عرض إيمائي فرنسي في دار الأسد للثقافة والفنون

13 كانون الثاني 2011

خطوات السعادة الصغيرة

قدمت دار الأسد للثقافة والفنون (أوبرا دمشق) بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي بدمشق على مسرح الدراما مساء أمس الأربعاء 12 كانون الثاني 2011 عرضاً مسرحياً إيمائياً ممتعاً نفذه الفنان الفرنسي البارع فيليب بيزو الذي استطاع بتقنيته وبتكنيكه العالي أن يملأ الخشبة وكأن العرض ليس عرضاً مونودرامياً بل يقوم به أكثر من ممثل، كما استطاع أن يجذب المتلقي بحركاته وتعابير وجهه رغم أن المسرح كان خالياً من الديكور والسينوغرافيا بشكل عام، عدا أنه أستعمل كرسياً خشبياً في مشهدين وفي آخر بعض الحبال المطاطية، وبرهن بيزو بأن للعالم لغة أخرى غير الموسيقى، فهناك لغة الجسد (الإيماء) أيضاً.


من العرض الإيمائي الفرنسي على مسرح الدراما

بدأ العرض مثل أي بداية حياة في مشهد «الرحم» بمرحلة سماها «الانفصال» وكان المشهد الوحيد الذي استخدم فيه الممثل أدوات غير وجهه وجسده عندما استعان بكرسي وأربطة مطاطية حجزت أطرافه الأربعة مشكّلة حركة جميلة وأظهر من خلالها معاناة الجنين عندما ينفصل من الرحم، كما يمكن للمشهد أن يضعنا أمام تأويلات أخرى مثل الإنسان الذي هجر بلده وناسه رغماً عنه.

وفي مشهد آخر تحت عنوان «السن اللبني» جسد مرحلة مهمة من حياة الإنسان وهي مرحلة الطفولة البريئة ومرحلة الوعي عندما يفتقد المرء أسنانه اللبنية ليعيش من الطبيعة وبحركات جميلة يدخل فيها الممثل الكوميديا عندما يحاول أن يخلع كل أسنانه لأنه يجد كل يوم نقوداً تحت فراشه عن كل سن يفقده.

«الشاطئ» عنوان مشهد آخر وهو خوض الوقوف أمام البحر ربما للمرة الأولى حيث دهشة السباحة المتعثرة، وحبس الأنفاس.

«في الصف» كانت الفقرة التي لم نتواصل معها كثيراً، ربما لاختلاف البيئة والنظام المدرسي بيننا وبينهم إذ فاتنا الكثير من المعاني.

وفي «السيرك» كانت المساحة الكبرى للأداء لما يحمله السيرك من حركات معروفة ومن تعابير المهرج الذي يمكن أن تشكل لوحدها عرضاً كاملاً.

كما كان للشباب والمراهقة نصيب من العرض حيث حب المغامرة واستعراض ركوب الدراجات النارية، تجربة المحظور من تدخين ومشروبات روحية، وهي مرحلة جسدها الفنان بطريقة حازت على الضحك المتواصل والتصفيق الحار.

الممثل الفرنسي الإيمائي فيليب بيزو
في عرضه على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون

وفي «موعد غرامي» ضمت الفقرة بعداً إنسانياً جميلاً واضحاً، فبانتظار الحب يمكن أن تأخذنا الشيخوخة قبل أن يأتي ذاك الشعور الصادق في موعده.

وفي مشهد كان خارج السرب تماماً جاء بعنوان «يوم صيفي» لاحظ الممثل عدم تواصل الحضور، وبعد انتهائه من عرض الفقرة، اضطر لإعادة تجسيدها مرفقاً كل حركة بشرح لها، ومنوهاً أن هذه الفقرة تحاكي الأطفال الذين يعانون التوحد.

أما في المشهد الأخير بعنوان «الصورة»، فحاول الممثل تجسيد الحرية من خلال محاولة الخروج من التأطير الذي تعانيه الملامح بعد التقاط صورة.

وفي نهاية العرض عرض بيزو على الحضور تجسيد أي حالة يطلبونها، ومن هنا خرجت فقرات «البوساء»، «الروتين»، وغيرها. وبهذا برهن هذا الفنان قدرته على الارتجال وسرعة بديهته، إذ لم ينقطع التصفيق والإصغاء والضحك طيلة ساعة وأكثر، ما أكد حقاً أن الممثل وحده هو سيد المسرح.

يقول فليب بيزو عن تجربته: «بفضل فني، أستطيع أن أمثل في كل مكان، متحرراً من حواجز اللغة، فني فن الاعتراف والتقارب، وأنا أقدم عروضاً في مسارح العالم وكذلك على أكوام النفايات، في لاباز، وفي أطلال بيروت وفي أحياء ماداراس الفقيرة».

ويتابع الفنان بالقول: «منذ عشرين عاماً أدير دورات تدريبية وورشات تعليمية لإبراز جمال تعبير الجسد، الجسد الذي يجعلنا نتراوح بين الإيماء الأبيض ورهافة الكابوكي مروراً بالرقص الهندي أو ببعض حركات النو».

الممثل الإيمائي الفرنسي فيليب بيزو

وينهي حديثه قائلاً: «لقد اهتزت رفاهية المثقف القديم بوصول طلاب من نوع جديد، أشخاص يعانون من العمى أو الصمم، أو الاعتلال العضلي أو التوحد أو مصابون بأمراض مزمنة».

يذكر أن فيليب بيزو من مواليد بوردو وتأثر منذ نعومة أظافره بالممثل الإيمائي الشهير مارسو، ما أثر على مسار حياته كلها، اعتمد على نفسه وشحذ ولعه باتجاه العمل الإيمائي في المقاهي والمسارح بين بوردو وباريس، وفي العام 1974 حين كان في العشرين من عمره نال الجائزة الدولية للتمثيل الإيمائي التي تمنحها مدينة باريس، ومنذ ذلك الحين جاب الكرة الأرضية وما زال يجول بعمله التربوي للبالغين والأطفال وإلى الصم والبكم والمعاقين والمصابين بالتوحد، وفي جعبته العديد من الجوائز العالمية وعروض كثيرة على مسارح كل دول العالم.


إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من العرض الإيمائي للممثل الفرنسي فيليب بيزو على مسرح الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون

من العرض الإيمائي للممثل الفرنسي فيليب بيزو على مسرح الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون

من العرض الإيمائي للممثل الفرنسي فيليب بيزو على مسرح الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق