ندوة الفن العربي في عالم متغير

03 تشرين الأول 2010

في القاعة الشامية بالمتحف الوطني بدمشق

تحت عنوان «الفن العربي في عالم يتغير» استضافت القاعة الشامية في المتحف الوطني بدمشق صباح اليوم الأحد 3 تشرين الأول 2010 ندوة حول واقع الفن التشكيلي العربي وآفاقه المستقبلية نظمتها غاليري رفيا للفنون بمشاركة مجموعة من الفنانين والنقاد التشكيليين السوريين والعرب وذلك برعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية.

وذكرت وكالة الأنباء السورية سانا أن الناقد الفني العراقي فاروق يوسف قد ركز في مداخلته «الفن العربي..نظرة نقدية خاصة» على تنازع المفاهيم ولا سيما مفهوم العولمة وما تمثله من متغيرات حياتية ومجتمعية وثقافية ومن ضمنها الفن التشكيلي.

وقال: سابقاً كنا ننظر بإعجاب وانبهار للفنان الذي يرسم القطة بشكل متقن أما الفنان المعاصر فهو مطالب برسم مواء القطة لافتاً إلى الحيرة التي يعيشها الفنان بين الواقعي والخيالي وبين المرئي واللامرئي.

وأشار يوسف إلى أن مصطلح الفن العربي يحتمل اتجاهين فهو إما إشارة إلى المكان الذي تم إنتاج الفن فيه وإما إلى الشخص الذي أنتجه وقال.. لكن المصطلحات المستعملة حالياً لا تؤكد هذا التقسيم ولهذا فالفن العربي مطالب بإنتاج هوية خاصة به.

وأوضح يوسف حسب سانا: أن فكرة التقدم التي أرادها الفن العربي ارتكزت على اتباع الطريق الذي مشى عليه الفن الأوروبي وأن يحذو حذوه ومن هنا ازدادت بعثات الفنانين العرب إلى أوروبا ولاسيما خلال منتصف القرن الماضي مؤكداً أن هؤلاء الفنانين الرواد كانوا شواهد التحديث من وجهة نظرهم الخاصة ولم يروا المشهد الفني الأوروبي كاملاً مستشهداً بالفنان العراقي فائق حسن الذي ذهب إلى أوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي ووجد أوروبا عبارة عن قاعة عرض لأعمال الفنان ديلا كروا.

وطالب يوسف بتحديث الكثير من المفاهيم والمصطلحات الفنية وإعادة تعريفها تبعاً للتغيرات التي يشهدها العالم ولاسيما التغيرات الفنية مبيناً أنه لا يوجد مفهوم مثالي أو ثابت.

ورأى يوسف أن الفن جوهر روحي لا يمكن استيراده ومن هنا تأتي أهمية إيجاد هوية خاصة بالفن العربي وقال.. العالم يشهد مجموعة كبيرة من الهويات لكن الهوية الشخصية هي الغاية وعلى اعتبار أن الفن العربي فن محايد لا توجد فيه شخصنة لا بد للفنانين العرب من صنع هوية تتشكل من كل شيء أساسها الإنسانية تماماً كما هي أعمال بيكاسو.

وفي نهاية مداخلته استعرض يوسف مجموعة من أعمال الفنانين العرب التي انتقاها على أساس تنوعها واختلافها وليس على أساس قيمتها الفنية والجمالية بهدف تقديم تلخيص لواقع الفن العربي الراهن.

أما الجلسة الثانية من الندوة التي حملت عنوان «الفن العربي اليوم» للناقد الفني السوري سعد القاسم الذي ذكر لمحة موجزة عن المتغيرات التي طرأت على الفن عموماً والفن العربي خصوصاً وقال: إن العولمة قدمت نفسها كفعل انتقال للسلع والمفاهيم من المركز الأقوى إلى المراكز الأضعف وغالباً دون إمكانية عملية لانتقال معاكس معتبراً أنه نتيجة ذلك يتضاءل حضور الثقافات التي تقف عند حافة التلاشي ويدخل الكثير منها في نفق الانكسار.

وأوضح القاسم إن التنوع الثقافي العالمي لم يتعرض فقط لخطر المنافسة مع الحضارات الأحدث والأقوى وإنما تعرض أيضاً للتدمير مستشهداً بالعديد من الأمثلة حول العالم في الماضي والحاضر ومن بينها سرقة التراث الفلسطيني ونهب الفنون العراقية.

وقال القاسم إنه من الصعوبة تدوين تاريخ واحد للفن العربي ومع ذلك فإن الفترة بين أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين قد تصلح لتأريخ هذا الفن مضيفاً أن معظم التجارب العربية اعتمدت الأساليب الفنية الغربية التي كانت سائدة آنذاك وأن الفن العربي منذ بداياته كان يبحث عن انتماءين في آن معا الانتماء إلى محيطه المحلي وثقافته وتراثه والانتماء إلى المستوى الراهن للفن العالمي.

وأشار القاسم حسب سانا إلى أنه مع دخول التجريد ساحة التشكيل العربي احتدم النقاش حول مفاهيم الفن وخاصة مع أصحاب الاتجاهات الواقعية كما تنامى الحوار حول الدور الاجتماعي للفن وظهرت الاتجاهات الحروفية والتعبيرية لتعيد الحوار حول التراث والمعاصرة وعن الدلالات الفكرية للفنون البصرية تحت عنوان العلاقة بين الشكل والمضمون موضحاً أن الفجوة بين الفن التشكيلي والجمهور اتسعت بسبب تراجع الدور الثقافي للفن لصالح الدور الاقتصادي يعود إلى ضعف الثقافة الفنية المجتمعية.

وبين القاسم أن الفن التشكيلي العربي راكم في مختلف حواضره تجارب غنية ووفيرة لكن علاقته مع جمهوره ظلت تشكو الوهن معظم الأحيان لكون تطوره لم يكن نتيجة لتطور ثقافة وذائقة هذا الجمهور وهذا ما يستدعي التساؤل عن امتلاك الفن التشكيلي العربي هوية ثقافية موحدة.

بدوره قدم الفنان التشكيلي المصري عادل السيوي مداخلة حملت عنوان «المعاصرة العربية محاولة للطيران بلا أجنحة» طرح من خلالها بعض الملاحظات المتعلقة بكيفية التعامل مع الأفكار والأسئلة المتداولة في مجال التشكيل العربي المعاصر ولا سيما الأفكار التي تنظر إلى المعاصرة العربية بوصفها تجسيداً منطقياً لمستوى التطور العربي في المجال الثقافي والعلمي والاجتماعي.

وعرض السيوي مجموعة من شهادات وتصريحات موجزة لعدد من الفنانين المعاصرين الذين يتقدمون المشهد المعاصر وهم من مواقع وأجيال مختلفة تؤكد في مجموعها تلك الحساسية الجديدة تجاه الزمن وقال: إن هناك ما يشبه الاتفاق حول جوهر المعاصرة وهو أن تصبح اللحظة الراهنة تاريخية.

وألمح الفنان المصري إلى أن الفن لم يعد مادة تخص علماء الجمال ومؤرخي الفن ونقاده معتبراً أن الفاصل بين الكتابة عن الفن وأشكال الكتابة الأخرى ضاع وانفتح المجال أمام تداخل الأنظمة النظرية والأنساق المعرفية الأخرى. وتطرق السيوي لما يعيشه الفن العالمي كطغيان العروض الكبرى على المعارض العادية وتصدع الحدود بين أنواع الإبداع وضمور المرجعيات الفنية وظهور المرجعيات الفردية إضافة إلى تراجع دور التصوير الذي لم يعد فناً يحمل على عاتقه تطوير سائر الفنون فضلاً عن تعاظم دور التقنيات في إنتاج وتصور العمل الفني.

وقال السيوي إن الحركة التشكيلية العربية في العقود الثلاثة الأخيرة اتسعت قاعدتها واختلطت أوراق كثيرة داخلها واشتبكت في علاقة مربكة مع عالم يهدر بالحركة في كل اتجاه مضيفاً أن التوجهات الأكاديمية ما زالت قائمة في هذه الحركة بقوة وما زال التصوير والنحت يحتلان موقعاً متميزاً داخلها.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق