حلب الحضارة والرماد.. توثيق معاناة المدينة الخالدة بمعرض في دار الأسد بدمشق
05 نيسان 2014
للفنان هاكوب وانيسيان
حكايات أليمة جسدتها عدسة الفنان هاكوب وانيسيان عن مدينة حلب.. هذه المدينة التي كانت لا تنام، حلب مدينة الفرح، والأصالة، والتاريخ، والتراث، حلب حيث صوت منارات الجوامع تعلن صلاة الصباح مع صدى أصوات أجراس الكنائس الداعية للمحبة والسلام، حلب اليوم لا تنام من أحزان تهافتت عليها، ومن قذائف الغدر التي استهدفت بشرها وحجرها، ومن مجرمين عابثين يغتالون تراثها في كل ثانية غير آبهين بمدينة اختزلت كل مدن الشرق، مدينة أعطت للبشرية ما لم تعطه أية مدينة أخرى، إنهم لا يعلمون ماذا يفعلون...
استطاع الفنان هاكوب وانيسيان بعدسته الشجاعة أن يختزل بعض مآسي المدينة الخالدة من خلال معرض للصور الضوئية تحت عنوان «حلب الحضارة والرماد» الذي افتتح فعالياته يوم الأربعاء 2 نيسان 2014، في بهو دار الأسد للثقافة والفنون – أوبرا دمشق بالتعاون مع وزارتي السياحة والثقافة.
ضم المعرض أكثر من خمسين صورة وثقت جانب من الدمار ونقلت جوانب من المعاناة الإنسانية في حلب الحضارة موضحة ما اقترفته يد الغدر والرجعية.
حضر «اكتشف سورية» افتتاح المعرض والتقى العديد من المعنيين والحضور، والبداية كانت مع السيد بشر يازجي وزير السياحة حيث قال: «ما حصل في حلب سيبقى محفوراً في ذاكرة التاريخ وشاهداً على بربرية هذا العدوان الشنيع، وأن ما تتعرض له سوريتنا لا علاقة له بأي دين أو أدنى القيم الإنسانية، لا يمكن لإنسان له دين وعقل أن يفعل ما يقترفه هذا الإرهاب الممنهج المدعوم من أعداء الحضارة والقيم الإنسانية».
وأضاف قائلاً: «ما نراه اليوم من صور في هذا الصرح العظيم دليل على وحدة الألم السوري، وكلنا أمل بهذا الشعب العريق بأنه سوف ينطلق نحو البناء من جديد وستعود سورية إلى سابق عهدها بل وأجمل، لأن الحضارة انطلقت من هنا وستبقى سورية العزيزة منبع للحضارة والتقدم والثقافة».
وأنهى السيد وزير السياحة حديثه قائلاً: «حالياً وبالتنسيق بين وزارتي السياحة والثقافة نعمل كي ننقل هذه الصور وغيرها إلى مختلف دول العالم لنوضح حجم المعانات والمأساة التي يتعرض له الشعب السوري بسبب الإرهاب».
وبدورها قالت الدكتورة لبانة مشوّح وزيرة الثقافة: «يعد هذا المعرض ذاكرة بصرية لفنان عاشق لوطنه ومدينته حلب ولأهلها وشوارعها وأماكنها السياحية والتراثية والحضارية وهي ذاكرة توثق لمأساة إنسانية حضارية اختلط فيه حزن الحجر بحزن عيون الأطفال الذين سحقتهم آلة الإرهاب التي تتغنى بشعارات يهلل ويكبر لها العديد من دول العالم».
أضافت الدكتورة مشوّح قائلة: «من المهم أن يجوب هذا المعرض وغيره من المعارض الفنية أرجاء الدنيا ليكون شاهداً بصرياً حياً والضمير النابض لبلد جريح ولمدينة شهيدة وشاهداً على ما اقترفته الأيدي الآثمة من دمار بحق الإنسان في حلب وسورية والبشرية جمعاء».
وأنهت السيدة الوزيرة حديثها قائلة: «وضعنا خطط واستراتيجيات عمل لتوثيق المدن والأوابد التاريخية قبل وأثناء وبعد الأزمة لتتمكن الفرق الفنية المتخصصة من إعادة البناء والترميم، كما أن الوزارة تكثف نشاطاتها الموجهة للأطفال وبخاصة في ظل الأزمة الراهنة، وتتضمن دورات تثقيفية ومسرحاً تفاعلياً ودعماً نفسياً في مراكز الإقامة المؤقتة، ليعبر الطفل عما يجول بخاطره إضافة إلى النشاطات التي تقوم بها المراكز الثقافية من دورات نحت ورسم وتصوير ضوئي ومسرح تفاعلي ومسرح العرائس والرقص والغناء وتأهيل ودعم لمواهب الطفولة وبخاصة الباليه الذي تم افتتاح فروع له في حماة وحمص واللاذقية، وأن الإقبال الكبير عليها يشير إلى أن الإنسان السوري حضاري ولا يمكن أن يركن للدمار والقبح وهو يتطلع دائما للجمال».
ومن الحضور قال الفنان فرج شماس: «المعرض مهم جداً حيث يجسد الدمار والخراب الذي حلّ بمدينة حلب، هذه المدينة الحضارية العريقة، حلب التي تعتبر من أقدم مدن العالم، نراها اليوم وهي تتشوه، دمارها ليس في أروقتها القديمة فحسب بل تتعرض لتشويه نفسي وروحي».
وأنهى حديثه قائلاً: «اللوحات تجسد كل حلب تقريباً آخذاً بعين الاعتبار الجانب الإنساني أيضاً وكيف تدفن الناس أمواتها وشهدائها وتبكيها، من الواضح الجرأة والجهد الذي بذله الفنان هاكوب وانيسيان ليوثق لنا الجرائم بحق هذه المدن وأهلها».
اما الفنان هاكوب وانيسيان فقال: «عندما بدأت التصوير انتابني حزن كبير، ولكن كان ينبغي أن أترك الحزن لأستطيع أن أوثق ما تتعرض له مدينة حلب، وأحاول إيصال ما تلتقطه العدسة».
وأضاف قائلاً: «المعرض يوثق للحظات حقيقية مرت بها مدينة حلب بسكانها وبيوتها وأحيائها ويوضح المعاناة التي يتعرض لها أبناء المدينة كغيرهم من المواطنين في جميع المحافظات، وكما ترون بأن اللوحات لا تعتمد على دلالات كتابية أو توضيحية لأن الصور تعبر بنفسها عن حالة الحزن والمأساة التي تتعرض لها حلب».
عندما سألته عن هذه الجرأة والشجاعة اللتان دفعته ليلتقط هذه الصور فقال وانيسيان: «أنه حبي لسورية ولمدينتي حلب، وهذا اقل ما أقدمه لحبيبتي سورية».
وأنهى حديثه قائلاً: «عملي القادم سيكون محاولة عرض هذه الصور خارج القطر، فنحن في قلب المأساة، فينبغي أن تصل هذه الصور إلى أكبر عدد من البشر ربما نجد صرخة من كل إنسان بوجه ما تتعرض له بلدي سورية».
إدريس مراد
اكتشف سورية
من معرض الفنان هاكوب وانيسيان «حلب حضارة ورماد» بدار الأسد بدمشق |
من معرض الفنان هاكوب وانيسيان «حلب حضارة ورماد» بدار الأسد بدمشق |
جانب من المعرض |