الجامع الأموي درة دمشق

04 01

حسن الصواف: «الجامع الأموي أول نجاح معماري في الإسلام»

ألقى الباحث الأستاذ حسن الصواف في المركز الثقافي العربي في كفر سوسة محاضرة بعنوان «دمشق والأموي عبر الحضارات» تناول فيها الجامع الأموي كأحد أبرز المعالم التاريخية في مدينة دمشق، وكرمز ديني موجود في المدينة منذ تأسيسها مع اختلاف الجماعات الدينية التي عاشت فيها، كما تناول الجامع من الناحية العمرانية والهندسية.

وفي استعراضه التاريخي للجامع أكد الصواف أن «الجامع الأموي هو قلب دمشق القديمة، وفيه تمازجت ديانات عدة لكل الشعوب التي عاشت في هذه المدينة باعتبارها مدينة لم تنقطع فيها الحضارة، فالآراميون هم أول من شيد هذا المعبد وجعلوه مخصصاً لعبادة إلههم حدد، كما خصصه الرومان لعبادة الإله جوبيتر الدمشقي، ليتم تحويله إلى كنيسة بعدما غدت المسيحية الدين الرسمي للدولة الرومانية، وفي عام 635 للميلاد تقاسم المسلمون العرب مع المسيحيين الجامع بعد دخولهم دمشق في ذلك العام».

أما البناء الرسمي للجامع فكان بحسب الصواف في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك والذي خاطب أهل دمشق قائلاً: «أنتم تفخرون بأربع، هواؤكم وماؤكم وفاكهتكم وحماماتكم وسأضيف لها الخامسة جامعكم...» الذي بدأ بناؤه عام 705 للميلاد وانتهى بعد عشر سنوات، ويعتبر الأساس الذي أخذت منه الجوامع فيما بعد أصول بنائها وعمرانها.

وفي نفس السياق التاريخي يستعرض الصواف الحرائق الستة التي تعرض لها الجامع وآخرها كان عام 1893 وكيف بني هذا الجامع دائماً بتبرعات وسواعد أهالي مدينة دمشق.

أما من الناحية العمرانية فيؤكد الصواف أن «الجامع الأموي هو واحد من أهم الرموز العمرانية ليس فقط في تاريخ دمشق بل في تاريخ الحضارة العمرانية للدولة العربية الإسلامية، حتى أنه يعتبر أول نجاح عمراني إسلامي، بما فيه من ضخامة بناء ودقة صنعة وجمال زخارف، وخاصة لوحات الفسيفساء التي تزين جدرانه وواجهاته، هذا إضافةً إلى الأعمدة الرخامية الموجودة فيه، حتى أن الخليفة الوليد كاد أن يفرغ خزائن الدولة الأموية لشدة ما أنفق على بناء الجامع وزخرفته خلال السنوات العشر، كما أن أهم معالم الجامع مناراته الثلاث وقبته الشهيرة بقبة النسر والتي يبلغ ارتفاعها 45 متراً، إضافة إلى بئره الذي يحوي صخرة لم يُعرف إلى الآن مصدر منشئها ويرجح أنها من منغوليا، وتعد من أثمن الصخور في العالم ويعود عمرها إلى 500 مليون سنة حسب الجيولوجيين».

أما من ناحية دور الجامع الأموي في حياة أهل دمشق فيقول الصواف: «أراد الوليد بن عبد الملك من بناء جامع بني أمية الكبير التأكيد على الطابع الإمبراطوري العظيم لدولته التي امتدت بين المغرب والهند، لذا سعى إلى هذه الضخامة في البناء والعظمة وفي الزخرفة والإنفاق، كما أن دور الجامع السياسي لم يكن خفياً في أي فترة من فترات التاريخ، وهذا ما ينطبق أيضاً على الفترة التي حكم فيها بنو أمية، فعزز البناء العمراني الضخم من مكانة وهيبة الدولة في عيون رعاياها، وهذا الدور السياسي للجامع الأموي استمر دائماً ففي فترة الانتداب الفرنسي كانت الحشود تجتمع فيه لتخرج كل جمعة منددة بسلطات الانتداب ولم يقتحم الفرنسيون الجامع طيلة وجودهم في سورية لمعرفتهم بمكانة الجامع الأموي عند أهل الشام، كما لعب الجامع الأموي دوراً بارزاً في الحياة الثقافية لمدينة دمشق، ففي فترات سابقة كان يحكى أنه تحت كل عمود من أعمدته كان يتواجد شيخ يعلم أبناء المدينة، وكانت قبة النسر تفرغ لكبير المشايخ وفقهاء الدين الأجلاء فلا ينازعهم عليها أحد، فكان الجامع الأموي دائماً مركزاً علمياً ودينياً وسياسياً ولم يقتصر دوره فقط على العبادة وأداء الشعائر الدينية».

وفي ختام المحاضرة عرض الصواف فيلماً وثائقياً من إعداده استعرض فيه صوراً من الجامع الأموي وأهم معالمه.

جدير بالذكر أن الباحث حسن الصواف هو من الموثقين والباحثين الذين أفرغوا جزءاً كبيراً من عملهم لمدينة دمشق وله مجموعة من الكتب أهمها: «دمشق عاصمة في العالم»، «بردى والفيجة حياة دمشق»، «قاموس الكلمات الدمشقية»، «قاسيون والصالحية»، و«الجامع الأموي درة دمشق».


عمر الأسعد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

جانب من الحضور

الباحث حسن الصواف

جانب من الحضور

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق