محاضرة عن صلحي الوادي ضمن سلسلة أعلام خالدون في ثقافي أبو رمانة

25 أيار 2012

أقيمت في المركز الثقافي العربي أبو رمانة ضمن سلسلة «أعلام خالدون» محاضرة بعنوان «الموسيقار صلحي الوادي 1934-2007»، وذلك يوم الثلاثاء22 أيار 2012، قدمها كلٌ من الباحث الأستاذ صميم الشريف، والباحث الأستاذ أحمد بوبس، وقد حضرها عدد من المفكرين والفنانين والصحفيين ورواد المركزالثقافي.

البداية كانت مع الباحث الموسيقي صميم الشريف الذي حدثنا عن بعض من حياة الموسيقار صلحي الوادي قائلاً: «إن والدة صلحي ليست أردنية كما يعتقد الكثيرون بل هي سوريّةٌ ومن مدينة دمشق بالتحديد، وقد ذهبت إلى الأردن لتعود إلى دمشق بعد زواجها ورغبتها في أن تستقر فيها، ويبيّن أن الوادي في إحدى رسائله إليه والمؤرخة بتاريخ 27 أيار 1954، أفصح عن مدى استيائه لدراسته في اختصاص الزراعة الذي كان بعيداً كل البعد عن الفن الذي كان يعشقه، مفصحاً في هذه الرسالة التي أرسلها للشريف عن أنه يحاول جاهداً الاستمرار في هذا التخصص الذي أثّر بشكل أو بآخر على تفرّغه لإبداعه، كقوله: أحاول التأليف الموسيقي وأنا مشغول في توليد البقر، وبسبب رفض بعض الجمعيات استقبال المقطوعات الموسيقية التي قام بتأليفها عند عمله بالزراعة، فقد كان مستاءً جداً من هذا الوضع كونه كان كاذباً على نفسه وعلى غيره، وفوق ذلك على الفن الذي كان يعتبره سبباً لحياته، وبذلك أخبر الشريف أنه سينقطع عن دراسة الزراعة وسيتجه للموسيقى مؤكداً أنه لا يطمح لأن يكون بيتهوفن آخر وأن كل ما يريده هو أن يهب نفسه للموسيقى التي يعشقها».


صلحي الوادي

ويضيف الباحث الشريف إن المعهد الموسيقي في سورية الذي أسسه فخري البارودي أيام الوحدة، وحين قررت الوزارة المركزية في القاهرة إرسال الموسيقي أبو بكر خيرت لافتتاح المعهد الموسيقي واختيار مدير له لتحقيق الهدف السامي من وجوده، وبعد بحث طويل وقع الاختيار على صلحي ليستلم إدارة هذا المعهد، وقد أزعج هذا الاختيار محبّيه الذين كانوا يفضّلونه أن يتفرّغ للتأليف الموسيقي لا الانشغال بالإدارة، في حين أن صلحي كان يهدف من خلال موافقته على ذلك إلى تأسيس حياة موسيقية في سورية، وهو الذي كان يحزنه الواقع الموسيقي الذي كان قائماً آنذاك في ظل عدم وجود أساس لحياة موسيقية يمكن النهوض بها.

ويؤكد الباحث الشريف أن تأسيس المعهد العالي للموسيقى بدمشق كان حلماً من أحلام صلحي، وقد تحقق بعد جهود كبيرة بذلها بشكل شخصيّ ليحقق بعد سنوات من إدارته له حلماً آخر من خلال تأسيس فرقة موسيقى الحجرة، التي تشكّلت من أساتذة وطلاب المعهد؛ كما توقف الباحث الشريف عند بعض أعمال صلحي الوادي كـ «قصيدة حب»، وهي نوع من المؤلفات الغربية التي تتألف من مجموعة من الألحان، وإن هذه المقطوعة ورغم أن اسمها يوحي بأنها تتحدث عن الحب إلا أن صلحي جمع فيها مأساة الحب والحياة والموت الذي عانى منه كثيراً بفقدانه المتتالي لأمه ووالده وأخته وبعض أصدقائه، فكان عملاً موسيقياً يتحدث عن الصراع الأزلي بين الحياة والموت، وقد ألّفها عام 1972، أما العمل الثاني فهو ثلاثية لحنية (بيانو وكمان وفيولونسيل) أهداها إلى الموسيقي شوستاكوفيتش لتأثره الشديد بهذا الموسيقي الذي شكّل رحيله صدمة كبيرة لصلحي الوادي.

وبدوره يحدثنا الباحث أحمد بوبس عن علاقته الشخصية بالموسيقار صلحي الوادي قائلاً: «تعرّفت عليه في العام 1978، حين كان مديراً للمعهد العربي للموسيقى، فهو يتمتع بدقة في مواعيده وتميز بشخصية غريبة غير مألوفةً بالتزامها بكل شيء في مجتمع كانت تسوده الفوضى وعدم التقيد بالمواعيد»؛ ويذكر الباحث حادثةً تشير إلى مدى احترام صلحي للمواعيد حين لم يسمح في إحدى حفلاته لأحد المسؤولين بالدخول لتأخره، وقام في حفلته التالية بطباعة بطاقات الدعوة على حسابه وقد كتب فيها أن الحفلة تبدأ عندما يحضر المسؤول.

صلحي الوادي قائداً للأوركسترا

وأشار الباحث إلى تفاني صلحي الوادي في حبه للموسيقى التي كانت رسالته الوحيدة في الحياة مع أنه كان ابناً لأكبر أغنياء العراق لأن والده كان رئيس الديوان الملكي وزعيم أحد العشائر، وقد ترك كل شيء وراءه ليختار الموسيقى التي وهب حياته لها، وكان يأتي إلى المعهد الموسيقي في بعض الأحيان في الساعة السادسة صباحاً ليقوم بسقاية النباتات الموجودة على شرفاته إلى حين بدء الدوام فيه، فقد كان يتسم بالجدية في العمل والتفاني فيه، وهو أول من قدم عرضاً أوبرالياً، وقبل وفاته بفترة قليلة كان يستعد لتقديم أوبرا «زنوبيا» في تدمر بعد أن أحضر النوتة الموسيقية من مصروفه الخاص إلا أن المرض داهمه ولم يستطع تحقيق هذا الحلم الذي كان يطمح إليه.

كما ينفي الباحث ما اتُهِم به صلحي الوادي من أنه حارب الموسيقى العربية، وأنه كان ميالاً للموسيقى الغربية، فإن ذلك برأي الباحث نجم عن دراسته للموسيقى الكلاسيكية الغربية وتعمّقه بها فأخلص لها واهتم بخلق حركة موسيقية، في حين أعطى صلاحيات تامة للمسؤولين في القسم الشرقي والمختصين بالموسيقى العربية وكان يدعمهم في هذا الإطار؛ ولعدم وجود موسيقيين قادرين على التدريس، فقد أتى بخبراء من أذربيجان فقامت الدنيا عليه ولاقى عقوقاً من كل الذين خدمهم، ومن بعض المسؤولين، كل ذلك أدى أن يسقط صلحي الوادي على خشبة المسرح وهو يقود الفرقة السيمفونية مصاباً بنزيف دماغي. وختم بوبس كلامه مستعرضاً بعض الصور التي توثق مسيرة الوادي الموسيقية منذ شبابه وحتى مماته.


عبد القادر شبيب - دمشق

اكتشف سورية

Share/Bookmark

مواضيع ذات صلة:

صور الخبر

صلحي الوادي في شبابه

صلحي الوادي في شبابه

صلحي الوادي

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق