التشكيلي التونسي نجا المهداوي في غاليري رفيا

2 آذار 2011

من جديد نعود لجدران غاليري رفيا بدمشق، وما تقدمه من الإبداعات العربية والعالمية، ففي يوم الاثنين 28 شباط 2011، كنا على موعد مع الفنان التونسي «نجا المهداوي» الذي قدم نتاج بحثه تحت عنوان «وَصِلْ». وذلك بحضور دمشقي مميز أعطى لعنوان المعرض دلالاته العميقة على أهمية التواصل أو الوصل ما بين شرق الخارطة العربية بغربها عن طريق الفنون، وخاصة إن كان ما يقدمه الفنان التونسي هو الحرف العربي هذا الرمز المشترك الذي يجمع ما بين الشاطئين.

يحرر الفنان نجا المهداوي حروفه العربية من دلالاتها اللفظية ليقدمها في فضاء عمله الفني بانسيابية نهر جارف، مكرساً بذلك فن خطي متميز عن تجارب معاصريه، فهو الفنان الذي استقى من تراثه الحضاري فناً ينأى على أن يكون منسوخاً من تجربة أخرى، فهي تجربة أو بحث ينفرد به هذا الفنان القادم من تونس الخضراء، فيقدم الحرف بجرأة لا تنتهي بحدود اللوحة بل تنطلق إلى فضاءات تمتد إلى خارج الحدود، فالبحث الذي يقوم به يعتمد على جماليات هندسية والبحث في مضمون طاقاتها، ليكرسه فناً عالمياً، من خلال عمله الذي لم ينتهي على ورقة أو قماشة، بل تعدى ذلك إلى سطوح الطائرات وجدران بعض الأبنية في بعض الدول العربية والعالمية.


من أجواء حضور معرض التشكيلي التونسي نجا المهداوي في غاليري رفيا

وهو بذلك يحتفي بالحرف العربي ويقدمه على أنه تحفة فنية خالصة بذاتها. وكيف لا وهذا الفنان يستمد صوفيته الخطية من موروثه الثقافي التونسي، من خلال بحثه الطويل والذي لم ينقطع عن تراث الماضي ولم ينتهي بما حملته الحداثة بأشكالها وتقاطعاتها الفنية.


من أعمال التشكيلي نجا المهداوي بغاليري رفيا

ومن جانب أخر يقول التشكيلي السوري طلال معلا في مقدمة للكُتيب الذي رافق افتتاح المعرض: «تجربة الفنان التونسي نجا المهداوي هي إحدى التجارب المؤسسة على المستوى العربي لما دعي أحياناً بالحروفية أو الأعمال التشكيلية المستندة إلى الكتابات العربية أحياناً أخرى، إلا أنني أفضل اعتبار مثل هذه الأعمال في إطار المرسوم الخطي، الذي يتيح لنا الامتداد والتشعب في قراءة المنجز من زوايا مختلفة، بما يفتح الصحة البصرية والبلاغية على ضفاف تتجاوز القواعد والصفات التي أطلقت سابقاً بكثير من الشاعرية واختلاط الأدبي بالمبصور... وأعتبر هذه التجربة تمثل نصاً بصرياً واحداً عمل على بنائه بمختلف المواد وعبر مختلف التطلعات التعبيرية للإفصاح عن الأسئلة الأولى التي طرحها منذ البداية، على نفسه وهو بمواجهة المعتاد عربياً والمهيمن غربياً».

«اكتشف سورية» تابع حفل الافتتاح والتقى السيدة رفيا مديرة غاليري رفيا وعن استقدام تجرب الفنان التونسي نجا المهداوي تقول لنا: «هذا المعرض من أهم المعارض التي نقدمها في غاليري رفيا، فأعمال الفنان نجا المهداوي معروفة على نطاق عالمي ومعارضه تتنقل بين العواصم العالمية كـ طوكيو نيويورك وغيرها من البلدان العربية التي احتفت بتجربته الفنية، لذا كان من المهم جلب تجربة هذا التشكيلي لدمشق لتسليط الضوء على تجربته الإبداعية الخاصة بماهية الحرف العربي».

كما التقى «اكتشف سورية» التشكيلي التونسي نجا المهداوي وعن طلبنا للفنان بالتحدث باللغة العربية الفصحى كلغة مشتركة ومفهومة يعلق الفنان بقوله: «اللغة العربية هي أرث كبير يجمع البلدان العربية ضمن بوتقة واحدة، فبالرغم من المسافة الطويلة ما بين القيروان ودمشق إلا أن روح المدينة الواحدة يجمع ما بين المدينتين، وهذا يعود لقوة اللغة العربية التي جمعت ما بين شرق وغرب الأمة العربية والإسلامية».

التشكيلي التونسي نجا المهداوي

في سؤالنا عن تجربته الفنية في مجال الخط العربي والتي يقدمها في دمشق، يقف الفنان نجا المهداوي أمام مصطلح التجربة والتي يرفضها لصالح مصطلح البحث وعن ذلك يقول: «هو بحث أقدمه للمتلقي، متجاوزاً مصطلح التجربة فالتجربة هي الحيز الزمني الذي يجرب به الفنان ليصل لمرحلة متقدمة فيقدمها كبحث غير منتهي، فهذه الأعمال عبارة عن صفحات من كتاب حياة الفنان المرتبط بقضية الموت والحياة، والنسبة لي هو تعلم دائم ومستمر لأصل إلى مستويات ترتقي نوعاً ما لما أريد قوله أو التعبير عنه كمنجز فني لن يكتمل إلا بتعدد البحوث الفنية».

قالوا عنك مؤسس المدرسة التكعيبية سليلة المدرسة الإسلامية في هندسة الأرقام المغاريبية ماذا تقول في ذلك؟ «الذي كتب ذلك هو الأخ والفنان محمد بوكرش من الجزائر، وهو بحث ذو مستوى عال وهذه رؤيته وفلسفته الخاصة حول بحثي في ماهية الخط العربي، وله الحرية الكاملة في شرح منجزي الفني وأقدره كثيراً».

الكثيرون أخذوا من الحرف العربي منهجاً إبداعياً يقدمونه بطرق مغايرة أو مستنسخة عن بعضها البعض، ولكن تجربتك تتميز بفرادتها وطريقة تشكيلاتها الفنية. «تكلمت كثيراً عن هذه الأمور وخاصة في تونس عبر المجالس والمحاضرات واللقاءات الإعلامية. بالنسبة لي الحرف سلطان، والعملية هي كيف ننطلق من قوته الروحانية، من خلال عملية خلق إبداعي متجدد وبلغة اليوم، وكأنه منبر نطل من خلاله على الأخر، ولكن بشرط الانطلاق من خصوصيتنا الحضارية واحترامها، وعدم التبعية العمياء للمدارس التشكيلية الأوروبية».

بماذا تحدثنا عن مدرسة «رقادة» ودروها في تطوير الحرف العربي؟
«منذ أيام الأمويين كان زوار القيروان من سلاطين وأمراء يبيتون خارج القيروان حيث سُميت "رقادة" والتي أخذ بأسباب الازدهار، لتتطور فيما بعد، حيث توجد جامعة رقادة وغيرها، واليوم مدرسة " رقادة" تعتبر من أهم المدارس التي طورت الحرف العربي، ومنها خرجت أقوى أعمل المخطوطات المغاريبة».

وعن كتاب «سيد العشق» الذي قام بتأليفه يقول الفنان المهداوي:
" بداية أقول أنني حفيد عبد العزيز المهداوي صديق الشيخ بن عربي الذي مكث في تونس مدة طويلة، وهذا الكتاب يبحث في رحلة محي الدين بن عربي في طريقه للقدس ومكة ووقوفه في تونس، كما أن كتاب «سيد العشق» جاء بتعليق فني عن الكتاب والموسيقي الإسباني الكبير "رودريغو دو زاياس" والذي يتباهى بأصوله السورية، وبمناسبة زيارتي لدمشق أقول عبر اكتشف سورية أن هذه الزيارة، كزيارة "عمرة" إلى مقام محي الدين بن عربي».

يذكر أن معرض وَصِلْ للتشكيلي التونسي نجا المهداوي مستمر لغاية 26 آذار 2011، في غاليري.

ومن الجدير ذكره أيضاً أن التشكيلي التونسي نجا المهداوي من مواليد تونس عام 1937، ويعيش ويعمل فيها، ويعتبر واحداً من أبرز الفنانين العرب المعاصرين الذين يتخذون من الحرف العربي منطلقاً إبداعياً، حيث توثقت علاقته بالحرف العربي منذ انطلاقته عام 1959، أقام مجموعة كبيرة من المعارض الفنية، بعد أن أنهى دراسته في أكاديمية «سان اندميه» بروما، ثم التحق بجامعة «اللوفر» لدراسة الآثار الشرقية. ومنذ ذلك الحين وهو محط أنظار أهم المتاحف في العالم التي تنظم له معارض فردية بين وقت وآخر، مثل المتحف البريطاني ومتحف «الأرميتاج» في سان بطرسبرغ بروسيا، والمتحف الإفريقي في لندن وأمستردام ، هولندا والدنمرك ومتحف «لودفيغ» في ألمانيا. كما نظم المهداوي معارض كثيرة في الدول العربية، منها في المملكة العربية السعودية وتونس والإمارات المتحدة والكويت، ولديه أعمال مُقتناة في كثير من المتاحف المشهورة، إلى جانب أن أعماله معروضة في متاحف اليابان وكندا وماليزيا والبحرين.

نال العديد من الجوائز بتونس والخارج، ومن بينها، الجائزة الكبرى للفنون والآداب بتونس، وهو من جهة أخرى عضو لجنة تحكيم جائزة الفنون لليونسكو. وله علاقات مع البلدان الخليجية كالبحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان.


مازن عباس - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

من أعمال التشكيلي التونسي نجا المهداوي

من أعمال التشكيلي التونسي نجا المهداوي

من أعمال التشكيلي التونسي نجا المهداوي

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق