انطلاق فعاليات ندوة النحت الدولية الأولى لنحت الحرف العربي بمكتبة الأسد بدمشق

09 كانون الأول 2010

انطلقت فعاليات «ندوة النحت الدولية الأولى لنحت الحرف العربي»، أمس الأربعاء 8 كانون الأول 2010، والتي أقامها المجمع الدولي لعشاق نحت الحرف العربي في مكتبة الأسد بدمشق.

هذا وقد ألقى النحات أكثم عبد الحميد -مدير الفنون الجميلة كلمة خلال الافتتاح جاء فيها، نقلاً عن وكالة الأنباء سانا، أنّ الحرف العربي يملك من الخصائص الفنية ما لا يملكه حرف آخر، وأنّه بقي وفياً لتراثه ومرتبطاً بأرضه وثقافته وبالمفاهيم الحضارية التي ينتمي إليها؛ مشيراً إلى أهمية خوض تجاربنا الخاصة لاكتشاف طريقنا وتقنياتنا وأسلوبنا المنطوية على معالم أحاسيسنا وخصائص تصوراتنا القادرة على نقل مضمون فكرنا وما نريد إيصاله للعالم.

كما ألقى الدكتور ممدوح خسارة كلمة مجمع اللغة العربية بيّن فيها أنّ المنطقة العربية أعطت للعالم أول أبجدية رمزت فيها إلى الأصوات وجسدتها بأشكال كما أنها ابتكرت وطورت رسوماً لأحرف هذه الأبجدية تتسم بالوضوح والتميز هي الخط العربي. وأضاف خسارة أنّ الخط الذي رُسمت به أصوات أو حروف الهجاء العربي هو ابتكار عربي خالص وجزء أصيل من الثقافة العربية الإسلامية التي وظفته أحسن توظيف عندما جعلته ميداناً لفن الرسم والتصوير؛ مشيراً إلى أنّ الخط العربي شكل ميداناً لفن يلبي الرغبة في التعبير الجمالي، وصار الفن الأول للكتابة العربية التي ساعدت بنيتها على الارتقاء به إلى درجات عليا من تعبيرات الجمال وعلى مواكبته مستجدات الحضارة والتقدم.

كما وألقى الدكتور إياد شاهين كلمة عشاق الحرف العربي، حيث أشار إلى بعض الرؤى والحقائق التي يتمتع بها الحرف العربي، من كونه الدموع الأولى التي كونت أول اللغة فكان زاد الشعراء وأداة المفكرين.

الحرف العربي نشأ في دمشق أيام الآراميين عام 1200 ق.م

وقد قدم عمار الطويل -رئيس مجلس بلدية شهبا- تعريفاً بتاريخ المدينة وما تحفل به من مواقع ومعالم أثرية، ممّا جعلها المكان المناسب لاستضافة ورشة النحت التي تستقطب النحاتين والفنانين المولعين بجمال الحرف العربي كمجسم وكتلة في الفراغ باستخدام حجر البازلت الطبيعي بألوانه المختلفة.

وقد ألقى الدكتور أحمد المفتي كلمة مجمع نحت الحرف العربي أشار فيها إلى أنّ هذا الحرف نشأ في دمشق أيام الآراميين عام 1200 ق.م في المكان الذي أصبح اليوم جامع بني أمية الكبير، حين كان معبداً للإله حدد وفي أرجائه ولد الحرف الآرامي فأخذته مجموعة من الأمم القديمة.

وتابعت الندوة أعمالها بمداخلة للدكتور فواز الأزكي -أستاذ الجيولوجيا بجامعة تشرين-، حيث قدم لمحة عن الطبيعة الجيولوجية لحجر البازلت وأماكن توضعه وخصائصه الفيزيائية. واستعرض الأزكي عدداً من التماثيل النحتية ذات أساس البازلت بينها إيرانيوس الكاهن في مصر؛ مشيراً إلى الحجر البازلتي استخدم على مر العصور في بناء البيوت والقلاع والقصور والأوابد التاريخية الرائعة التي مازالت بقاياها وهياكلها شاهدة على روعته وجماله.

الخط العربي قابل للتطويع والتطور في مجال النحت الحديث

فيما عرضت الباحثة السعودية منال الحربي جماليات الخط العربي واستثمارها في الأشكال النحتية ثلاثية الأبعاد؛ مشيرةً إلى القيم الجمالية للخط العربي ومدى قابليته وطواعيته للتطور في مجال النحت الحديث لإنتاج أشكال نحتية مجسمة مستمدة من الخط العربي تحقق القيم الفنية التشكيلية بما يتناسب والبيئة التي صمم لها.

من جانبه أشار الباحث السوداني أبو اسكندر السوداني إلى الروابط التي تجمع الفنون الجملية بالبيئة الثقافية السائدة، ولاسيما في المنطقة العربية؛ مستعرضاً أهم الآثار التي يضمها السودان. ولفت السوداني إلى مميزات فن النحت القديم في السودان، كالاعتماد الكامل على حجر البازلت، والاهتمام بنحت الموضوعات ذات الأهمية الشاملة، والتركيز على استخدام وسائط التعبير الثقافي مثل حروف اللغة المروية القديمة.

الحرف العربي يملك طاقة هندسية وصوتية ورياضية ووجودية

فيما ركز الباحث علي اسكيف في مداخلته على أصل الكتابة وحول ما توصل إليه الباحث الباكستاني عبد المجيد خان فيما يتعلق بهذا الشأن، إضافةً إلى استعراضه لنقوش وكتابات موجودة على قطعتين نقديتين تأكد بهما أنّ الحروف الأبجدية جاءت من منازل القمر خلال الشهر القمري.

وردّ اسكيف كل الرسومات والكتابات والأرقام الموجودة على القطعتين النقديتين بناء على مرجعياتها التاريخية والدراسات المتعلقة بهذا الشأن؛ مؤكداً أنّ الجزيرة العربية لم تعرف في تاريخها القديم سوى العرب ولم يطأ أرضها سوى العرب مؤسسي الحضارات.

بدوره رأى الباحث عادل الحاج في بحثه عن طاقة الحرف أنّ الحرف العربي يملك طاقة هندسية وصوتية ورياضية ووجودية، وكل هذه الطاقات يمكنها أن تدل على مسارات الشعرية الشاملة في الكلام، فالطاقة الهندسية للحرف نابعة من التوازن البنائي المحكوم بضوابط وثوابت. وقدم الحاج نماذج من الهياكل المشابهة للحرف كالأهرامات والأحجار الأخرى التي تملك طاقة وتأثيراً على الإنسان.

كما تطرق الفنان نذير نصر الله إلى العلاقة التي تربط الخط العربي بالموسيقى؛ مبيناً أنّ الخط العربي يختلف كثيراً عن غيره من الخطوط الأخرى، وذلك بتأثير نوعية الحبر والورق وكيفية قص القصبة. وقد أشار إلى أنّ الحرف العربي ليس كتابة على الورق فقط، وإنما يمكن له أن يصبح مادة نحتية بمختلف الخامات وتزداد جمالية منحوتة الحرف العربي بمعرفة تلازم الكتلة والفراغ.


اكتشف سورية

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق

مجيد جمول:

يسعدني ان أقرأ من مسافة عدة آلاف من الكيلومترات عن قيم وطاقات الكتابة العربية ( الحرف العربي ) وعن استلهامه في الفنون التشكيلية العربية قديمها ومعاصرها. ويسعدني أن ياتي ذلك بعد سبعة وثلاثين عاماً من عرض تجربتي الفنية النحتية التي تمثلت في استلهام الحرف العربي في صياغة أعمال نحتية تجريدية ببنيان وتشكيل ومعايير عصرية في معرض أقمته في صالة عرض نادي الصحافة و الكتاب العالمي في وارسو شباط 1975 . ثم حملت بعضاً من هذه الأعما ل وقدمتها في بلدي سورية المعرض الرسمية خلال سنوات عديدة بدءاً من المعرض السنوي لعام 1975 , واستمريت حتى هذه اللحظة مستلهماً هذا المنهل الثر من الأشكال والعلاقات الفنية العميقة المركبة الموحية التي تمتلكها الكتابة العربية. والتي قادتني إلى الوصول في أعمالي الى الصيغ التجريدية البحتة المنتمية في بنائها وتحولاتها في الفراغ إلى النبع الأصيل والأصلي الا وهو بناء الحرف والكتابة العربية. ولم تكن تلك التجربة بدون معاناة , فعدد من أصحاب الرؤى الضيقة أو محدودي الأفق كتب غامزاً من قيمة هذا المنحى ملمحاً إلى هشاشة مصيره . طبعاً دون أن يتجرأ على القيم الفنية والجمالية التي حملتها تلك الأعمال فقد أثبتت وجودها الفني. بل تناول أحياناُ بفظاظة ما تمثله من إنجاز فكري فني. مسمياً إياها بالحروفيية. لن أدعي أنني أول من انتبه إلى طاقة الحرف العربي الجمالية , فقد سبقني إلى ذلك فنانون عرب كبار في العراق وفي سورية وحتى بعض الدول العربية الأخرى حيث قدموا الحرف العربي في أعمال التصوير أو الحفر وأحيانا ككلمات أو أحرف في بنيان المنحوتات , إلاّ أنني لا أعلم حتى هذه اللحظة بوجود تجربة في التشكيل العربي تناولت بنيان الكتابة العربية ووظفت الحرف العربي في أعمال نحتية تجريدية نصبية قبل تجربتي , وسأكون سعيداُ لو علمت بوجود تجارب أخرى قبل أو بعد تجربتي تلك , فهذا سيعزز صحة قناعتي بما قدمته. وهنا اريد أن الفت اهتمام أصحاب المبادرة الطيبة( لنحت الحرف لعربي ) أن يلتفتوا إلى دراسة و بحث وتقييم التجارب الفنية النحتية التي قدمت الحرف العربي في أعمال نحتية متطورة ومعاصرة و الإتصال بأصحابها قبل أن ينتقلوا إلى العالم الآخر للوقوف على أبعاد ومنطلقات تلك التجارب وتوثيقها ففي ذلك يتمثل معنى البحث العلمي المنهجي حول قيمة ما يحمله الحرف العربي من تعبير ومن جماليات.من المحزن أن تنظم مثل هذه الندوات دون التواصل مع رواد هذه الطروحات أو دون الإشارة إلى جهدهم الطليعي.
النحات مجيد جمول - وارسو.

بولندا