سعد القاسم: التعرف على تجرية نزار صابور عن قرب

06 أيار 2015

في تقديمه كتاب «نزار صابور..الإنسان-اللوحة» الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب

على مشارف عالمنا الجامعي التقيت نزار صابور للمرة الأولى، ولم يكن لهذا اللقاء أن يتوقع مجيء يوم أكتب فيه عن نزار، وعلاقته مع الألوان والخطوط، وأساسا عن امتزاج المعرفة والخيال والدأب، ذاك الاتحاد الذي أتاح لتجربته أن تكون على ما هي عليه اليوم.

كان ذلك مع ميل زماننا نحو النصف الثاني من سبعينات القرن الماضي، و المكان صالة المعارض في المركز الثقافي العربي بدمشق حيث أقيم المعرض السنوي لطلاب مركز أدهم إسماعيل للفنون الجميلة.

كنا طلاب المركز؛ وخاصة المنتسبين للتو إلى كلية الفنون الجميلة، نقف بشيء من التباهي أمام (لوحاتنا) المنفذة بقلم الرصاص. وبيننا يجول بسعادة لا تخفي نفسها، وبحيوية مميزة، الناقد المعروف طارق الشريف، مدير المركز آنذاك، حين فاجأنا شاب اسمر طويل بحديث، أقرب إلى التأنيب، عن تباين الإمكانيات المادية بين مركزنا في دمشق والمركز الذي تدرب فيه في مدينة اللاذقية.. لوهلة بدت لهجته المرفقة بتقطيب حاجبيه، ونظرات عينيه الحادة، أقرب إلى عدائية غير مبررة أو مفسرة ،وكان علينا انتظار بعض الوقت لاكتشاف خطأ تقديرنا، ولندرك أن ما افترضناه من عدائية لم يكن غير حماسة تعبر عن نفسها بحرارة خاصة، وتترجم في واقع الحال موقفا حاسما ضد ما اعتبره نزار، ويعتبره دائماً، إساءة لجوهر العمل الفني، ولروح الإبداع، سواء تجلى هذا في عمل ينسب نفسه للفن، أو في مقالة رديئة تقدم نفسها على أنها نقدية، أو في موقف ينتقص من أهمية الفن.

ترافقنا كزملاء دراسة وأصدقاء حتى تخرجنا من الكلية مطلع الثمانينات، ونمت صداقتنا بعد ذلك رغم اختلاف طريقينا في الحياة .استغرقت أنا في العمل الصحفي، واستمر نزار في الدرب التشكيلي.

سافر إلى الاتحاد السوفيتي لمتابعة دراسته العليا ثم عاد من روسيا ليتابع مسار تجربته الخاصة متنقلا بها من مرحلة إلى تالية. وكنت شاهدا على كل المراحل كصديق، وكمهتم بالتشكيل السوري عموما، وبتجربة نزار ضمنا.

كتبت مرارا عن معارضه وقدمت بعضها، وكنت أحرص دوما على عزل مشاعري الشخصية عما أكتب، مكتفيا بما تتيحه لي الصداقة الشخصية من فرصة التعرف على التجربة عن قرب. وهذا ما أحرص عليه الآن أيضا.

--
تقديم كتاب(نزار صابور..الإنسان-اللوحة) الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب


سعد القاسم

facebook.com/saad.alkassem

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

اسمك

الدولة

التعليق