هيثم حقي يطلق «فيلم بصرة» في دمشق

18 08

بحضور نخبة من المخرجين والفنانين والمثقفين السوريين

أكثر ما يبقى في ذاكرتك بعد مشاهدتك لفيلم «بصرة» هو أن الكاميرا ما كانت تلتقط الوجوه، بل دواخل الحالة التي تجسدها الوجوه بقلق الأصوات، والمسامات وهي ترتجف تحت الضوء، اقتراب حميم من شخوص الفيلم حتى تشعر أنهم صاروا قريبين منك كفاية.

يبدأ الفيلم بطلاق باسم سمرة من زوجته كتتمة لانفصال نفسي بطريقة حضارية، وهو المصور الفوتوغرافي الذي لم يكمل دراسة الدكتوراه في فرنسا ليتفرغ للتصوير الذي يعشقه، ليقع في حب مصورة فوتوغرافية، لكن قصة الحب تأخذ في مد وجذر بينهما حيث يختلفان على مفهوم الحب وشكل التعاطي معه، لكنه يبدأ فعلا مع نهاية الفيلم ليترك الكثير من الأسئلة أثناء حراكه.

تتلخص قصة الفيلم بمجموعة من الشباب المثقفين الذين يعيشون في مصر كأصدقاء، لهم طريقتهم في الحياة كتفكير وسلوك، يمتلكون الكثير من الطموح والفرح، لكن مع بداية حرب العراق تبدأ هذه الحرب بإلقاء ظلالها القاسية على المجموعة والحياة عموماً، فتمنع إحداهن من السفر إلى الخارج لمتابعة الدراسة، لتلقي مع اشتعالها علامات من الضوء على هذا الانهيار، ليس في بغداد والبصرة فحسب، بل وفي دواخل شخوص الفيلم حيث تسمع أصوات التحطم النفسي المريع للصورة عن بغداد والمقاومة، والذي يترك أثره على الحراك اليومي النفسي للممثلين، ما ينعكس نزقاً وتوتراً وقلقاً يبلغ ذراه بالموت وسقوط الرمز!

«الباصرة» (بصرة) باللهجة المصرية، ليست مجرد البصرة التي كانت أول ما بدأ بها الاحتلال الأمريكي غزو العراق، بل هي هذا الحظ الجيد عندما تتطابق حياتك مع آخر، بصرة حب وحرب يمتزجان كحالتين تحكمهما أوراق اللعب أو أيد خفية! حب وحرب يمتزجان ولكن ليس طويلاً، فعندما يتهادى القارب على أصابع النيل ساعات الغروب وتسمع ضحكة صافية، يكون للحب أن يستمر، فهكذا هي الحياة.

وقد تابع «اكتشف سورية» العرض الأول في سورية لفيلم «بصرة» والتقى بداية المخرج هيثم حقي منتج الفيلم، والذي قال عنه: «هذا الفيلم أول إنتاج لنا كشركة إنتاج (ريل فيلمز) في مصر، والفيلم لاقى استحساناً ملفتاً في المهرجانات والمناسبات التي عرض بها، وقد حصل على ستة جوائز:
- جائزة التصوير بمهرجان فلانسيا.
- جائزة السيناريو في مهرجان القاهرة.
- جائزة الإخراج الأول في المهرجان القومي للسينما في مصر.
- جائزة الإنتاج الثالثة في المهرجان القومي للسينما في مصر.
- جائزة أحسن ممثل من مهرجان روتردام لباسم سمرة.
الفيلم بصرة يحكي هذه العلاقة بين ورق اللعب بصرة (باصرة) وبصرة العراق، ويتلخص بحال بعض المثقفين قبل حرب العراق وبعده، ومدى أثر هذه الحرب عليهم».

كما التقى «اكتشف سورية» المخرج المصري أحمد رشوان والذي تحدث عن الفيلم قائلاً: «هذا هو الفيلم الروائي الأول الذي أخرجه، كما أنه التعاون الأول مع الأستاذ هيثم حقي، وتكمن أهمية الفيلم بأنه أول محاولة لنا لصنع فيلم مختلف وجديد على السينما المصرية حيث صور بطريقة (HD) وتم نقله إلى السينما بمعامل (سيني إيفكت) بتركيا ليتحول إلى 35 ملم، كما أتاح الفيلم المجال للكثير من الشباب ليأخذوا فرصة في العمل السينمائي وشجع في أكثر من مكان الشباب ليخوضوا تجربة الإخراج أو التمثيل».

أما بخصوص تعاونه مع المخرج السوري هيثم حقي فقال الأستاذ أحمد رشوان: «لقد وقف هيثم حقي بجانب التجربة وشجعها، وهو من النوع النادر في الوطن العربي كمنتج لا يتدخل ويفرض سطوته بل يترك الحرية للمخرج ليقول ما يريد».

وكان لـ «اكتشف سورية» وقفة أخرى في اليوم التالي مع المخرج أحمد رشوان لتتعرف منه على انطباعه عن عرض فيلمه في دمشق، فأوضح: «في رأيي أن الناس أحبت العرض وتفاعلت معه، هذا في العموم، لم يكن لدي توقع بشكل ردود الأفعال، إلا أنها طيبة عموماً، لكن هناك تفاوت بسويات التلقي كتذوق ويمكن لكل متلقٍ أن يضيف بعداً لفكرة الفيلم أو لبعض من تفاصيله، الحضور في قاعة العرض كان نخبوياً وقد ركزت الأسئلة التي طرحت على التفاصيل الدقيقة من أحداث وصور الفيلم وهذا جميل، إلا أن النقاش حول اللغة السينمائية في الفيلم كان مع الزملاء المخرجين والفنانين وذلك بعد الخروج من الصالة وترك لدي انطباعاً إيجابياً».

وقد سأل «اكتشف سورية» الفنان أحمد رشوان عن القضايا الإشكالية التي يطرحها الفيلم سواء أكانت مجتمعية كفكرة الطلاق الحضاري، أو سياسية ووجودية مختلفة، فهل أراد القول أن الحب هو الذي ينتصر في النهاية؟ فأجاب: «الفيلم يدور حول فكرة مواجهة الحياة، وتتخذ هذه المواجهة العديد من الأشكال، فالحياة ستستمر في النهاية، فهي تستمر في العراق بعد الحرب، الانتصار والهزيمة هي مفردات في صورة الحياة الكلية، سقوط أنظمة أو قادة، كما رأيت أوراق اللعب التي تصور القادة جرفتها مياه النهر في نهاية الفيلم، لأن الحياة هي الناس كما الحب ولن تتوقف».

.

عمار حسن

اكتشف سورية

ملصق فيلم بصرة	غسان مسعود وفارس الحلو في صالة الكندي	الشاعرة هالا محمد عقيلة المخرج هيثم حقي والتشكيلية صفاء الست

بقية الصور..