اختتام أعمال الملتقى الثاني للتواصل الثقافي بين مشرق الأمة العربية ومغربها في مكتبة الأسد

07 آب 2010

اختتمت أعمال «الملتقى الثاني للتواصل الثقافي بين مشرق الأمة العربية ومغربها»، الذي نظمته وزارة الثقافة، وذلك مساء أمس الجمعة 6 آب 2010 في مكتبة الأسد بدمشق.

وكالة الأنباء سانا ذكرت أنّ فعاليات الختام تضمنت الجلسة الخامسة والأخيرة التي أقيمت تحت عنوان: «تقويم المثاقفة بين العرب والغرب بين مشرق الأمة ومغربها» والتي ترأسها الدكتور عبد الإله عبد القادر من العراق وتابع إدارتها الدكتور إبراهيم عبد المجيد من مصر.

هذا وقد دعا الدكتور علي القيم -معاون وزير الثقافة- في كلمةٍ له إلى ضرورة الخروج من حيز النقد الذاتي إلى حيز العمل، بانجاز صناعة ثقافة مشتركة وعمل نهضوي كبير، يعيد الألق للثقافة العربية، مشيراً إلى اهتمام سورية الكبير باللغة العربية والعمل الحثيث على ضرورة الحفاظ عليها.

كما وقدم الدكتور محي الدين عميمور -وزير الإعلام الجزائري الأسبق- الشكر للسيد الرئيس الدكتور بشار الأسد الذي يقف وراء هذا التواصل الثقافي العربي، مؤكداً أهمية هذه الملتقيات في تحقيق التواصل بين مشرق الأمة ومغربها للوصول إلى مفهوم الوطن العربي كوحدة ثقافية ووجدانية. كما أكّد ضرورة الوقوف في وجه المخاطر التي تتعرض لها اللغة العربية من محاولات لتشويه عباراتها أو تبسيط أفكارها لتخريبها والوقوف في وجه الانهيار الذي أصاب المنظومة التربوية، وذلك من خلال العمل على توحيد المناهج التعليمية والتربوية في كل مدارس الوطن العربي ومعاهده بهدف تحقيق وحدة الوطن فكرياً ووجدانياً، مبيناً أنّه إذا ضاعت اللغة العربية فإنّّه لن يبقى من المشرق والمغرب إلا أطلال فكرية تنزلق شيئا فشيئا نحو التلاشي الحضاري والتاريخي.

وكانت الجلسة الأخيرة قد بدأت بمداخلة بعنوان: «ملابسات المثقافة بين العرب والغرب» قدم فيها الدكتور طاهر لبيب من تونس رؤيته عن المثاقفة التي اعتبرها تبادلا تفاعليا يحدث تغييراً في ثقافتين تتلاقيان وتتداخلان، مبيناً أنّ هذا المفهوم ظهر في الدراسات الانتروبولجية التي تتناول البدائيين في الثقافة الأوروبية.

وختم الدكتور لبيب مداخلته في التأكيد على أنّ مشرق الوطن العربي لا يختلف عن مغربه في هذا الوضع إلا من جهة التجربة التاريخية، موضحاً أنّ اللا تكافؤ بين العرب والغرب واحد في كلا شطري الوطن العربي، مبيناً أنّ العرب في المشرق والمغرب لا يزال لديهم درب طويل وصعب لتحويل المثقافة والتبادل الثقافي من شعار إلى حقيقة.

من جهته فقد تتطرق الدكتور عبد الله السيد ولد أباه من موريتانيا في مداخلته «دور الفلسفة المغربية في إعادة بناء مقاربة التحديث العربي» إلى النمو المطرد للمبحث الفلسفي المغربي في العقدين الأخيرين، ما جعله يحقق تأثيراً واسعاً في السياق الثقافي العربي الأوسع، مبيناً أنّ هذا المبحث الفلسفي ارتبط بأسماء بارزة وغزيرة الإنتاج كالمغاربة محمد عابد الجابري وعبد الله العروي وطه عبد الرحمن والجزائري محمد أركون وهشام جعيط و أبو يعرب المرزوقي من تونس.

وبين الباحث الموريتاني أنّه على الرغم من الاختلاف الكبير بين المشاريع النظرية والاتجاهات الفلسفية بين الفلاسفة المغاربة، إلا أنّ هؤلاء الفلاسفة أسهموا في إعادة بناء مقاربة التحديث العربي في اتجاهات أربعة هي تكريس التصورات العقلانية الجديدة المنطلقة، إما من منظور الفكر العلمي أو من المنظور التأويلي الهرمنوطيقي في مقابل النزعات الوضعية والتاريخية، التي هيمنت على نظرة الفكر العربي للمسألة التحديثية والنهضوية، والاتجاه الثاني هو إعادة بناء مضامين المشروع القومي في سياق مقاربة نقدية تحافظ على جوهر المشروع الوحدوي وتمده بأدوات تصورية ومنهجية جديدة تؤهله للإنجاز في الأفق التاريخي الراهن في ضوء التجارب الاندماجية الناجحة.

وتابع الدكتور ولد أباه في الاتجاه الثالث المرتكز على إعادة التفكير في المسألة الدينية السياسية خارج ثنائية العلمنة ومشروع الدولة الدينية، مبيناً أنّ هذا الاتجاه يقضي إلى إخراج الساحة العربية من حالة الفتنة الأهلية وصولاً إلى مقاربة عقلانية تكرس قيم العقلانية والتعددية في الحقل السياسي.

وختم الباحث الموريتاني في الاتجاه الرابع المعتمد على التفكير في علاقة الحداثة كمشروع تاريخي وفلسفي بأفق ما بعد الحداثة كحالة فكرية ونظرية وبالعولمة كظاهرة تاريخية جديدة.

أما محمد جمال باروت من سورية فقد بيّن في مداخلته «التواصل بين المشرق والمغرب العربيين في شروط جديدة» أنّ عملية التواصل ما بين المشرق والمغرب العربيين تعود إلى جذور بعيدة، حيث بُني هذا التواصل على موحدات الهوية الثقافية والحضارية الكبرى، وكانت أشكاله متعددة ما أدى إلى قيام تمازج بشري بين المغاربة والمشارقة على أرض الشام التاريخي في وقت مبكر.

وأوضح الباحث السوري أنّ هذا التواصل المبكر حقّق نشأة إحياء مغاربية كبيرة في العديد من المدن العربية الشامية، وسرعان ما تصاهرت مع المشارقة وكونت جيلاً جديداً يمثل التلاقح المستمر ما بين جناحي الوطن العربي. كما وأوضح أنّه في الأزمنة الحديثة ومع بدء عملية النهضة العربية أخذ هذا التواصل شكل تفاعل ثري بين المشرق والمغرب العربيين، حيث تندمج حالة الإصلاح الإسلامي كعملية عربية شاملة في الوطن العربي الكبير من مشرقه ومغربه.

وأكد باروت أنّ التواصل أخذ في العقود الأخيرة شكلاً جديداً من خلال الاهتمام من كلا المشرق والمغرب بتعميق أواصر التواصل، عبر البعثات التعليمية، وعبر نشر ذات الكتب في وقت واحد ما بين مدن مشرقية ومغربية، إلى جانب تحول بعض المؤسسات الثقافية القومية كاتحاد الكتاب العرب في سورية ومركز دراسات الوحدة العربية ببيروت إلى مركزين حيويين في استقطاب الكتاب والأدباء والمفكرين المغاربة.

وأشار الباحث السوري في ختام مداخلته إلى دور ثورة الاتصالات في وضع شروط جديدة لحالة التواصل بين شطري الوطن العربي، والتي اتسمت بتفاعل مفتوح وإغناء كل من الثقافتين في الإطار الجامع للثقافة العربية الأشمل، مِمّا يعبّر عن قابلية مفتوحة لتطوير التواصل والتفاعل في ثقافة تنتمي إلى جذور واحدة وراسخة ومتطورة دوماً.

من جانبه قدم الدكتور سعيد بن سعيد العلوي من المغرب مداخلته بعنوان: «التواصل الثقافي بين مشرق الأمة ومغربها» الحاجة إلى فكر عربي جديد وقال فيها: إنِّ حال التواصل يثير اليوم بين مشرق الأمة العربية ومغربها ملاحظة أساسية تحمل على التعجب، فمن جهة أولى يتبين للناظر في الشأن الثقافي العربي من حيث مؤشرات الثقافة بين بلدان المشرق العربي ودول المغرب العربي ارتفاعاً كمياً بادياً للعيان من جهة وسائل التواصل عامة، إلى جانب تنام ملحوظ في المعارض الدولية السنوية للكتاب في مختلف العواصم العربية.

وأوضح الباحث المغربي أنّ التواصل الثقافي بين الدول العربية يشهد في ذاته تدنياً من حيث الحجم بالمقارنة مع التبادل الثقافي ما بين البلدان العربية المختلفة وبين البلدان غير العربية. وقد أشار إلى أنّ الأخطار الخارجية والداخلية التي تتهدد كلّ بلد من البلدان العربية في مشرق الأمة ومغربها، وهذا يستدعي قدراً أكثر من العمل الثقافي الواسع المدى، ممّا يستوجب الدفع بالتواصل الثقافي إلى حدود قصوى لا يزال الواقع الراهن يشع بالبعد عنها.

كما قدم الدكتور محمد محفل من سورية مدخلة تحت عنوان: «مشرق الوطن العربي ومغربه والموروث الثقافي الأوروبي»، حيث قال فيها: اعتمدت في دراستي على أصول العالمين الكنعاني والقرطاجي ودروهما في عالم البحر المتوسط والعلاقات المتبادلة بينهما، وبين العالم الإغريقي الهيلنستي والإمبراطورية (+(بنك:الرومانيةالرومان وموروثهما في مفهوم المركزية الثقافية الأوروبية عبر العصور وحتى أيامنا هذه، فالحضارة الغربية اعتمدت على رفض الآخر بينما الحضارات العربية القديمة وحتى الحضارة الإسلامية قامت على قبول الآخر.

وتابع الباحث السوري أنّ محاولات الغرب في تغيير أصول بعض شعوب البلدان العربية إلى غير العربية، تأتي على سبيل تفتيت هذا النسيج العربي، إلى جانب محاولاتهم وضع حواجز بين مشرق الأمة ومغربها وبين شعب البلد الواحد، ما يستدعي الانتباه والرجوع إلى التاريخ القديم وتفنيد هذه الادعاءات الكاذبة والتي لا تخدم سوى المصالح الغربية.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق