين في تقديم نماذج إنسانية بسيطة وبذات الوقت مليئة بعمق اجتماعي كبير.

ورغم اعتماد العمل على عائلة أبو عادل من حيث الأحداث ومركزيتها ولكن وجود شخصيات ثابتة في الحارة كالخياط «جرجس جبارة» وصاحب البقالية «جمال العلي» والجار الحلبي «محمد خير الجراح» والجار «فايز قزق» وزوجته «غادة بشور» ورجال الحاجز أعطى تنوعا في الشخصيات وأغنى الموقف الدرامي إلى جانب ضيوف كل حلقة الذين كانوا على درجة عالية من الأداء التمثيلي ولم يقل أداؤهم عن أداء أبطال العمل.

كما كانت بقية الأمور الفنية من تصوير وإضاءة وديكور وصوت وأزياء وتجميل وغيرها على درجة عالية من الاحترافية فكملت الصورة والأداء وخدمت العمل لتكتمل كل جوانبه ولعل من أهم وأميز هذه الجوانب الموسيقا التصويرية وشارة العمل التي أعدها الموسيقي المتميز «إياد ريماوي» وأدتها معه المغنية «كارمن توك مجي» بصوتها الجميل والمعبر فجاء عمل الجميع ليصب في توليفة متجانسة واحترافية أمتعت المشاهد.

وإذا تذكرنا ان العمل صور بالكامل في إحدى حارات دمشق القديمة وفي ظروف صعبة وبزمن قياسي حتى ان تصويره لم يتوقف سوى بضعة أيام وتجري حتى الآن عمليات المونتاج له ليبث للناس مباشرة فهذا كله يؤكد حرفية فريق العمل ويضعهم في كل مرة أمام تحدي النجاح لتقديم عمل أفضل في المرة القادمة حيث سيبقى الجمهور بانتظار ما سيقدمون فيما بعد ليثبتوا أن الدراما السورية مازالت قادرة على تقديم أعمال على سوية عالية من الناحية الفنية والفكرية وتحقق الجماهيرية المطلوبة.


محمد سمير طحان

سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق