الفنان الحلبي مجد الأصيل يعود من فنزويلا إلى حلب حاملاً وسام الشرف الذهبي من الدرجة الأولى

14 كانون الأول 2010

حلب أثرت حصيلتي الفنية وعودتي إليها أكبر وسام لي

نال وسام الشرف الذهبي من الدرجة الأولى عن غنائه لمناصرة غزة في مهرجان أقيم في فنزويلا، فقد أقام لفترة أحد عشر عاماً هناك، وغنى خلالها في حفلات عديدة أقامتها البعثات الدبلوماسية، هو عميد الفنانين المغتربين العرب في أمريكا الجنوبية، وقد ترجم العديد من الأغاني العربية إلى الإسبانية وغناها فاشتهرت هناك بشكلها الجديد المعاصر.

كتبت عنه الكثير من الصحف الفنزويلية، وأحد الألقاب التي أطلقوها عليه لقب «بافاروتي الشرق الأوسط».

الفنان الحلبي الأصل مجد الأصيل الذي عاد مؤخراً من فنزويلا حاملاً في جعبته الكثير من الأفكار والمشاريع الفنية لتنفيذها هنا في حلب، التقاه «اكتشف سورية» فكان له معه الحوار الآتي:

ماذا عن نشاطاتك الغنائية الفنية في فنزويلا حيث أقمت سنوات عديدة؟
لقد أنتجت مزيجاً من الإيقاعات اللاتينية والعربية لتكون مستساغة للأذن هناك في فنزويلا، ولتكون ملائمة نغماً وإيقاعاً للشكل الموسيقي والإيقاعي اللاتيني. من مثل: «بدي شوفك»، «عازز عليّ النوم» وغيرهما. لأن الموسيقى الأجنبية تعتمد على الألحان التي ليس فيها ربع صوت، أو ليس فيها تشريق، فيها نغم واحد، كالعجم والكرد والنهاوند، باستطاعة اللاتينيين بشكل عام غناء هذه المقامات وعزفها، لذلك لاقت هذه الأغاني الاستحسان، وانتشرت هذه الألبومات، لأن الناس هناك تحب الموسيقى العربية، ولذلك رحت أغني نفس المذهب و«الكوبليه» بالعربية والإسبانية، ما يعني أن هناك شيئاً عربياً موجوداً في هذه الألحان فنشعر أن فيها لمسة عربية. لكل ذلك لاقت هذه الأغاني استحسان المتلقي الفنزويلي، وغنيت أيضاً ألحاناً لاتينية، ونلت عدة شهادات تقدير من أغلب دور الأوبرا في فنزويلا ومن الدول اللاتينية المحيطة، وكنت عضو اتحاد نقابات فناني أمريكا الجنوبية، ومستشاراً للفن الشرقي، ولا توجد مناسبة إلا وشاركت فيها، ومثلت سورية في مهرجان الشباب العالمي الذي أقيم في كراكاس، ونلت أفضل صوت ذهبي بين المشاركين، وأقمنا هناك الكثير من الحفلات تضامناً مع الشعب العربي في جنوب لبنان والعراق والصحراء الغربية وموريتانيا وغزة، وحفلات أخرى في الأعياد الوطنية شاركت فيها بأغانٍ من تراثهم الإسباني.
هذا كان عملي بين الاحتراف وبين المشاركة في المناسبات الوطنية، وهذه الأعمال التي ترجمتها وغنيتها لاقت صدى حسناً لدى الجمهور الفنزويلي، وأصبحت الأكاديميات أو المدرسة الأولى الإسبانية للرقص الشرقي تدرب أعضاءها على هذه الأغاني، ففي السابق كانوا يتدربون على الأغاني العربية من دون أن يعرفوا معناها، وبهذه الترجمة أصبحوا يرقصون على تلك الأغاني مع فهم لمعانيها.
فقد كونت هذه الأغاني عبر مزج إيقاعي بين اللّف الشرقي والريكاتون الغربي، فصار لهذه الأغاني طابعها الخاص، وحفظها الجمهور الفنزويلي. فأغانٍ مثل: «عازز عليّ النوم» و«يا ستي يا ختيارة»، وأغانٍ أخرى من مثل «ليندا ليندا» و«يا غايب» و«بدي شوفك» معروفة بطابعها العربي، ولكن عندما مزجنا بين ذينك الإيقاعين أصبح الناس يعرفونها هناك أكثر.
شاركت أيضاً خلال العشر سنوات الماضية بمهرجانات وحفلات في كل من قطر، مصر، الأردن، لبنان، الإمارات، الكويت، الجزائر، تونس، المغرب، السودان. بالإضافة إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، والدول الأوروبية (بلجيكا، فرنسا، هولندا، سويسرا، السويد، قبرص، اليونان، ألمانيا).

ما هي الأمور الفنية الجديدة أو النشاطات الغنائية التي ستشارك فيها الآن؟
أولاً ستقيم مديرية الثقافة في حلب برعاية السيد المحافظ وبالتعاون مع غرفة التجارة حفلاً فنياً غنائياً، ستقوم فيه هذه الجهات بتكريمي، إذ سأقدم فيه بعضاً من الوصلات التراثية والفلكلور العربي والأغاني الطربية المعاد توزيعها وصياغتها مجدداً، وذلك مساء اليوم الاثنين.
وهنا أود أن أتقدم بالشكر الجزيل للسيد المهندس علي أحمد منصورة محافظ حلب على رعايته الكريمة، كما أشكر أسرة مديرية الثقافة بحلب والقائمين عليها ورئيس وأعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة حلب على هذه اللفتة الكريمة، وعلى جهدهم في إقامة هذا الحفل وهذا التكريم العزيز على قلبي.
لدي أيضاً لحن للأم من كلماتي وألحاني، ولأول مرة سيكون هناك لحن لعيد الأب من كلماتي وألحاني أيضاً، بالإضافة إلى أغانٍ عديدة وهي مزيج من العربي والإسباني.
بعد هذا الألبوم هناك ألبوم قيد التحضير، فيه أغانٍ ذات لهجات عربية متعددة وتتخلل هذا الألبوم أغنية وطنية لسورية الأم، وسنقيم العديد من المهرجانات في أرجاء القطر كافة.

عندما يعود الفنان إلى وطنه بعد رحلة من الغناء والطرب، ما هي الهموم التي يعانيها على الصعيد الفني؟
أنا عائد لأقيم بشكل دائم في بلدي سورية، ولأعيد الارتباط بمحبي الطرب وبجمهوري الحبيب. وهناك المزيد من الأعمال والمفاجآت الجميلة والسارة بانتظارهم بإذن الله. إن الحركة الفنية بحاجة إلى تضافر الجهود من نقابة وأندية ثقافية ومنتديات وعلى رأسها الجهات الإعلامية، وأكرر القول الإعلام ثم الإعلام لأنه الضوء الذي ينير درب عجلة التطور والأفكار الجديدة والنتاجات الإبداعية المميزة.
نحن في قلعة الثقافة الفنية في الوطن العربي، وأفتخر أنني نشأت في حلب، لكن الفن اليوم فيها لم يعد يأخذ دوره كما كان في السابق.
هناك مقولة تقول: نبع الفن في حلب وانتشى وتمشى في لبنان وترعرع وصُقل في مصر، ثم مات في حلب. فلماذا يموت الفن مرة أخرى فيها، لذلك أتمنى تغيير هذه المقولة. علينا تهيئة أرضية ولو بسيطة لهذا الفن، ففي حلب لا يوجد مسرح مجهز بالكامل للغناء، وعندما توجد صالة مجهزة كمسرح كبير عندها سنرى الكثير من الإبداعات الفنية .
خلاصة القول أنا ضد مقولة أن هناك أغنية شبابية متردية وأنا متفائل بالمستوى السمعي لدى الشباب، ففي كل زمن هناك الجيد والرديء من الأغاني، وعلينا أن نقدم كل جيد وجميل وجديد للمستمع العربي.
إن أي بناء في أي حقل معرفي أو فني لا تقوم دعائمه إلا بمشاركة جهود عديدة، فالتراث الذي نغنيه نحن اليوم قام على أيدي فنانين عديدين، وعلينا ألا ننسى المؤسسين الذين رفدوا المكتبة الموسيقية بروائعهم وتراثنا الحلبي العربي بالكثير الكثير، فهذا التراث قد قام في الماضي على أكتاف هؤلاء! وعلينا أن نذكرهم من خلال الحديث عنهم وتعريف الناس بهم والغناء لأعمالهم وإقامة المهرجانات لنعيد ونكرم ذكراهم ونحافظ على ما قدموه للتراث الحلبي من طرب وغناء أصيلين.
جميل جداً أن نسمي ساحات وشوارع ومنتديات في بلدنا الحبيب بأسماء هؤلاء لنرسخ ونعمّق ذكراهم، فحلب عالمياً لم تشتهر كمكان جغرافي وحسب وإنما حفر اسم حلب بجبل الخلود من خلال أسماء وأعمال هؤلاء العمالقة الحاضرين الغائبين.
علينا أن نزيل الغبار عن رفوف ذاكرتنا الموسيقية فأسماء من مثل بكري الكردي، عمر البطش، بهجت حسان، محمد رجب، نديم الدرويش، إبراهيم الدرويش، أنترانيك كيراغوصيان، عبد القادر حجار، عبد الرحمن مدلل، هاشم فنصة، أبراهام كوستانيان، هؤلاء معروفون على صعيد الموسيقى بشكل عام، ولكن الجمهور لا يعرف أعمال كل واحد منهم.
أم كلثوم مثلاً عندما جاءت إلى سورية، لم تحضر معها عازف ناي، وقد قالت بما معناه: هل من المعقول أن أذهب إلى سورية وهناك الشيخ علي الدرويش؟ فأم كلثوم كانت تعرف من هو علي الدرويش، لكن انزلي اليوم إلى الشارع الحلبي واسألي خمساً وعشرين شخصاً: من هو علي الدرويش؟ من سيجيبك على هذا السؤال؟
أتصوّر أن هذه الأسماء هي أكبر من حلب، فالجهات الثقافية في سورية عليها أن تسلط الضوء على أعمال هؤلاء من خلال برامجها الثقافية المتنوعة، كأن تقيم مهرجان التراث العربي في حلب مثلاً. لقد توقف مهرجان الأغنية السورية، فماذا بقي لدينا من مهرجانات فنية؟ حلب بحاجة إلى مهرجانات فنية لتعرف بأعمال هؤلاء الكبار، وتقدم في كل مرة أعمال كل واحد منهم، ليبقى الضوء مسلطاً دائماً على التراث الحلبي الأصيل. إن اسم حلب هو بفنانيها وملحنيها وشعرائها وأدبائها وكتّابها ومؤرخيها.

ختاماً، كيف تنظر إلى الساحة الغنائية العربية اليوم؟
أنا متفائل، على عكس الجميع، على الأقل على مستوى السمع حالياً، إذ أن هناك شريحة من الشباب لديها ردة فعل كبيرة تجاه ما تسمع من أغانٍ، هذه الشريحة تود سماع الطرب الأصيل، لكن ما يحصل اليوم للأسف أن هناك أناساً لا يملكون الأدوات التي تؤهلهم لأداء وإقناع المستمع، وأعني الصوت والمعرفة والثقافة، ويمتهنون الغناء من أجل الارتزاق، ولا أعتقد أن هؤلاء يعتمدون على إظهار صوتهم بجمل لحنية شرقية طربية، لأنهم سيسقطون فنياً، وإنما يعتمدون على الإيقاع والجملة التي ليس فيها لحن، كما يعتمدون على الإغراء في الكلمات لدغدغة المشاعر وحسب.‏‏


بيانكا ماضيّة - حلب

اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق