سيلف بورتريه: مرآة لحياة مهند عرابي
06 06
شخوصٌ قلقة غير مستقرة تعكس انعدام التوازن الإنساني
ما الفنان إلا اختزال للحالة البشرية في مختلف مواضعها، ومرآة لردود أفعالها التي تظهر في مواقف حياتية معينة تدفع الفنان باتجاه إعادة تشكيلها وتكوينها من جديد بناء على خلفيته المثقلة بتعقيدات وأحلام وآلام المجتمع الإنساني من حوله.
وإذا صح قولنا بأن الفنان نتاجُ ذاته ومجتمعه، فإن هذا القول ينطبق على الفنان مهند عرابي الذي قدم في تسع عشرة لوحة «سيلف بورتريه» كماً هائلاً من الكروكيات التي تشخص لحالة إنسانية لا تعكس في نهاية المطاف إلا حالته وشخصيته القلقة غير المستقرة. وعليه فقد جاء المعرض معبّراً عن حقبة زمنية من حياته. وفي ذلك يقول «أي معرض -وخصوصاً الفردي منها- يجسد مرحلةً في حياة الفنان، فترةً زمنيةً محددة فيها مجموعة من الانفعالات والأحداث وبعض التجارب الشخصية ولَّدتْ هذا النتاج الذي تحول إلى تشكيل ومشهد بصري. والآن وبعد مضي اثني عشر يوماً على إقامة المعرض أحسستُ -وأنا أقف على لوحاتي- أنني أشاهد شريطَ تاريخ فترة معينة من حياتي، وكلما نظرتُ في لوحة استذكرت الفترة والحالة النفسية والأحداث التي رافقت تكوينها، وأما المجموعة بأكملها فهي نتاج انفعال وتجربة حدثت معي».
استمر المعرض من 24 أيار إلى 5 حزيران في غاليري «أيام»، واتسمت لوحاته التسعة عشرة -بين الكبيرة والمتوسطة الحجم- بشيء من المباشرة التي يتخللها غموض غريب، بحيث يبدو للمشاهد من الوهلة الأولى بأن موضوع اللوحة هو الطفل، ليغدو هذا التشخيص أكثر غموضاً وضبابية كلما تعمقنا في اللوحة التي يقترب فيها الفنان تارة من صورة ذكر وتارة أخرى من صورة أنثى، ومرة ثالثة لا ينطبق فيها التشخيص على الصورتين السابقتين. على أن ما يميز الكائن داخل اللوحة هو المقطعية في التشكيل بما يخلق نوعاً من الحوار ما بين شخوص اللوحة والمتلقي. في هذا يقول عرابي: «المعرض لا يتناول الطفل كموضوع بحد ذاته إنما كرمز، فالمجموعة بأكملها لها علاقة بالبورتريه الشخصي (Self Portrait) تحولت لاحقاً إلى طفل إثر صورة شاهدتها في مشفى الأطفال عند حالة ولادة، وهي منظر الأطفال في الحاضنات الزجاجية يجمعهم -إضافةً إلى التشابه في الشكل- حالةُ القلق وعدمُ الاستقرار وانعدامُ التوازن، كما لو أنهم يسبحون في فراغ مجهول المصير».
ويتابع عرابي «هذا القلق انسحب على المعرض بأكمله، حيث تجد الشخصية في اللوحة وكأنها تحلق مخلِّفة في أسفل اللوحة خيطَ خيالٍ يرمز إلى انعدام الاستقرار. ومن هنا وجدتُ أن مشهدية هؤلاء الأطفال تنسحب على إنساننا، الذي هو دائماً في حالة ترقب وانتظار، أما أن يصعد أو أن يهوي!».
ومن جانب آخر، وإضافة إلى حالة القلق، أراد عرابي من خلال رمزية كائنه «الطفل» التأكيدَ على صدقيته وعفويته وبراءته في التكوين والتعبير، تمثلتْ في محاولته لتبسيط اللوحة التي اكتنفها في بعض الأحيان غموض وتعقيد لم يستطع عرابي تجاهله، يقول: «لا أحب فلسفة العمل كثيراً، فعملية خلط الألوان وتشكيل اللوحة لدي تشبه حالة اللعب الطفولي-التفريغ. لذا وعلى الدوام يدخل في تكوين لوحتي عناصر مستعادة من الطفولة، مثل القارب الورقي والأرجوحة والعصفور واليويو، وقد خرجت جميعها في حالة اللاوعي. وأما فيما يتعلق بالغموض الذي يغلف اللوحة فهو نسبي يتفاوت من شخص لآخر».
يبقى الخط الذي تكرر في جميع لوحات الفنان بألوان حارة رمزاً لحالة غامضة لم يستطع عرابي ذاته تشخيصها، ويقول: «هذا الخط بالنسبة لي هو السر في كل الأعمال، قد يكون ظل الشخصية التي على الأرض أو رمزاً لحالة الاستقرار ومنطلق لنقطة البداية، وقد يكون رمزاً لكوامن دفينة لم استطع بعد تشخيصها».
من جانب آخر، طغى الأسلوب الهندسي المعماري على التقنية، بحيث بدا عملُ الفنان على الدائرة وعلاقتها مع المربع واضحاً، ويقول: «علاقة الدائرة مع المربع موجودة في مجموعة هذا المعرض، وقد انجذبتُ لها دون أن أشعر بذلك. على أنني فيما بعد اكتشفت أهمية هذه العلاقة في تكويننا النفسي والأيديولوجي. فالدائرة هي فكرة المطلق والكمال والشيء اللانهائي، وأما المربع هو الشيء الذي يحتضن الدائرة أو العكس. والجدير قوله أن هذه العلاقة لم تكن مخططاً لها أثناء العمل، إنما خرجت من تلقاء نفسها والآن أنا أشخصها».
ويضيف عرابي «أنا متأثر بالفنان صفوان داحول الذي يعمل على الدائرة والمربع، كما أنني متأئر بالحالة اللونية لـفاتح المدرس، حيث أن أول كتاب فني تشكيلي اقتنيته كان للمدرس، ليس هذا وحسب بل أنني لم أتابع عملاً فنياً تشكيلياً لأحد إلا وتأثرت به، ففي نهاية المطاف هؤلاء يشكلون فننا وتاريخنا الفني».
الفنان في سطور
من مواليد دمشق عام 1977
خريج كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 2000
يتابع دراسته لنيل شهادة الماجستير باختصاص التصوير
معرض مشترك «سيمبوزيوم إهدن»، لبنان، 2004
معرضان فرديان، غاليري عشتار، دمشق 2004 و2006
معرض مشترك في قصر الإمارات، أبوظبي، 2007
معرض فردي، غاليري زارا بعمان، تموز 2007
معرض مشترك «آرت باريس»، نيسان 2008
نال الميدالية الفضية في مسابقة شنغار العالمية لرسوم الأطفال بمشاركة 135 دولة في نيودلهي، 1991
نال الجائزة الأولى لمعرض الشباب في سورية، 2006
رياض أحمد
اكتشف سورية
عبد الكريم عرابي:
thankyou
سورية
محمد عرابي:
بالاضافة الى ذلك انه انسان مميز ومثقف وأنا أفتخر به كونه عمي
سوريا
سالم عكاوي:
حين شاهدت أعمالك لم أعرف لماذاأنتابني شعورالولوج في ساحة ذكريات الطفولة حيث المراجيح والعربات الصغيرة و الدراجات والألوان وصفاءالعيون والفرح بكامل عفويته حتى الخربشات الجريئة ماهي الا بصمات الأطفال الفنانين الصغار وهم يرسمون لوحاتهم ......لابل قدأبدعها فنان جميل انه مهندعرابي