«نزار صابور الإنسان – اللوحة».. احتفالية توقيع الكتاب ومعرض مختارات من التجربة

09 حزيران 2015

.

في مساء السبت 30 أيار الماضي اقيمت في قاعة قاسيون بفندق داماروز دمشق احتفالية خاصة ليومين، كانت نظمتها السيدة صبا العلي من أجل توقيع كتاب الأستاذ سعد القاسم «نزار صابور الإنسان – اللوحة» حضرها مجموعة من الصديقات والأصدقاء الفنانين من الأساتذة والطلاب والمهتمين بالثقافة عموماً والفنون التشكيلية بخاصة.

ضمت الاحتفالية عرض مجموعة من لوحات مختارة للفنان نزار صابور والتي شكّلت برأيي بانوراما سريعة لمسار تجربة غنية بالمحطات المميزة تجاوزت الثلاثين عاماً من التجريب والعطاء تخلّلها معارض عديدة ومشاركات هامة داخل وخارج سورية بالإضافة إلى ملتقيات وبينالات فنية حصل من خلالها على جوائز قيّمة، بالإضافة إلى شهادات موثقة في التجربة من نقاد وأساتذة كبار كان أحدثها وأقربها إلى الحقيقة من صديق الفنان وزميله في الدراسة والحياة الأستاذ الناقد سعد القاسم كتابه الجديد هذا المُحتفى بتوقيعه «نزار صابور الإنسان – اللوحة» الصادر عن وزارة الثقافة – الهيئة العامة للكتاب والذي لابد شكّل إضافة هامة لمنشورات الوزارة المتخصّصة بالشأن التشكيلي.


الأستاذ سعد القاسم

لقد شكّلت مبادرة توقيع الكتاب ومعرض مختارات من التجربة حالة ثقافية لافتة باجتماع لفيف من الفنانين في مكان يليق بالمناسبة تساهم لا شكّ بإعادة اللحمة والحميمية إلى المشهد التشكيلي السوري الذي كان افتقدها منذ أربع سنوات وهو يعيش ظروفاً صعبة بسبب الأزمة التي تمرّ سورية، وبطبيعة الحال كانت هذه الدعوة أيضاً مناسبة لاحتفاء السيدة صبا العلي - الفنانة التشكيلية منظّمة الحفل - بالفنانين نزار صابور وسعد القاسم زميليها في الدراسة بكلية الفنون الجميلة بداية ثمانينات القرن الماضي، واحتفاءً ببعض من حضروا من أساتذتهم «الياس الزياتنذير نبعةغياث الأخرسليلى نصير»، وربما غيرهم من ذلك الجيل الذي رسم معالم الحداثة التشكيلية للمحترف التعبيري السوري.

وليس صدفة أن يكون الفنان نزار صابور واحداً من المستفيدين من تجارب ذلك الجيل وتشكّل تجربته استمراراً لذلك الزخم التعبيري واللون السوري المشرق الذي اتسمت به الحركة التشكيلية وميّزها عبر خمسة عقود، عرفت خلالها مجموعة من الفنانين المجتهدين جعلتها تسجل تلك النجاحات هنا وهناك في أكثر من مناسبة وتظاهرة دولية هامة، ونزار الفنان الذي عرض بعض مختارات من التجربة ليس من باب التذكير ببعض المحطات أكثر منه إغناءً للاحتفالية واحترامه لذائقة المدعوين في محاولة لإضافة بعض السعادة والمتعة التي لطالما كانت دائما هدفه من اللوحة عبر مراحل إنتاجها وعلى اختلاف عناوينها وموضوعاتها.


من أعمال نزار صابور في معرضه بقاعة قاسيون، فندق داماروز دمشق

وقبل أن نعرّج على الكتاب ومحطاته لابدّ من إضافة أراها ضرورية حول التذكير ببعض تلك العناوين والأسماء التي ذيّل فيها كثير من لوحاته بموضوع السعادة، الغاية التي مازال يسعى إليها الفنان من خلال بحثه في فسحات الحياة التي مازالت تضيق امامنا اليوم أكثر من أي وقت مضى.

أجل.. إن ما في لوحات نزار صابور أكثر من رسم..
هو يشبه في بعض الأحيان أشياء تذكـّرنا، أو على الأقل تشعرنا بالسعادة، من تدفـّق البوح الذي يتحوّل إلى فضاءات من الأبيض تغمر المشهد بالضوء وتغمرنا بالفرح، كأنه حلم.. دوائر ملوّنة.. أحمر، زجاجات، أقمار.. وبرد يلفح ذلك الجدار وما عليه من أشكال وتعويذات تظهر وتغيب في الأفق.. ومربعات، تظنـّها نوافذ من رجْع ِ صدى وشوشةٍ بعد صمتْ، وبعضُ أطلالْ لماضٍ جميلْ، وأمكـنة حميمة، قد تحتوي شيئاً من عبق لحظاتٍ عاشقة ْ عبرتْ إلى غير رجعة ْ..

في أي لوحةٍ لنزار صابور، هناك فسحة ْ لسعادة ْ ما أمكن.. حاولَ أن يلمّحَ إليها بدغدغةٍ بصريةٍ لطيفة ْ، وعنوان غالباً لا يقرّب الأشياء، بل يزيدها برأيي تغريباً وتماهياً.. «سعادة الحرية.. سعادة بالأبيض.. بدون عنوان.. سعادة أخرى.. أثر السعادة.. سعادة ما أمكن.. جبل السعادة.. دعوة للحياة.. وما بعد العشاء الأخير.. ».


الأستاذ التشكيلي نذير نبعة مع التشكيلية ليلى نصير وصبا العلي

هل الغاية من العنوان هنا، تحريض عين المشاهد ودعوتها لمزيد من التخيّل والتحليق فيما وراء المشهد. ؟ أم لمزيد من التجريد حتى ينتشي البصر وتأنس البصيرة، عسانا نتلمّس بعض ما افتقدناه من تلك السعادة المفترضة، هي محاولة لاقتفاء الأثر، ومتعـة اكتشاف تضاريس تلك الجماليات المدهشة، في هذا الركام الرائع من بقايا الأشكال المبعثرة في فضاء اللوحة، الذي هو دائماً عند «نزار» عالمه الخاص الذي يمارس فيه شغبه، ويبوح له بهواجسه، تاركاً هناك بصمت حقيقة تصوّراته حول الحياة ما أمكـن.. والسعادة التي يكتفي منها أيضاً بما أمكـن.

الكتاب: «نزار صابور الإنسان – اللوحة»..
إذا اخترنا البداية من الإهداء لابدّ نكون قطعنا شوطاً مهماً بالتعرّف على المذهب الذي انتهجه المؤلّف في إعداده للمادة التي تضمّنها الكتاب وخصوصية ما أرفقه من صور تضيئ على السيرة الذاتية والاجتماعية للفنان، بينما صور اللوحات فكانت للتي خصّها بالحديث أو لعلاقتها بالنصّ النقدي الذي أفرده حولها..


الأستاذ نذير نبعة وصبا العلي

«الإهداء..

إلى أسرة نزار
وإلى أسرتي
إلى روح المعلّم فاتح المدرّس وإلى فنانين قادمين غداً
سعد»

يقع الكتاب في 136 صفحة من القطع المتوسط ويحتوي على الفصول التالية:

• تمهيد..
ضمّنه المؤّلف وباختزال توثيقاً تاريخياً أميناً لمسار علاقته بالفنان منذ بداية لقائهم الأول وحتى عودة الفنان إلى سورية بعد تخصّصه العالي بالفنون من روسيا وبداية اشتغاله وعروضه التي حرص الفنان سعد القاسم على متابعتها كشاهد وصديق ومهتم بالتشكيل محاولاً عزل مشاعره الشخصية عمّا يكتب حول تجربته.

• نزار صابور – سيرة فنية..
يبدأ المؤلّف باستعراض سيرة الفنان الطويلة محاولاً جمعها معتمداً على مصادر الفنان ومنذ ولادته في اللاذقية العام 1958 وإلى يومنا هذا بشهاداته العلمية والمواقع التدريسية التي شغلها ومجوعة معارضه الشخصية التي تجاوزت الخمسين معرضاً داخل وخارج سورية بالإضافة إلى مشاركاته العديدة في معارض وتظاهرات وبينالات هامة حصل من خلالها على جوائز هامة.


التشكيلي نزار صابور يوقع كتابه

• بمثابة التقديم..
اجتهد المؤلف بسطور قاربت الصفحة ونصف تقديم أهم معالم تجربة الفنان نزار صابور ومراحلها منذ ما قبل الدراسة من خلال استعراض مكثّف لتطورها معتبراً أنه: «في كل مرة كانت اللوحة تدعونا للتأمل وللتفكير ولاكتشاف جمال الأشياء من حولنا».

• مغامرة الريشة الأولى..
كان هذا الفصل بمثابة التعريف بسيرة الفنان أيام الطفولة في منزل الأهل وانعكاس ما يدور حوله وفي المدرسة وعلاقته بأستاذه عبد الله الحلو ومدى تأثيره على شخصية نزار وكيف ساهمت العوامل مجتمعة في صقل الموهبة التي لا يتذّكر هو متى اكتشف ميله إلى الرسم والألوان.

وكان المؤلّف قد تابع بتسلسل زمني حياة الفنان منذ دخوله إلى كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1976 وعلاقته بزملائه والأساتذة والأمكنة التي تنقل فيها للسكن بأحياء دمشق حتى تخرّج منها العام 1981 حيث كان موضوع تخرّجه «جلجامش» ومن ثم سفره بعد ذلك إلى موسكو منهياً بعد أربع سنوات تخصّصه فلسفة في علوم الفن 1990، وبعدها بعام كانت السيدة الدكتورة نجاح العطار قد افتتحت له معرضه الشخصي الأول بصالة السيد بدمشق وهكذا تتالت المعارض والمشاركات ومساهماته في تفعيل الحراك التشكيلي السوري واهتمامه بخاصة بجيل الشباب الذي كان أول من اقترح وأسّس لمعرض الشباب الذي مازال مستمراً إلى اليوم.


الأستاذان التشكيليان نذير نبعة والياس الزيات

ثم تابع الأستاذ سعد القاسم في كتابه «نزار صابور الإنسان – اللوحة» مجموعة من الموضوعات أهمها علاقة حب الفنان لمدينته اللاذقية، الحب الذي كان وما زال يفيض من جنبات معظم لوحاته إلى اليوم، كان عرض الفنان بعضها في احتفالية توقيع الكتاب مؤّخراً بفندق داماروز بعد أن نشرت صوراً لها في الكتاب: «عن الحب 2001 / حياة في الرماد2002 / قريباً من التيناوي / سعادة ما أمكن، قلق ما أمكن 2006 / جدران تدمرية 2008 / أيقونة تدمرية 2009 / نعوات سورية 2011 / الحصار 2012 / لوحات بتقنيات مختلفة على الخشب 2013 / القلمون 2014 / معلولا 2014 / تحية إلى روح والدي وفاتح المدرّس».

وقبل أن يختم المؤلف كتابه بمجلّد يضم ذاكرة الصور استعرض بقراءة نقدية رؤيته إلى ست من لوحات نزار وهي على التوالي: متى ؟ - وهي مشغولة بتقنية الزيت على قماش 25+65 سم / مدينة في الضباب- تقنية زيت على قماش 80+60 سم / صباح وظهر ومساء - زيت على قماش 80+40+3 سم / العشاء الاخير - بتقنية أكرليك على خشب 61+81+12 سم / مدينة كبيرة – زيت على قماش 145+315 سم / عنترة وعبلة بالرماد - رماد ومواد مختلفة على الخشب 100+60 سم.

وبعد ذلك قدم قسماً وثّق فيه هوامش هامة للمهتمين.


السيد سامر قزح في معرض التشكيلي نزار صابور

وختم بسيرة ذاتية حول المؤلف:

سعد القاسم
ولد سعد القاسم في دمشق عام 1953 و نال إجازة من كلية الفنون الجميلة «جامعة دمشق» عام (1981) وأول دبلوم دراسات عليا تمنحه الكلية عام (1987). عمل محررا في صحيفة «الثورة» منذ عام (1981) ورئيسا لقسمها الثقافي (1991-1995)، ومديرا لتحرير مجلة «التشكيلي السوري» الصادرة عن نقابة الفنون الجميلة قي سورية (1993-1995) و عضوا في هيئة تحرير مجلة «الحياة التشكيلية» (1999).و في هيئة تحرير مجلة «الفنون الجميلة» (2003-2010)، وأعد الفقرة التشكيلية في برنامج» المجلة الثقافية» في التلفزيون السوري (1995-2003).


سعد القاسم يوقع كتابه

شارك في عدد من الكتب منها: «مسيرة انجازات»، «الإعلام السوري و حرب الخليج»، «دمشق الشام» ،"فاتح المدرس»، «نساء سورية»، «صميم الشريف». وألف كتاب «نزار صابور: الإنسان- اللوحة». وكتب النص النقدي لكتاب «الكلام عليكم» عن تجربة رسام الكاريكاتير رائد خليل، والنص المتعلق بالفنون التشكيلية والعمارة في سورية في «الموسوعة العربية».

رأس تحرير مجلة «فنون» (مجلة الإذاعة و التلفزيون) ما بين عامي (1995-2003)،عين عضوا في لجنة رقابة الأعمال الدرامية في التلفزيون (2003) وسمي مديرا للقناة الفضائية السورية (2003-2004) و القناة الأولى (2004) ثم عاد ليرأس تحرير مجلة «فنون» منذ مطلع عام (2005) وحتى الشهر التاسع (2008).

سمي معاونا لمدير مديرية الإنتاج التلفزيوني في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وقارئاً للنصوص فيها (2009) فمديراً لقناة سورية دراما منذ الشهر الخامس (2010) وحتى إحالته على التقاعد مطلع عام (2014).


التشكيلي نزار صابور والتشكيلية ليلى نصير مع مجموعة من الطلاب

شارك في عدد من المعارض و صمم إعلانات و أغلفة كتب و شعارات منها شعار مكتبة الأسد، شعار فرقة الموسيقا الشرقية، شعار شركة التأمين اليمنية ،وأشرف على تصميم شعارات القناة الفضائية (2003) والقناة الأولى (2004) ونور الشام (2011) وقناة سورية دراما (2013).

أنتخب عضواً مستقلاً إلى المؤتمر الأول لاتحاد الصحفيين السوريين (1990)، وإلى المؤتمر الرابع (2006) ثم إلى مجلس الاتحاد، وإلى المؤتمر الخامس (2012)، كما أنتخب عضواَ في مجلس إدارة نقابة الفنون الجميلة (1998-2000) ونائباَ لنقيب الفنون الجميلة (2000-2010).

قدم عددا كبيرا من المحاضرات عن الفن التشكيلي وشارك في عدد من الندوات منها ندوة بينالي المحبة الأول (1995) وندوة بينالي الشارقة (2003) وندوة المنمنمات والزخارف الإسلامية في الجزائر (2007) نسق و أدار عدة ندوات حول الفن التشكيلي من بينها: ندوات في دمشق و ندوتي بينالي المحبــة الثالث (1999) و الخامس (2003) وشارك في عضوية عدد كبير من اللجان منها: اللجنة العليا للمقتنيات و المعارض في وزارة الثقافة ( منذ عام 1999حتى 2014 ) ـ لجنة تحكيم بينالي المحبة الثالث(1999) ـ لجنة تحكيم مسابقة المركز الثقافي الاسباني (ثيربانتيس) عام (2000) ـ اللجنة الاستشارية الفنية للمؤسسة العامة للمعارض و الأسواق الدولية (معرض دمشق الدولي) منذ عام(2001)- لجنة تحكيم معرض حرب السادس من تشرين (1998-2004) - لجنة اختيار طلاب كلية الفنون الجميلة للعام الدراسي (2001-2002) - لجنة تحكيم معرض منتدى المرأة و التنمية (2003)- لجنة تحكيم معرض الكاريكاتير العالمي الأول في سورية (2005) والسادس (2010) - لجنة القبول لملتقى الشباب السوري (2005) ومجلس أمناء دار الأسد للثقافة والفنون (2006-2014).

ولجنة تحكيم جائزة «أدونيا» للدراما التلفزيونية (2000و2010).ومجلس إدارة المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني (2012). ولجنة جائزتي الدولة التقديرية والتشجيعية (2013و2014 و2015)– ومجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية (منذ عام 2013) – رأس لجنة القبول في نقابة الفنون الجميلة و لجنة تحكيم معرض الفنانين الشباب (2000-2010). مدرس مادة تاريخ الفن في المعهد العالي للموسيقا (2003-2009) و في المعهد العالي للفنون المسرحية (منذ عام 1999 وحتى الآن). له عمود صحفي صباح كل ثلاثاء في صحيفة «الثورة».


غازي عانا
ت: عبد الله رضا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمال التشكيلي نزار صابور في معرضه بقاعة قاسيون بفندق داماروز بدمشق

من أعمال التشكيلي نزار صابور في معرضه بقاعة قاسيون بفندق الداماروز بدمشق

من أعمال التشكيلي نزار صابور في معرضه بقاعة قاسيون بفندق الداماروز بدمشق

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق