صدمة الحداثة في اللوحة العربية: كتاب جديد لأسعد عرابي

12 04

«صدمة الحداثة في اللوحة العربية» هو عنوان الكتاب الجديد للفنان التشكيلي والناقد أسعد عرابي، الذي صدر عن دار نينوى بـدمشق، حيث تم تقديم الكتاب يوم السبت 11 نيسان 2009 في ندوة قدمها سعد القاسم في قاعة أوسكار بفندق برج الفردوس، تلاها حفل توقيع للكتاب بحضور المهتمين والفنانين التشكيليين.

يعرِّف الكاتب في البداية معنى الحداثة في اللوحة العربية، ويعتبرها «متخلفة نصف قرن تشكيلي عن ركب النموذج الغربي»، حيث أن انطباعية النصف الأول من القرن العشرين في المنطقة العربية أتت أصداءً لانطباعية النصف الثاني من القرن التاسع عشر في أوربا، في حين أن تيارات «ما بعد الحداثة (post-modernism)» التي بدأت في السبعينيات من القرن الماضي لم تصل بعد، والأمر ذاته بما يتعلق بالدادائية والسوريالية والتكعيبية.

كما يعتبر عرابي أننا نعاني من انفصام حقيقي وأزمة حداثة عميقة الجذور مع صعود «الأصولية الفنية» كما سمّاها، ويعزو ذلك إلى تواضع الاتصال مع المحترفات العالمية، وضعف ظاهرة الجماعات الفنية التي يعتبرها المحرك الأساسي في تقدم الفن الغربي؛ ويسيق أمثلة على هذه الأزمة في انتشار ظاهرة العروض والكتب النرجسية التي جعلت من اللوحة العربية «حداثة عزلوية» بعيداً عن النقد المحلي. وعلى سياق آخر، يحذِّر الكاتب من تكريس النجومية في الفن، حيث تزداد هذه الخطورة عندما يكون النموذج النجومي ينسخ أو «يهجن التجارب الرائدة عالمياً»، ويرى في ذلك مشكلةً كبيرة حيث يتم الاستعاضة عن خصوبة الذاكرة التشكيليلة (التراث) ودورها في الخصائص الثقافية، بأختام وتعاويذ مستوردة قد تصبح في أحسن حالاتها «نموذجاً استشراقياً موهوماً»، فتفقد اللوحة شهادتي المكان والزمان، مما خلق ذاك الانفصام بين «نكوصية سياحية تعادي الحداثة» و«مراهَقة اختلاسية ببغائية تدافع عن الحداثة».

ويقدم الكاتب في الكتاب محاولةً موضوعية تحليلية في إعادة كتابة تاريخ الفن العربي وإعادة رسم خرائطه بمعزل عن التواطؤات المافياوية والعصبيات، وفي إعادة صياغة القياسات النقدية وإقامة ميزان التقويم والاختلاف الفني الصحي، بدلاً من الصراعات الاستهلاكية والإقليمية والمؤسساتية. من ناحية أخرى، يرى عرابي أن المجتمعات العربية فقدت الكثير من جسدها الفني من خلال عمليات النهب الحضاري من المحتلين عبر العصور، ويدعو إلى تعويض غياب التاريخ والتوثيق من جسد الفن العربي المعاصر من خلال التحالف مع كل شيء والبدء من الصفر، بإنشاء مركز بحوث وتوثيق لكل التيارات الفنية عبر العصور التي يمكن الوصول إليها، على ألا يكون عرضاً نرجسياً للأسماء إرضاءً لمجموعات النجوم هنا وهناك؛ طارحاً بعض الحلول في تعاون المؤسسات ذات الاختصاص، كمراكز بحث من جامعة الدول العربية واليونسكو، ودراسات ميدانية بالتعاون بين كليات الفنون ووزارات الثقافة في الدول العربية، من أجل إعادة صياغة تاريخ الفن العربي بمنهج محايد وموضوعي.

يتضمن الكتاب أربعة فصول، هي: ذاكرة الحداثة، ولوحة الحداثة والعلوم المعاصرة، ومحنة الحداثة في اللوحة العربية، والمختبر البصري؛ والفصل الأخير تضمن قسمين: النهضة وصدمة ما بعد النهضة (لوحة التشخيص، من اللوحة إلى المنحوتة، صدمة الفنون التوليفية).

في جلسة النقاش، تمّ التأكيد على صعوبة النص في الكتاب، وحرص الكاتب على تكثيف الأفكار في فقراته. إلاّ أن عرابي أكد أن ذاك الشعور مرده إلى قلة مطالعة معظم الجمهور العربي، حيث لم يعودوا قادرين على الفهم السريع وخصوصاً في الكتب النقدية التي تتطلب هذه التقنية، واعتبر أن في أسلوبه محاولة إلى خلق قياس «طبيعي» يرتقي إليه القارئ العربي، وهذه إحدى مسؤولياته ككاتب لمادة تحليلية موضوعية كهذا الكتاب.

وأثناء توقيع الكتاب، حدَّثنا الفنان التشكيلي ياسر حمّود عن الكتاب وقال: «الكتاب محاولة ضرورية جداً في توصيف إشكالية النقد التشكيلي العربي. ففي زمن أصبح فيه من الضروري توثيق التراث وتصنيف مفرداته وتسهيل الوصول إلى قواعد البيانات هذه، يبدو ملحاً أن نبدأ في تشخيص المشكلة وفي تحليل الأساليب الناجعة لمعالجتها؛ وهنا أرى هذا العمل بداية منهجية خطّها معلمُ نقدٍ وتحليل هو الأستاذ عرابي».


طوني جرّوج
ت: عبدالله رضا

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

الفنان التشكيلي أسعد عرابي

سعد القاسم و أسعد عرابي

جانب من الحضور

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق