مهند عرابي فنان تشكيلي شاب ذو تجربة مميزة
16 07
الحياة عبارة عن حالات إنسانية تتذبذب بين المعاناة والسعادة
مهند عرابي فنانٌ تشكيلي شاب وموهوب، حَظيّ بفرصة إثبات الحضور من خلال مسابقةٍ أقامتها غاليري أيام لاكتشاف المواهب الشابة ورعايتها، وهو متفائلٌ بمستوى وأهمية الفن التشكيلي السوري.
عن بدايات تعلقه بالتشكيل والمراحل التي قطعها في فنه وطبيعة الموضوعات التي يتناولها حدثنا الفنان مهند في هذا الحوار.
الأطفال الذين شاهدناهم في لوحاتك يغلب عليهم الحزن والسوداوية، هل لهذا علاقة بطفولتك أم بنظرتك للطفولة حاليا؟
في لوحاتي لا أجسد معاناة الطفل لأن الإنسان هو موضوعي الذي بدأت به أعمالي، ثم انتقلت إلى البورتريه إلى أن وصلت إلى الطفل بالمصادفة. وذات مرةٍ كنت في مشفى للأطفال أراقبهم بعد ولادتهم، فرأيتهم يشبهون بعضهم وتأملت حالة عدم القرار بالحياة والقلق الذي هم عليه، فكانت هذه الحادثة التي أثرت بي مُحرّضاً لي لأعمل هذه الكروكيات.
وما طبيعة الحركات التي لاحظناها ولاسيما الخطوط غير المستقرة؟
في كل لوحةٍ هناك لحظةٌ محدّدة رسمتها بها، وأحببت أن أُسقط شيئاً له علاقة بالزمن من خلال حركة اليد لأظهر حالة الارتياب التي تغلب على الطفل، إضافةً إلى أنني أجد الخط المتراتب المتكرر من الناحية التشكيلية لذيذاً، حتى إنني دون أن أشعر أعيش في لوحتي حالة من اللااستقرار، ويمكن القول إن كلّ لوحةٍ تختلف عن الأخرى باختلاف شروطها ومجموعتها اللونية وحالتي النفسية.
قلت إن الفن متعة هل هي متعة مجردة أم إنها وسيلة لإبعاد الهموم عنك؟
دعني أقل إن الحياة عبارةً عن حالات إنسانيةٍ تتذبذب بين المعاناة والسعادة، وبحسب الحالة الداخلية تتغير اللوحة ومضامينها. والفنان بطبيعته بيئةٌ خصبة لبذور الظروف والأحداث التي تمر به، فتتجسد على شكل مواضيع يسقطها بلون أو خط أو حركة في لوحته.
هل تُمثّل أعمالك قضيةً فنية أو إنسانية أم إنك تحاول جمع الاثنين معاً؟
عندما كنت صغيراً كنت أرسم لأنني أحبّ أن أرسم، وبعد تخرّجي حاولت إيجاد الأسباب والظروف التي تجعلني أرسم، وشيئاً فشيئاً صار الأمر متعة شخصية دون أن أفكّر إن كانت اللوحة ستُعرض أم لا، بل أن أكون صادقاً فيما أرسم. والآن أشتغل لوحاتي بشيءٍ من الأنانية، لكني لا أنسى المتلقي، وأعمل على ألا يكون في لوحتي نوعٌ من الاستخفاف به وبثقافته.
هلا تستذكر لنا لحظات نيلك الجائزة الدولية في الهند عندما كنت طفلاً؟
كان مفاجأة كبيرة لي عندما اتصلوا بي وقالوا إن الرسمة التي قدمتها حققت المركز الثاني في نيودلهي، فبدأت بالقفز والهاتف في يدي. حقاً كانت فرحة لا توصف، لأنني لم أكن أتوقع ذلك، حتى إنني نسيت الموضوع، وكنت سعيداً بالميدالية التي نُقش عليها اسمي وبالشهادة المقدمة من محافظ نيودلهي، إلا أن فرحتي كانت أكبر عند نيلي جائزة للرواد على مستوى سورية، ولاسيما أنها كانت على مراحل، وكنت أصعد إلى القمة درجة درجة.
بما أنّك تعدّ الفن لعباً حراً هل استطعت إيجاد قواعد لعب خاصة بك بعد تجربتك القصيرة؟
صحيح أن الرسم لعبٌ، لكنك لا تستطيع أن تلعب دون دراسة الفنّ، والتدريب، والمحاولة، أضِف إلى ذلك أن اللعب بالرسم يعني التعامل مع موضوعاتك بعفويةٍ كيلا تكون تمثيلاً، لأنه في أحيان كثيرة تضرب بريشتك ضربة عفوية فتحرّك لوحتك كاملة، فحالة اللعب غير العبثية والفوضوية ضرورية للفنّان لتخرج لوحته بشكل جميل ومُتقن.
قلت إنّ ما لا تستطيع التعبير عنه باللغة تُعبّر عنه بالتشكيل فهل كلّ فنّانٍ تشكيلي هو أديب؟
هناك الكثير من الفنّانين الناجحين يكتبون الأدب بحرفيةٍ عالية، والأمر يتعلّق بالمراحل التي يقطعها الفنان، فهو يُعبّّر عما في داخله بشكل طبيعي بالرسم، وقد يتطوّر الأمر ليعبّر بالكلمة أو غيرها فتكون وسيلة تعبيرٍ إضافية، ومن ذلك فاتح المدرس الذي يحرض فينا خيال الكلمة وخيال الصورة معاً.
هل هناك فنانون معينون تأثّرت بهم يمكن أن ترجع إليهم لإخراج طاقاتك الداخلية؟
أعتقد أن كل فناني العالم تأثروا بتجربة بيكاسو الذي يسحرني كحالة استثنائية بكمّ الأعمال التي اشتغلها، وبمقدرته على التجريب والإبداع. أيضاً الفنان الفرنسي سوتيل الذي كان يمتلك جنوناً في ضربة ريشته، ولا ننسى الفنانين السوريين الذين اكتشفنا بفضلهم سطح اللوحة والخامات والألوان.
على اعتبارك فناناً شاباً، هل استطاع الجيل الشاب استيعاب تجارب الأجيال السابقة؟
الفنّ التشكيلي الشاب في سورية في أحسن حالاته، ويبشّر بشيءٍ مهم للمستقبل على المستوى العالمي، فاللوحة السورية تلاقي صدىً واسعاً في أي مكان تُعرض فيه، وهي مطلوبةٌ في كل دُور العرض العالمية.
سانا