أبو عياش ورسلان

25 أيار 2016

.

تستضيف صالة «لؤي كيالي» في دمشق، حتى الثلاثين من الشهر الحالي، معرضاً استعادياً للفنانين«حسان أبو عياش» و«لبيب رسلان» يضم مجموعة مختارة من أعمال المبدعين اللذين تجمع بينهما صداقة شخصية مديدة، وعملٌ مشترك في مجال الديكور، وسجلٌ حافل من الإنجازات الفنية. ويميز بينهما تباين واسع في مفهوم اللوحة التشكيلية.

يشغل «حسان أبو عياش» مساحة مميزة في الحياة الإبداعية السورية بحكم تعدد اهتماماته، ومجالات عمله، التي يدور معظمها في مدى رحبٍ للفن التشكيلي، والتي تمتلك خاصتين أساسيتين في الآن ذاته تمنح تجربته خصوصيتها الفريدة، الأولى منهما استلهامه للتراث الفني المحلي، والثانية تطلعه إلى ما هو حديث ومتجدد في إبداعه التشكيلي..

ولد «حسان أبو عياش» في السويداء عام 1943 من أب سوري وأم لبنانية نقلت إليه موهبتها الفطرية، وشغفها بفن الرسم الذي استحوذ على اهتمامه منذ طفولته. وترسخ هذا الاهتمام أكثر بمشاركاته اللافتة للانتباه في المعارض المدرسية، وصولاً إلى انتسابه إلى كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، وتخرجه من قسم الديكور فيها عام 1965، ليبدأ بعد ذلك عمله الاحترافي كمهندس ديكور في التلفزيون العربي السوري منذ عام 1966، وحتى بلوغه سن التقاعد، بالتزامن مع قيامه بالتدريس في كلية الهندسة المعمارية لمدة خمس وعشرين سنة متواصلة، لكن التقاعد لم يكن ليعني بحال من الأحوال توقفه عن العمل الإبداعي، سواء في مجال اللوحة، أم في مجال عمله كمهندس ديكور. فعلى المسار الأول تابع تجربة بحثه التشكيلي الساعي للمواءمة بين البيئة المحلية ونتاجها الفني من جهة، وبين شغفه بالفن الحديث، وخاصة بفن الخداع البصري، أو ما يعرف بـ (الأوب آرت) الذي يمتلك فيه «أبو عياش» تجربة محلية فريدة، وواحدة من أهم التجارب العربية، أما في المسار الثاني فقد شهدت السنوات الأخيرة إنجازه لمشاريع عملاقة في ديكور الدراما التلفزيونية، إلى حد بناء حارات بأكملها في الاستوديوهات التلفزيونية المفتوحة، والمغلقة.

مثلت كلية الفنون الجميلة منعطفاً حاسماً في مسيرة حياته، فقد صقلت موهبته، ووضعته على أبواب الحياة العملية فناناً موهوباً وقديراً. ومن جهته لم يقيد نفسه في مجال الاختصاص الدراسي كمهندس ديكور، فتابع تجربته التشكيلية المميزة مع فن التصوير الزيتي، وساهم في تصميم مجموعات مهمة من الطوابع البريدية، وكذلك الملصقات الإعلانية، والرموز البصرية، ومنها شعار الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الذي اختزله في برج للإرسال تخرج الموجات منه على شكل زخرفة عربية. وإلى ذلك فقد قدم الرسوم المرافقة لبرنامج تلفزيوني عن أعلام في التاريخ العربي. وكانت له مساهمة مهمة مع تأسيس مجلة «أسامة» حيث قام بنشر سلاسل معرفية وقصصية من إعداده ورسمه، إضافة إلى إنجاز رسوم لنصوص لكتّاب المجلة.

في الجانب الآخر كان «لبيب رسلان» لا يزال طالباً في المرحلة الإعدادية حين بدأت مشاهداته في مدينة حمص توقظ الموهبة الكامنة فيه، لينقل تلك المشاهدات، وبحساسية عالية ظلت ملازمة لتجربته، إلى لوحات. تلتقط ما هو جوهري وأساسي في المشهد الذي تختاره. ثم ليتجه بعد وقت قصير للمزاوجة بين شغفه بالتصوير الزيتي، وعشقه للمسرح، ممهداً بذلك الطريق إلى إنجازه المستقبلي حيث تتوازى فيه إبداعاته في فن التصوير الزيتي، مع إبداعاته في فن الديكور بمجالاته المتنوعة.

لا يبرر أمرٌ اختيار «لبيب رسلان» التخصص في مجال الديكور أكثر من النجاح الذي حققه في الديكور المسرحي والتلفزيوني والسينمائي، إضافة إلى أعمال الديكور التي نفذها في بعض المنشآت العامة. وترتبط باسمه بعض من أهم الأعمال الفنية، ففي المسرح هناك ديكورات مسرحيات: «حفلة سمر من أجل5 حزيران»، «رأس المملوك جابر»،«الفيل يا ملك الزمان»و«شقائق النعمان». وفي السينما ديكورات أفلام: «السكين»، «المخدوعون»«أحلام المدينة»، «كومبارس»، «المتبقي»، «ترحال». وفي التلفزيون ديكورات مسلسلات: «أسعد الوراق»، «مذكرات حرامي»،«حارة القصر»،«أبو كامل»، «هجرة القلوب إلى القلوب»«خان الحرير», «عائد إلى حيفا»، «قرن الماعز»، وسواهم الكثير..

يمثل «لبيب رسلان» اليوم تجربة إبداعية متجددة العطاء، وفي الآن ذاته إرثاً إبداعياً ثرياً سواءً في مجال فن التصوير الزيتي حيث تمتلك لوحته خصوصية مميزة ومحببة، وشفافية تترجم طبيعته الشخصية، أو في مجال الديكور الدرامي حيث تعبّر الجوائز التي نالتها عدة أعمال، عن بعضٍ من تقدير وفير تستحقه إبداعاته.

في الندوة التي تلت افتتاح المعرض قال أحدهم: «إن إقامة هذا المعرض يكفي لوحده مبرراً لوجود هذه الصالة»، فعقب «لبيب رسلان»:
«إن إطلاق اسم «لؤي كيالي» على هذه الصالة هو سبب أساسي لإقامة معرضنا فيها».


سعد القاسم

صفحة الإعلامي سعد القاسم على الفيسبوك

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق