صميم الشريف: الموسيقى العربية اليوم في انتظار جيل مبدعيها

03 04

القصبجي والسنباطي وعبد الوهاب شكلوا قمة الغناء العربي

إذا كنا نعاني اليوم موجة أغان وألحان هابطة طافية على السطح في انتظار مبدعين جدد تماماً كما حدث في العقد الأول والثاني من القرن العشرين إذ تعرضت البلاد لموجة مماثلة حتى جاء السيد درويش ومنيرة المهدية ومحمد عبد الوهاب والسنباطي وزكريا أحمد وفريد الأطرش وجيل من العمالقة لينتهي دور الغناء الهابط نهائياً. وإذا كان التاريخ يعيد ذاته فنحن الآن في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.
في هذا المجال، وحول الغناء العربي والموسيقى أقام نادي الاستماع الموسيقي في المركز الثقافي بأبورمانة في الثالث من نيسان 2008 ندوة موسيقية بعنوان «السنباطي» حاضرَ فيها كل من الأستاذ ياسر المالح والباحث الموسيقي الموسوعي صميم الشريف، الذي اشتهر بمؤلفات مثل «الموسيقى في سورية أعلام وتاريخ»، و«الأغنية العربية»، و«الأغنية السورية».
جاءت المحاضرة تحمل وفاقاً واختلافاً في وجهات النظر حول مدرستين موسيقيتين مهمتين في تاريخ موسيقى الأغنية العربية هما عبد الوهاب والسنباطي، فانسحب الحوار بين المحاضرَين والجمهور باتجاه تساؤلات انطوت على من هو السنباطي؟ وماذا فعل في الموسيقى العربية؟ وما الخط الذي سلكه وكان أستاذاً فيه لا ينازَع؟
تناول الشريفُ السنباطيَ من جوانبه الفنية، عطاءاته وقوالبه الفنية التي أحضرها وصاغ منها أعماله، وقبل ذلك أشار الشريف إلى أن عبد الوهاب وُصف ذات يوم بالمهمل للتراث بينما يجده مبدع الموسيقى العربية غيْر الباحث في التراث، ومثَله مثل السنباطي الذي أيضاً لم يهتم بالتراث، لكنه اتكأ عليه في أعماله خاصة في باب القصيدة.
  نصف قرن من الزمن أنفقه السنباطي وهو يلحن لنفسه ولغيره، وبالرغم من أنه كانت هناك منافسة فنية قوية بينه وبين محمد عبد الوهاب إلا أن الأمر في النهاية لا يخضع إلا للمنطق والواقع.
يزعم البعض من النقاد أنه لدرجة حب السنباطي لعبد الوهاب فقد سرق منه القفل في اللازمة الموسيقية من قصيدة «يا حبيبي أقبل الليل» التي غنتها نادرة الشامية، ووضعها قفلاً في رباعيات الخيام. وهنا أشار الشريف إلى أن هذا الكلام لا شائبة في صحته، وبالمقابل أخذ عبد الوهاب من السنباطي كثيراً من ألحانه وأهمها «على بلد المحبوب» سنة 1935، وغنّاه عبد السروجي في فيلم وداد بعد أن رفضته أم كلثوم.
في يوم دمشقي اجتمع الشريف بأستاذ الموسيقى الدمشقي شفيق شبيب حول موضوع الاقتباسات الفنية، فكانت وجهة نظر شبيب أن الموسيقى لا يمكن أن تعيش بمعزل عن موسيقى الآخرين.
ومحمد عبد الوهاب اقتبس الكثير (لحناً وآلات) وصولاً إلى عملية مزج موسيقي، أي تهجين موسيقي، كنا بحاجة إليه حقيقة ولكن بغير هذا الأسلوب، والسنباطي تورط في ذلك بداية الأمر ليعود أدراجه ويكتفي بالتخت الشرقي.
مما تجدر الإشارة إليه هنا في مستعرض حديثنا أن السنباطي وعبد الوهاب هما من تلامذة القصبجي ومنه اقتبسا فن «المونولوغ» ومنه اقتبسا أيضاً تطوير الطقطوقة فقام القصبجي بنسف الغصن الأخير من الطقطوقة ثم أعطاها ألحاناً جديدة فيحسب المستمع أن الموسيقى تبدأ من جديد بينما هو يوغل نحو النهاية والختام بالقفل، وعبد الوهاب استفاد من هذه العملية فوضع لازمتين موسيقيتين في الطقطوقة عوضاً عن اللازمة الواحدة التي كانت شائعة، وبدوره السنباطي وضع المقدمة الموسيقية التي تسبق اللازمة الموسيقية ليزيدها ألقاً، وهؤلاء الثلاثة شكلوا قمة الغناء العربي الذي يحيل المستمع إلى التأمل عند سماع موسيقاهم.
إذن المعلم الأول في الموسيقى هو القصبجي وقد قال فيه محمد فوزي ذات يوم عندما استمع إليه سنة 1948 في أغنية «أنا قلبي دليلي» إن هذا اللحن لعام 2000، وها نحن اليوم في عام 2008، والمعلم الثاني عبد الوهاب، وخطؤه الوحيد قضية المزج الموسيقي في الألحان والآلات الموسيقية التي أساء فيها بطريقة غير مباشرة للتقدم الموسيقي آنذاك.
أشار الشريف أنه خلال بحثه لم يعثر إلا على اقتباسين للسنباطي: الأول قصيدة لمحمد حسن إسماعيل لحّنها السنباطي وغنّاها اختفت نهائياً باختفاء الملك فاروق هي «حل الغناء فهاتو خمرة»، وفي أغنية «أحلام الزهور» اقتبس لحنها من أغنية كانت شائعة في تلك الأيام تدعى «أيما قولا».
ما أراد الشريف التأكيد عليه هو أن جميع هؤلاء الموسيقيين الذين تحدثوا بلغة القرن العشرين هم عباقرة الغناء العربي وأعطَوا للموسيقى حتى وصلت إلى هذا المستوى الراقي في اللحن والكلمة والأداء، لنصل الآن إلى هذا المستوى الذي لا نُحسد حقيقة عليه، وكان واجب من يعتمدون الكمبيوتر ونظام برمجة الآلات الموسيقية أن يبدؤوا من النقطة التي انتهى عندها العمالقة، ولو فعلوا هذا لأعطَونا شيئاً له قيمة ومعنىً.


رياض أحمد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق

ميساء:

اريد ان ارى صورا حول اليات الموسيقى

الجزائر