الطقطوقة لحنها زكريا أحمد وغناها عبد الوهاب

04 06

قالب غنائي ظهر في نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي

احتضن المركز الثقافي بأبورمانة الجلسة الثانية والستين بعد المائتين لنادي الاستماع الموسيقي في 29 أيار 2008، والذي يقيم جلساته يوم الخميس من كل أسبوع بحضور زواره ومحبيه من الشعراء والموسيقيين والذواقين للموسيقى العربية بإشراف الأستاذ ياسر المالح، الذي لم يدخر جهداً في سبيل تحقيق الغاية الأساسية من مشروعه «نادي الاستماع الموسيقي»، في العمل على نشر وتحقيق ثقافة وذائقة موسيقية أصيلة.
وتعتبر محاضرة اليوم امتداداً للمحاضرة التي سبقتها، حيث تناول السيد المالح «القصيدة» وقالبها الغنائي، مع الاستعانة بالمعجم الموسيقي والبدء بعرض الحرف الأول منه، بمعنى آخر الأغاني التي تبدأ بحرف الهمزة. وهنا يقول المالح: «نحن ملتزمون بما بدأناه في المحاضرة السابقة ومازلنا مقيدين بشيئين: أولهما الحرف، وثانيهما القالب الغنائي. واليوم ننتقل إلى حرف الباء، حيث نتحدث عن القالب الغنائي المسمى "الطقطوقة" والتي هي عبارة عن مذهب ومقطع. يكون لحن المذهب ثابتاً، بدليل أنه يتكرر بعد كل مقطع، وتكون المقاطع أحياناً لحناً واحداً ومقاماً واحداً، وأحياناً أخرى تكون غير ذلك على سبيل التنويع. إذاً تعتمد الطقطوقة على لازمة موسيقية واحدة يليها المقطع الأول، ثم تعاد اللازمة وننتقل إلى المقطع الثاني ثم اللازمة، وبعدها المقطع الثالث ثم اللازمة ليتم بذلك قفل الطقطوقة». ويتابع السيد المالح: «محمد عبد الوهاب الذي يحب التغير دائماً في أعماله حتى في المقطع والمذهب الواحد، يعدُّ من أهم ممن تعاملوا مع الطقطوقة، والغاية إمتاع المستمع وإيصال فكرة تعبير وإحساس معين».
ثم قدم المالح بعض النماذج الغنائية من قالب الطقطوقة والتي تبدأ في مطلعها بحرف الباء، على سبيل المثال: «بين شطين» لمحمد قنديل، «بلد المحبوب» و«بلش تبوسني في عيني» لعبد الوهاب، و«ست الحبايب» و«بيت العز» لفايزة أحمد، و«بتسأليني بحبك ليه» لمحمد عبد المطلب، و«بعدك على بالي» للسيدة فيروز.
وعن قوام الطقطوقة يقول المالح أيضاً: «هي نظمٌ من الزجل، عالجه عدد من الشعراء أمثال بديع خيري، وبيرم التونسي، وأحمد رامي، وحوّله الموسيقار زكريا أحمد إلى غناء في الثلاثينيات من القرن المنصرم. ويمكننا القول أنه من أهم الطقطوقات التي لحنها الشيخ زكريا أحمد "جمالك ربنا يزيدو"، و"ليه عزيز دمعي تذله"، و"اللي حبّك يا هناه"، وأشهر هذه الطقاطيق على الإطلاق "غني لي شوي شوي" التي غنتها أم كلثوم في فيلم "سلامة" عام 1944. بعدها عمد زكريا أحمد إلى تطوير الطقطوقة فجعلها قريبة من المونولوج من حيث اللحن كما فعل بطقطوقة "حبيبي يسعد أوقاته". لم يتوقف زكريا في عمليات تطوير وجعلها سهلة التداول بين الجمهور، فاقترب بها من المنولوج لحناً، لتصبح الطقطوطة من أنجح الأشكال الموسيقية في عصر الأربعينات».
  ويتابع المالح «كان لجانب كبير من المطربين والمطربات المخضرمين وقتها، مثل أم كلثوم وعبد الوهاب، حظٌ في أن يتغنوا بها، وكان الملاحظ أن "اللازمة" الثابتة في الأغنية تعلق في ذهن الجمهور العادي، والتي تتكرر بعد كل "كوبليه" بصرف النظر عن الكوبليهات التي تتوسط اللازمة. من أبرز الطقاطيق في ذلك الوقت والذي حقق شهرة واسعة "يا ورد يا فل يا ياسمينيا"، و"يا عشاق النبي"، و"طلعت يا محلا نورها"، والتي لحّنها الموسيقار سيد درويش الذي تميّز في هذا اللون الغنائي».
ويجد المالح أن «الاختلاف بين الطقطوقة وأي لون موسيقي آخر يأتي من بساطتها، مع أنها من أصعب الأشكال الموسيقية، حيث تشمل مذهب مستقل يتكرر بين المقاطع الغنائية. وعادة تُعرف الطقطوقة بلحن مذهبها، حيث يتم التفرقة بين نجاح الطقطوطة وفشلها بنجاح لحن المذهب. وبالرغم من انحصار فن الطقطوقة عن الأضواء إلا أن هناك طقاطيق لا تزال عالقة بالأذهان حتى وقتنا الراهن مثال "زوروني كل سنة مرة"، و"مادام تحب بتنكر ليه"، ورائعة السنباطي "هقابله بكرة" التي غنتها ببراعة السيدة أم كلثوم ذات الحظ الكبير في غناء الطقاطيق، ومثلها تماماً نال الموسيقار محمد عبد الوهاب حظاً وفيراً من غناء الطقاطيق. فجميعنا نذكر طقطوقة "خايف أقول اللي في قلبي"، و"إجري إجري"، و"لما أنت ناوي"، و"إمتى الزمان"».
ما يجدر الإشارة إليه، أن لفط الطقطوقة أصله «قطقوطة»، ويراد بها الشيء الصغير؛ وفي اللغة العربية معناها الأهزوجة. وظهر هذا القالب في نهاية القرن الماضي ومطلع القرن الحالي، تمتاز الطقطوقة عموماً بسهولة الألحان وبساطة الكلمات.

رياض أحمد

اكتشف سورية

بقية الصور..