2013 عام الخسائر الفادحة.. من الآثار السورية إلى انطفاء قامات شعرية وثقافية

06 كانون الثاني 2014

و«الغياب» أبرز الحضور في العام 2013

الحدث الثقافي السوري الأبرز في العام الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة فيما تبقى له من ساعات هو «الغياب»؛ غياب الفعل الثقافي الحقيقي أو الجوهري عن الساحة السورية نظراً لما تشهده البلاد من «أحداث « و«حرب» انتصب فيها اليباس والخراب والموت بصورة طغت على كل ما عداها.

وسط محاولات في أشكال حياة مضت في مقاومة الموت وكل على طريقته، ذلك أن المتتبع لأجندة الفعاليات الثقافية في سورية لا يلحظ فعلاً ثقافياً يمكن التوقف عنده على نحو لافت أو مثير سوى استمرار أشكال حياة ثقافية يأتي كثير منها على استحياء لجهة الفعل والتفاعل وعلى شكل إعلان حضور لجهة استمرار أنشطة وفعاليات ثقافية في عدد من المراكز الثقافية في العاصمة وعدد من المحافظات وهي أنشطة معتادة أصاب الكثير منها التأجيل والإلغاء ونجح بعضها وسط حضور كان دائماً خجولاً ومحدوداً والاستثناءات قليلة.

نهب.. تعدي.. وتحطيم
يمكن التأكيد بألم عن الـ2013 انه عام «الغياب» للفعل الحضاري بامتياز حيث استمر التعدي على قطع نادرة ومخطوطات ومواقع أثرية ومتاحف وأوابد سورية تم التعدي عليها نهباً وسرقة وتخريباً واستباحة في عدد من المدن والمواقع التي لم تسلم من أٍيدي «غادرة»و «مخربة» و «عابثة» في الآثار السورية، ما عدّ «كارثة» ثقافية وأمراً جللاً أثار ردود فعل غاضبة وشكل صدمة كبيرة للوعي السوري الحضاري الذي أنتج على مدى قرون ثقافة سورية نادرة على صعيد المخزون الحضاري الإنساني، كذلك ما شهدته الساحة السورية من تحطيم وتعديات على تماثيل لقامات شعرية وأدبية ومقامات وأضرحة لأصحابها حضور في الوعي الثقافي والديني في سورية.

جوائز مهرجانات وحجب
وفي الحديث عن «بانوراما» الثقافة للعام 2013 يمكن الحديث عن «الغياب» لمعرض الكتاب الدولي، الفعالية التي لطالما استقطبت كتّاب وأدباء وشهدت ندوات وتوقيعات والوقوف على الاصدارات الجديدة في دنيا الثقافة والأدب، وكذلك «الغياب» لمهرجانات ثقافية وفنية أبرزها مهرجاني السينما والمسرح والمهرجانات «المركزية» أو «المحلية» في المدن السورية، و«الغياب» لجوائز أدبية وثقافي، بينما استمر للعام الثاني على التوالي منذ إحداثها- منذ عامين- منح جائزة الدولة في شقيها التقديري والتشجيعي إذ ذهبت الجائزة التقديرية التي تمنحها وزارة الثقافة السورية هذا العام لكل من: أحمد يوسف داود «للأدب»، د. عمر دقاق «للنقد»، إلياس زيات «للفنون» بينما ذهبت جائزة الدولة التشجيعة للأدب للشاعر ثائر زين الدين التي يتسلمها صباح هذا اليوم، وحجبت الجائزة عن حقلي النقد والفنون.

أدباء رحلوا
«الغياب» أو الرحيل شمل شخصيات أدبية وثقافية غيّبها الموت منها: الشاعر سليمان العيسى والناقد يوسف سامي اليوسف والشاعر أحمد فؤاد نجم والإعلامي د. محمد توفيق البجيرمي والأديب يوسف المحمود والناقد ماجد أبو ماضي وياسر المالح والشاعر إياد شاهين ويوسف عبد الأحد وعبد النبي حجازي، رفيق الصبان..آصف عبد الله، فيصل خليل، طارق الشريف، أحمد الخوص، ممدوح فاخوري، جمال أبو جهجاه، محمود أديب اللجمي، عبد اللطيف يونس، نبيل حاتم، غسان الرفاعي، محمد وليد المصري، جمال علوش، حسان بدر الدين، موسى عاصي، محفوض أيوب نجار، د. رضا رجب، محمد سعيد طالب، فايز العراقي، عبود كاسوحة، دعد طويل قنواتي. وغيرهم من الأدباء والكتاب.

ملتقيات ومقاهي
اللافت فيما يمكن الحديث عنه هو الملتقيات الثقافية في عدد من المدن السورية إلى جانب دمشق العاصمة التي تشهد ملتقيات ثقافية بادر إلى تأسيسها شعراء وكتاب سوريون ومن أهم هذه الملتقيات التي استقطبت حضوراً: «ثلاثاء شعر» الذي يحتفي بعد أيام بصدور الديوان الأول الصادر عن اللقاء في مجموعات شعرية لعدد من الشعراء الشباب بديوان واحد حمل عنوان «كريستال طائش» وملتقى «يا مال الشام» الذي سجل فعالياته في الشعر والقصة والموسيقا والغناء في برنامج تلفزيوني، وملتقى «عناة» الثقافي في صحنايا، و«أضواء المدينة» في دمشق القديمة، وملتقى «جرمانا الشعري» و«جرمانا الثقافي» إلى جانب عدد من الملتقيات في العاصمة والمحافظات.

«نوبل» و«بوكر» و«نجيب محفوظ»
على صعيد الأحداث الثقافية السنوية المتكررة دورياً التي تعد حدثاً على مدار العام فإن نوبل للأدب تظل شغلاً شاغلاً قبل وبعد الإعلان عن صاحب نوبل حيث توجهت الأنظار – بعد الروائي الصيني مو يان نوبل 2012 - إلى الروائية الكندية أليس مونرو التي حظيت بالجائزة الأهم والأرفع والمثيرة للجدل، ووصفت الأكاديمية السويدية مونرو82 عاماً، أنها تعتبر «استاذة القصة القصيرة المعاصرة».

ولـ مونرو «الحياة العزيزة» و«رقصة الظلال السعيدة» وهي المرأة الثالثة عشرة التي تفوز بنوبل الآداب منذ استحداثها عام 1901. أما بوكر العالمية في نسختها العربية فقد ذهبت هذا العام للروائي الكويتي سعود السنعوسي عن روايته «ساق البامبو». التي وصفتها لجنة التحكيم بـ «الرواية محكمة البناء وتتميز بالقوة والعمق وتطرح سؤال الهوية في مجتمعات الخليج العربي الحديثة «معتبرة الرواية متميزة فنيا إلى جانب جرأة محتواها الاجتماعي والإنساني».

أما الروايات الواصلة إلى القائمة القصيرة لـ«بوكر» فهي «مولانا» للمصري ابراهيم عيسى، و«يا مريم» للعراقي سنان أنطون، «القندس» للسعودي محمد حسن علوان، «أنا، هي والأخريات» للبنانية جنى فواز الحسن، «سعادته السيد الوزير» للتونسي حسين الواد.

سعدي يوسف.. جدل وإثارة
من الكتّاب والأدباء والشعراء العرب الذين تصدروا المشهد في العام 2013 يأتي الشاعر العراقي سعدي يوسف والسوري أدونيس في المقدمة، إذ أثار يوسف جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية والأدبية في أكثر من مناسبة أهمها قصيدته التي حملت عنوان «عيشة بنت الباشا» والتي اعتبرها نقاد وأدباء ومثقفين مسيئة لـعائشة «أم المؤمنين»، وقد صعّد من ردود الفعل» الغاضبة «على القصيدة التي كتبها سعدي المقيم في لندن 16/11/2013 فوزه بجائزة نجيب محفوظ للعام الحالي وهي الجائزة الأرفع التي يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب لكاتب عربي خارج مصر وقد منحت لسعدي يوسف وحسب بيان لجنة الجائزة «لدوره في إثراء الشعر العربي طوال خمسين عاماً، وإضافاته الفنية في شكل ومضمون القصيدة العربية الحديثة».

وكان سعدي أثار أيضاً ضجة أخرى هذا العام عندما كتب نصاً حمل عنوان: «العبيد أكثر ضرواة من الأسياد» عن أوباما الرئيس الأميركي؛ النص الذي تداولته وسائل الإعلام والصحف والمجلات والمواقع الالكترونية الثقافية وتناقلت ردود أفعال حادة ومتباينة حوله بين مرحّب وغاضب ولكل رأي ، أما جائزة محفوظ للرواية فذهبت للكاتب السوري خالد خليفة عن روايته «لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة» التي صدرت عن «دار الآداب» وحققت نجاحا لافتاً، وكانت رواية خليفة «مديح الكراهية « وصلت للقائمة القصيرة لبوكر عام 2008.

أدونيس.. نقد وحملات
أدونيس هو الآخر يظل متصدراً واجهة الأحداث الثقافية سواء لجهة الحديث المتكرر لسنوات عن كونه اسماً مرشحاً لنوبل، أو ما يثار حول آرائه وأحاديثه عن «الربيع العربي»، ومواقفه مما يحدث سورياً وعربياً، للدرجة التي شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العام الفائت حملات مطالبة بإهدار دمه وما تبع ذلك من ردود أفعال في الأوساط الثقافية السورية والعربية على تبايناتها وحدة المواقف من أدونيس التي تأتي على طرفي نقيض بينما قلة من الأدباء والنقاد حافظوا على مسك العصا من المنتصف في الحديث عن الشاعر السوري الأبرز والمثير للجدل.

مسرح.. ورمال.. وتهديدات
وسجل نقاد عودة الممثلة نضال الأشقر إلى المسرح بعد 20 سنة على غيابها كممثلة، حدثاً لافتاً من خلال نصّ لبريشت أخرجه المسرحي ناجي صوراتي بعنوان «الواوية»، كذلك عودة زياد الرحباني إلى الخشبة بعد عقدين على انقطاع، من خلال دور مسرحي في «مجنون يحكي» للمخرجة اللبنانية لينا خوري، كذلك ردود الفعل على فيروز وما نقله عنها زياد الرحباني من آراء فتحت باب الجدل.

ومن الأحداث الثقافية التي يمكن التوقف عندها استضافة معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت في دورته العشرين الروائي اللبناني أمين معلوف الذي سلّمه رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان وسام الأرز الوطني من رتبة الوشاح الأكبر، والإعلان عن نيّة الدولة اللبنانية إصدار طوابع بريدية تحمل صورة معلوف، كذلك فيلم «ملك الرمال» للسوري نجدت أنزور الذي تناول فترة تأسيس المملكة العربية السعودية؛ الفيلم الذي عرضته دار الاوبرا السورية وسط دعوات، وما أثير من «تهديدات» للمخرج، لوقف عرض الفيلم المثير للجدل.


علي الحسن

الوطن السورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق